جدّد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة التزامه بتكثيف برامج التنمية الوطنية من أجل الاستجابة لكافة الاحتياجات الاجتماعية للجزائريين، ولا سيما منها تلك المرتبطة بالسكن والصحة والتكوين والتشغيل. وتوعد الفساد بحرب شرسة سلاحها سيف القانون، متعهدا في الوقت نفسه، بحماية المواطنين من كل أشكال الظلم والإقصاء الاجتماعي، عبر تجنيد كافة موارد الدولة وتعزيز دولة الحق والقانون بالتواتر ومواصلة الإصلاحات التي ستتوَّج عما قريب بمراجعة الدستور. واغتنم الرئيس بوتفليقة فرصة مخاطبته الجزائريين في رسالته إلى الأمة بمناسبة عيدي الاستقلال والشباب المصادف للخامس جويلية، ليبرز بعض الحقائق والمكتسبات التي تعبّر عن واقع معيش بلغته الجزائر بفضل الجهود الكبيرة المبذولة في الميدان خلال السنوات الأخيرة، والتي لا يمكنها إلا أن تكون مبعثا للاعتزاز بالنسبة لكافة أفراد الشعب الجزائري، الذي يحيي الذكرى ال53 لاستعادة سيادته الوطنية وبلاده تنعم بكامل معالم السلم والأمن والاستقرار والرقي الاقتصادي والاجتماعي. ذلك ما دفع بالرئيس بوتفليقة إلى اعتبار هذه الحقائق كفيلة بتقوية الاعتزاز المشروع للشعب الجزائري بما تحقق له من مكتسبات، والتخفيف من وطأة الانتظار لدى بعض المواطنين، الذين مازالت بعض احتياجاتهم الأساسية تنتظر التلبية، في رسالة تطمين، أراد منها تجديد التزام الدولة بالمضيّ قدما في برامجها التنموية من أجل التكفل باحتياجات كافة مواطنيها بدون إقصاء. كما سعى الرئيس بوتفليقة من خلال رسالته، إلى دفع البعض ممن غلبهم اليأس وثبّطت عزيمتهم الخطابات التشاؤمية، لمقاومة هذه الوضعية والثقة في الدولة التي لن تحيد، على حد تأكيده، عن مسار دعم التنمية عبر كافة جهات الوطن، إلى غاية الاستجابة لكافة احتياجات مواطنيها المتصلة بالسكن والصحة والتكوين. وإذ اعترف بأن الفساد آفة تطال الجزائر مثلما تطال باقي دول العالم، تعهّد الرئيس بوتفليقة بمواصلة الحرب على هذه الآفة بالارتكاز على سلاح القانون، مشيرا إلى اعتراف الهيئة الأممية المختصة في متابعة تنفيذ الاتفاقية الدولية للوقاية من الفساد ومحاربته، بالجهود التي تبذلها الجزائر في هذا المجال. وأكد أن الجزائر لن تكون أبدا فضاء للظلم أو الإقصاء الاجتماعي بفضل الموارد والوسائل التي تعبّئها لمحاربة هاتين الظاهرتين، مذكرا في هذا الصدد بأن التحويلات الاجتماعية المقتطعة من ميزانية الدولة تُعتبر تحويلات لا نظير لها عبر العالم أجمع، فيما تشمل السياسة التنموية العمومية التي تنتهجها الدولة وتسهر على تنفيذها الحكومة في الميدان، سائر أرجاء البلاد بدون إقصاء أو تهميش أية جهة، وذلك توخيا للتوازن التنموي، وإحقاقا للعدالة الاجتماعية التي تُعد إحدى أبرز مقومات الدولة الجزائرية. وأشار رئيس الجمهورية في نفس السياق، إلى أن تعبئة القدرات الاقتصادية الوطنية العمومية والخاصة وتضافرها مع إسهام الشراكة الأجنبية، سيلبّي ما هو قائم من طلبات التشغيل في كافة القطاعات عبر سائر التراب الوطني، ولا سيما تلك الصادرة من الشباب. كما التزم في الوقت نفسه بمواصلة تعزيز دولة الحق والقانون، وذلك بالتواتر مع دعم مسار الإصلاحات السياسية في جميع المجالات، وتتويجه بعملية المراجعة الدستورية التي بلغ مشروعها مرحلة الإعداد النهائي. وعاد رئيس الجمهورية لتذكير الجزائريين بالفترة الصعبة التي يمر بها الاقتصاد الوطني، بفعل ما تواجهه البلاد حاليا من انهيار في أسعار المحروقات، مذكرا بأن هذا الوضع يؤثر سلبا على المداخيل الخارجية للدولة، ويستدعي انتهاج المزيد من الترشيد في تسيير الموارد المالية العمومية، من أجل اجتياز الاضطراب الاقتصادي العالمي بسلام، غير أنه لم يتوان في توجيه رسالة تطمين إلى الشعب الجزائري، مفادها بأن بلادهم تملك من المؤهلات والقدرات ما يمكّنها من تخطي هاته الوضعية الصعبة بنجاح، مشيرا في هذا الصدد إلى ما اجتمع لدى الجزائر من احتياطات الصرف وتوفرها على قدرات اقتصادية هامة، تقتضي التثمير أكثر فأكثر، فضلا عما تزخر به البلاد من طاقات شبانية كفأة ومتكونة، قادرة على مغالبة تحديات العصر في مجالي التكنولوجيا والتنافسية. وتعهّد رئيس الدولة بالعمل على تحرير هذه المكتسبات من إكراهات البيروقراطية، وجعلها في مأمن من آفات الغش التي تكلّف الخزينة العمومية الكثير، "وتُعد ألد عدو للاستثمار الاقتصادي النزيه"، مؤكدا أن مواصلة التنمية وتثمين القدرات الوطنية تتطلب مناخا وطنيا مستقرا وعقولا وقلوبا رصينة، كما تستدعي الابتعاد عن عراقيل التوجهات المتزمتة. وذكر في هذا الخصوص بأن العالم حافل بأمثلة البلدان التي تقاسم الجزائر بعض المرجعيات الإيديولوجية، غير أنها اليوم تفرض نفسها كقوى تنتهج اقتصاد السوق بفضل تعبئة القدرات الوطنية والاعتماد على الشراكة الأجنبية. من جانب آخر، حذّر الرئيس بوتفليقة من عودة الخطابات الشعبوية والديماغوجية والتطاول على القانون، والتي كانت قد تسببت للجزائر في مأساة وطنية، وكلّفتها وشعبها وديمقراطيتها ثمنا باهظا، داعيا الجزائريين إلى استخلاص العبر من تلك التجارب الوخيمة، والعمل على تقوية الممارسة الديمقراطية، وتغذية التعددية السياسية والجمعوية والنقابية من خلال التناظر النبيل حول البرامج. كما اغتنم الفرصة ليوجه بالمناسبة رسالة إلى الطبقة السياسية في البلاد، أعرب فيها عن تقديره للدور الذي تؤديه المعارضة السياسية في كنف مراعاة أخلاقيات الديمقراطية، فيما طالب الأحزاب المساندة لبرنامجه، بالعمل على ترقية هذا البرنامج في إطار نقاش ديمقراطي، يزرع الأمل ويستقطب الدعم والتأييد ما ينبغي بذله من جهود، فيما دعا رئيس الجمهورية في الأخير، كافة الجزائريين على اختلاف مشاربهم السياسية، إلى الإسهام في مواصلة بناء الجزائر عاما بعد عام، والارتقاء بها إلى مستوى طموحاتهم وتطلعاتهم ومستوى الغاية التي استشهد من أجلها الشهداء.