يعتقد المصاب بمرض عقلي، الذي يقصد مختصا نفسانيا، أن الكلام يمكنه أن يشفيه من أعراض مرضه، ومنها الهلوسة والهذيان والتخيلات وحتى القلق والهوس والاكتئاب والانهيار...الخ، وتقول السيدة صليحة زهرة مختصة نفسانية بأن أغلب المترددين على الطب النفسي يعانون أعراض مرض عقلي ما، 90% منهم يتم تحويلهم مباشرة إلى الاستشارة المتخصصة بغرض الوصول إلى تحقيق الاستقرار في الحالة المرضية وإنقاذهم من الجنون. وتُحلل المختصة بمصلحة الطب العقلي في المؤسسة العمومية للصحة الجوارية ببرج منايل، سلوك المريض العقلي، فتقول؛ إن الذي يقصد المختص النفسي يكون واعيا إلى حد كبير بأنه يعاني من اضطرابات معينة، كالقلق المتواصل غير المؤسس أو اضطراب النوم، أو الخوف من النوم، أو تراوده أفكار سلبية من قبل "لا أحد يحبني"، أو"لماذا أعيش، الموت أحسن لي؟"، أو حتى تنتابه نوبة بكاء طويلة لا نسمع منه سوى بعض الكلمات فقط. وتضيف المتحدثة أن أغلب الحالات المرضية تتراوح أعمارها بين 23 إلى 50 سنة ومن الجنسين، موضحة أن أغلب المرضى من الرجال يعانون إما من تبعات الإدمان أو القلق الحاد أو الفصام العقلي، فيما تتقاسم النساء في الغالب حالات الهستيريا والوسواس القهري. كما توضح أن الذين يصلون إلى الطب النفسي واعون بأنهم يعانون من "اختلال" ما ويعتقدون أن الكلام فقط يمكنه علاجهم، وتقول: "نقصد هنا الحديث إلى شخص من خارج العائلة أو المحيط، حتى أن كل الحالات لا تبدأ حديثها معنا إلا بعد سؤالنا: هل أنت من هنا؟ أي يريدون الارتياح من كون المختص النفسي أو حتى الطبيب المختص يقطن خارج المدينة التي يقطنون فيها، فيرتاحون أكثر، ظنا منهم أن الطبيب القادم من بعيد لن يفضح أمرهم بأنهم مرضى نفسيون أو مرضى عقليون". وفي هذا السياق، تشرح المختصة النفسانية أن المريض العقلي عموما يعاني من نظرة المجتمع السلبية له والتي قد تعيق في المقام الأول العملية العلاجية ومن ثمة الإدماج الاجتماعي، حيث تساهم في انتكاسة حالته الصحية بسبب غياب الدور الأسري في العلاج بسبب الفهم الخاطئ للمريض العقلي أو جفاء الأهل تماما، بل إن الواقع-حسب المتحدثة - يشير إلى أن شريحة كبيرة من المجتمع على اختلاف مستوياتهم الثقافية والاجتماعية ما تزال نظرتها تجاه المريض النفسي أو المريض العقلي دونية فيها الكثير من الازدراء والاحتقار، فما بالك بالمريض العقلي الذي قد يكلم نفسه أو يضحك من دون سبب، ويبدو غالبا مهملاً لمظهره الخارجي ولا يعتني بنظافته الشخصية...الخ، يتحاشونه ويهربون منه، لذلك أعتقد أن المسؤولية ملقاة على الإعلام الذي عليه أن يعمل على تغيير هذه النظرة السلبية بتوعية المجتمع عموما حول هذه الأمراض»، تقول المختصة، موضحة أن الأسرة التي تنكر أو تتجاهل وجود مريض عقلي، ينتابها خوف من الفضيحة، إنما تزيد الأمر سوءا، فقد يخرج الوضع عن السيطرة، وفي المقابل، تقبل المريض والعمل على علاجه مبكرا يمكن من استقرار حالته المرضية بشكل كبير، بالتالي النجاح في إدماجه الاجتماعي.