امتزجت بقاعة "أحمد باي" (الزينيت)، نسائم جبال الونشريس برمال حمادت تانزروفت وفقارات تيميمون، فكانت الصدفة أن اجتمعت الولاية رقم 1 بالولاية رقم 2 في التقسيم الإداري الجزائري على تراب الولاية رقم 25، فكانت مدينة الجسور بمثابة الوصل الذي ربط شمال الجزائر المطلّ على المتوسط بجنوبها المطل على الصحراء الشاسعة، في أسبوع ثقافي هو الثالث من نوعه في إطار فعاليات "قسنطينة عاصمة الثقافة العربية". تعرّف الجمهور القسنطيني على أهم عادات وتقاليد المدينتين، خلال افتتاح المعرض الخاص بالموروث الثقافي المادي وغير المادي لأدرار والشلف، تقديم العديد من اللوحات الفنية والطبوع المحلية التي تعكس الحياة اليومية بالولايتين على غرار تقاليد العرس و"الحنة"، وشارك في تنشيط هذا الحفل العديد من الفرق بعروض فلكلورية على غرار "الزرنة" للأفراح، "عطاطفة الخيالة" من الشلف، وكذا "الحضرة" من تمنطيط، "أثران قورارة" و«الزمار" من أدرار، كما تمّ عرض الحلويات التقليدية والمأكولات الشعبية والألبسة التي تميز كلّ منطقة. كما تمّ عرض العديد من اللوحات الفنية على غرار معرض الفنون التشكيلية، معرض التراث والمعالم الأثرية (الحقيبة المتحفية)، التحف الفنية، النقش على الخشب، الدرهم الفاطمي، المخطوط والإصدارات، صناعة الجلود وسعف النخيل، صور قديمة، والفقارة. واستمتع الجمهور بوصلات فنية دامت قرابة الساعة والنصف، استهلتها فرقة "الهشماوية" من الشلف، بقيادة المطرب بن رابحة، الذي أدى مجموعة من الأغاني للمرحوم الهاشمي قروابي، على غرار "شهلت لعياني" و«البارح كان في عمري 20"، تلتها فرقة "أبطال الشلف" (نالت المرتبة الأولى حسب الفرق في مسابقة "ألحان وشباب" موسم 1981، ومثلت الجزائر في العديد من المحافل الدولية)، إذ أدّت عددا من الأغاني على غرار "مرحبا بكم في الجزائر يا أشقاء ويا رفقاء" و«مشى القمر وتاس وطال غيابو"، ثم جاء دور "أنغام الشلف" البدوي بقيادة الفنان عماري بن دنيا، وكان النصف الثاني من الحفلة لولاية أدرار، التي استهلتها بجوق دار الثقافة المشكّل من أبرز الفنانين بعاصمة الفقارات، على غرار العابدي مبروك، بلحاج علي والفنانة تنهول، تلتها فرقة "أهل الليل" الممثّلة بجمعية "إثران قورارة" للثقافة والإبداع التي قدّمت لوحتين فنيتين لطابع أهليل، هذا الطابع الأمازيغي المعروف بمنطقة قورارة بتيميمون والمسجّل ضمن التراث المادي العالمي، حيث أدّت وصلة غنائية جماعية كالتي تقدّم في الصحراء. وسيعرف الأسبوع الثقافي للولايتين، تقديم العديد من المحاضرات، على غرار "البعد الصوفي في منطقة الشلف ودوره في تعزيز الهوية الوطنية" للأستاذ محمد عزة، "أقاليم توات، تاريخ وحضارة" مع الدكتور أحمد جعفري، "أضواء عبر تاريخ جيش التحرير الوطني بمنطقة الشلف بين الونشيريس والظهرة"، "أعلام ومعارك شهادة وتطلبات بالمنطقة" للأستاذ بوقرة الطيب، "طريقة تقسيم مياه الفقارة" مع الأستاذ عبد الله اسماعيلي، و«أعلام توات" مع الأستاذ الدكتور أحمد جعفري. كما سيتم تنظيم عدد من الأمسيات الشعرية، ينشّطها بكاكشة معمر، علي حاجي نوال، طياب محمد، شيون عبد النور، عبد القادر أعبيد، على أن تنشط حفل الاختتام جمعية "أبطال الشلف"، "العثمانية للطرب الأندلسي"، وجوق دار الثقافة مع الفنانين العيادي مبروك، بلحاج علي ونينهول. وفي هذا السياق، أكّد سليمان أريدن، مدير الثقافة لولاية أدرار، أنّ أدرار كغيرها من ولايات الوطن تسعى لإنجاح تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، وقال "جئنا إلى عاصمة الشرق الجزائري، بخيرة فنانينا الناشطين في مجال الحفاظ على التراث الفني، كما سنقدّم مجموعة من المحاضرات، يؤطرها أساتذة ودكاترة مختصون في التاريخ والأدب، من أجل أن نبرز مدى التنوّع الذي تزخر به الجزائر". من جهته، أوضح محمد الميلي، مدير الثقافة لولاية الشلف، أنّ الولاية حضرت بوفد ثقافي متميز للمشاركة في فعاليات هذا العرس العربي، بتقديم معارض مختلفة من لباس تقليدي، تحف فنية، مأكولات شعبية وغيرها، كما ستنشط الفرق العديد من الحفلات للفن الغيواني، الزرنة، الشعبي والأندلسي، إلى جانب قراءات شعرية ومداخلات حول معالم وتراث ولاية الشلف". وأشار سمير مفتاح، مدير الإعلام بالديوان الوطني للثقافة والإعلام، إلى أنّ الديوان أراد نقل ثالث أسبوع ثقافي يخصّ ولايات الوطن في إطار تظاهرة عاصمة الثقافة العربية، من قصر الثقافة "محمد العيد آل خليفة" بوسط المدينة، إلى قاعة "أحمد باي"، حتى يتمكّن الجمهور القسنطيني وسكان الشرق بصفة عامة من الاستمتاع بهذا المرفق الثقافي الضخم الذي حتما سيكون أكثر راحة للعائلات التي أبت إلا مشاركة ضيوف المدينة والتقاسم معهم موروثهم الثقافي.