أكدت الجزائر التزامها بتطبيق الاستراتيجية الأممية الخاصة بمكافحة الإرهاب على المستوى الوطني، وانتقدت من جهة أخرى الانتقائية التي تمت بواسطتها تطبيق هذه الاستراتيجية من خلال تفضيل بند المكافحة ودعم جهود الأممالمتحدة وإهمال الجانب الخاص بمعالجة أسباب انتشار الإرهاب. واستعرضت الجزائر، أول أمس الخميس، في اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة خصص لمناقشة الاستراتيجية الأممية لمكافحة الإرهاب جهودها في مجال مكافحة ظاهرة الإرهاب، والخطوات التي تمت تجسيدها في الجزائر في إطار تنفيذ جميع بنود الاستراتيجية. وأشار ممثل الجزائر الدائم لدى الأممالمتحدة، السيد مراد بن مهيدي، الذي خلف مؤخرا فقط السيد يوسف يوسفي في هذا المنصب، الى التزام الجزائر بتطبيق الاستراتيجة الأممية على المستوى الوطني وأوضح "أن الجزائر رحبت بمصادقة الدول الأعضاء في الأممالمتحدة على الاستراتيجية، كما شاركت في عملية التفكير التي أطلقتها بعض الدول الأعضاء لتجسيد هذه الاستراتيجية والمساعدة على توضيح أحكامها بشكل أفضل وإعادة تنقيحها". وأضاف أن الحكومة الجزائرية التزمت مع فوج العمل الخاص بتقديم تجربتها في مجال مكافحة الإرهاب والتحريض عليه وخصوصا عبر الأنترنت، وساهمت بطريقة عملية في تقديم اقتراحاتها في هذا الشأن. وفي هذا السياق كشف السيد بن مهيدي عن استغلال السلطات الجزائرية ضمن عمل هذا الفوج الاممي لتجربة بعض التائبين. ويذكر أن الدول الأعضاء في الأممالمتحدة ال192 اعتمدت في 8 سبتمبر 2006 "استراتيجية الأممالمتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب"، وتعتبر هذه الاستراتيجية بمثابة قرار وخطة عمل تدعم الجهود الوطنية والإقليمية والدولية الرامية إلى مكافحة الإرهاب. ويعد ذلك الاتفاق الأول من نوعه الذي يتم التوصل إليه على مستوى الأممالمتحدة. وتطالب الجزائر منذ ذلك التاريخ بضرورة الإسراع في وضع تعريف دقيق للإرهاب مع الأخذ بعين الاعتبار مسألة التفريق بين العمليات الإرهابية وحق الشعوب في الدفاع عن نفسها. ومن جهة أخرى، ذكر الدبلوماسي بن مهيدي باحتضان الجزائر في مارس الماضي مؤتمرا دوليا لعائلات ضحايا الإرهاب يعد الأول من نوعه، حيث مكّن عدد من المسؤولين والخبراء والجهات الفاعلة في المجتمع المدني من تبادل الخبرات حول كيفية تقديم المساعدة والرعاية النفسية والاجتماعية لضحايا الإرهاب. وكانت الجزائر احتضنت يومي 22 و23 مارس من العام الجاري الملتقى الدولي الأول حول : الإرهاب "استئصال الظاهرة قضية الجميع" أكد خلاله المشاركون على ضرورة إشراك المجتمع المدني في محاربة الظاهرة وعدم ترك الحكومات تواجهه وحدها. وعلى صعيد آخر، انتقد ممثل الجزائر الدائم لدى الأممالمتحدة الانتقائية المعتمدة في تطبيق الاستراتيجية الأممية لمكافحة الإرهاب من خلال منح أهمية خاصة للبند المتعلق بوضع تدابير مكافحة الإرهاب وتعزيز قدرات الدول للحد من انتشار الظاهرة وكذا تعزيز دور منظمة الأممالمتحدة في هذا الصدد، وذلك على حساب بندين آخرين وهما التدابير الرامية إلى معالجة الظروف المؤدية إلى انتشار الإرهاب والتدابير الرامية إلى ضمان احترام حقوق الإنسان للجميع وسيادة القانون بوصفه الركيزة الأساسية لمكافحة الإرهاب. وللإشارة، فإن جلسة أول أمس الخميس خصصت لاستعراض نتائج تنفيذ استراتجية الأممالمتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب التي تم إقرارها في سبتمبر 2006 وللنظر في مشروع قرار خاص باستراتيجية الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب. وعرفت الأشغال تدخل ممثل 34 دولة من بينها الجزائر إضافة الى تدخل الأمين العام الأممي السيد بان كي مون، ورئيس الجمعية العامة السيد سيرغخان كيريم إضافة الى ممثل عن الاتحاد الأوروبي وإمارة موناكو وكذا بعض المنظمات المعنية بمحاربة الإرهاب. وفي كلمته، أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون على أهمية التعاون الكامل من أجل القضاء على هذه الآفة الخطيرة وذلك من خلال التحلي بالمنطق الاستراتيجي والاستباق في اتخاذ الإجراءات. ودعا في هذا الإطار الدول الأعضاء الى تقديم مبادرات لمكافحة الظاهرة ومساعدة الدول التي لا تملك إمكانيات باعتبار أن هزم الإرهاب بحاجة الى تعاون متعدد الأطراف. وذكّر السيد بان كي مون بالاعتداءات الإرهابية التي استهدفت في 11 ديسمبر الماضي مقر الأممالمتحدةبالجزائر وخلّف عشرات القتلى، مجددا تنديده بتلك العمليات. وبعد أن أشاد بالخطوات الإيجابية التي اتخذت منذ اعتماد الاستراتيجية سنة 2006، أكد بأن "هناك المزيد مما يجب عمله وبخاصة تكثيف جهود المجموعة الدولية".