يقدم السيد محمد كمال رزاق بارا مستشار رئيس الجمهورية ورئيس الوفد الجزائري المشارك في الملتقى حول ضحايا الإرهاب الذي تنظمه منظمة الأممالمتحدة غدا الثلاثاء بمقرها بنيويورك، عرضا حول السياسات العمومية المنتهجة من قبل الدولة للتكفل بضحايا هذه الآفة وكذا جهود التضامن الوطني التي أقرتها الجزائر لصالح هذه الفئة من خلال تطبيق ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وسيعرض السيد بارا خلال هذا اللقاء الذي بادر إلى تنظيمه الأمين العام الأممي السيد بان كي مون تحضيرا لافتتاح الدورة ال61 للجمعية العامة للأمم المتحدة، حصيلة عن الخسائر التي تكبدها الجزائريون المدنيون منذ بداية العشرية الحمراء، وما بذلته الدولة من جهود لمساعدة الضحايا ومساندتهم وتعويضهم وإعادة الاعتبار لهم. ويشمل العرض أيضا مختلف عمليات التضامن الوطني التي لا زالت جارية لحد الآن في إطار المتابعة النفسية والاجتماعية لمختلف فئات الضحايا، إلى جانب تسليط الضوء على النتائج المحققة في إطار مسعى إقرار السلم وإعادة الانسجام الإجتماعي من خلال تطبيق الميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية الذي زكاه الشعب في استفتاء 29 سبتمبر 2005، ودخل حيز التطبيق في مارس 2006 . مع الإشارة إلى أن مصادر مسؤولة قدرت إجمالي نفقات التكفل بالفئات المعنية بميثاق السلم والمصالحة الوطنية، بقرابة 90 مليار دينار، وذلك بعد معالجة 7 آلاف ملف معني بالعملية. ويحضر هذا اللقاء الأممي الأول من نوعه خبراء أمميون وممثلون عن الهيئات الدولية المختصة، وممثلي وسائل الإعلام ومنظمات وجمعيات ضحايا الإرهاب من مختلف الدول، على غرار المنظمة الوطنية للضحايا الإرهاب بالجزائر، التي بادرت في مارس الماضي إلى تنظيم أول ملتقى دولي حول دور المجتمع المدني في مكافحة الآفة، والذي دعا خلاله رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، مؤسسات المجتمع المدني إلى الانخراط في الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب، مؤكدا بأن استئصال الإرهاب قضية مجتمع ومكافحته تقتضي إلى جانب الإجراءات والوسائل القسرية تسخير موارد المجتمع ووسائل الإعلام وتعاون دولي صادق ومتعدد الأشكال. وينتظر أن يخرج المشاركون في الملتقى الأممي بتوصيات، لدعم مهام التكفل المادي والمعنوي بالمشاكل التي تعاني منها هذه فئة ضحايا الإرهاب الأعمى، ولاسيما منها المشاكل الاجتماعية والصحية والنفسية، وكذا العمل على دمج ضحايا الإرهاب في مجتمعاتهم بعد الصدمات الخطيرة التي تعرضوا لها جراء اغتيال أبنائهم أو ذويهم وما ترتب عن ذلك من آثار نفسية واجتماعية. ويتناول اللقاء بالدراسة والنقاش معاناة ضحايا الإرهاب عبر مختلف مناطق العالم التي مستها هذه الآفة الخطيرة العابرة للحدود، حيث تعرض بعض الدول المشاركة ومن بينها الجزائر تجربتها في مجال التكفل بضحايا الإرهاب، وذلك بهدف المساعدة على التصدي للظروف التي تساعد على تنامي ظاهرة الإرهاب، مع إبراز الكلفة البشرية لهذه الآفة ومنح الدول الأعضاء والضحايا والمجتمعات المدنية بوجه عام إمكانية جمع معطياتهم في مجال الخبرات المتعلقة بمساندة الضحايا. كما يهدف الملتقى أيضا إلى مباشرة حوار بين الضحايا والخبراء حول أفضل الحلول التي يمكن تقديمها لهم. وكان الأمين العام للأمم المتحدة قد أكد في رسالة لجمعيات ضحايا الإرهاب في الدول المعنية مباشرة بهذه الآفة والمدعوة للمشاركة في ملتقى نيويورك، بأن الإستراتيجية الدولية لمكافحة الإرهاب المعتمدة في 8 سبتمبر 2006، بعد المصادقة عليها بالإجماع من قبل الدول الأعضاء في منظمة الأممالمتحدة، تجعل من مساندة ضحايا الإرهاب والوقوف إلى جانبهم واجبا دوليا، وعملا جماعيا ينبغي أن يسهم الجميع في إنجاحه، وشدد بالمناسبة على ضرورة تقديم المساعدة غير المشروطة لضحايا الإرهاب والاهتمام بهم، بشكل يساعد على حسن إدماجهم في المجتمع الذي يشكلون جزء منه. وتجدر الإشارة إلى أن أشغال الدورة ال61 للجمعية العامة للأمم المتحدة ستعكف بشكل أساسي على مراجعة الاستراتيجية الشاملة للمنظمة الأممية لمكافحة الإرهاب. وإذ يصادف تنظيم هذا الملتقى الأممي حول ضحايا الإرهاب، إحياء العالم للذكرى السابعة لتفجيرات 11 سبتمبر 2001، فإنه يتزامن أيضا مع تأكيد الجزائر نهاية الأسبوع المنصرم في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة التزامها بالإستراتيجية الدولية لمكافحة هذه الآفة التي لا تعترف بالقيم ولا بالأعراف. مع التذكير بأن الجزائر التي شاركت في مختلف الورشات وأفواج العمل التي تم تنظيمها في إطار المساعي الأممية لمحاربة الظاهرة، تطالب بضرورة وضع تعريف دقيق للإرهاب مع الأخذ بعين الاعتبار مسألة التفريق بين العمليات الإرهابية وحق الشعوب في الدفاع عن نفسها وأوطانها. كما انتقدت الجزائر على لسان ممثلها الدائم بالأممالمتحدة السيد مراد بن مهيدي الانتقائية المعتمدة في تطبيق الإستراتيجية الأممية لمكافحة الإرهاب من خلال منح أهمية خاصة للبند المتعلق بتدابير مكافحة الإرهاب وتعزيز قدرات الدول للحد من انتشار الظاهرة وتعزيز دور الأممالمتحدة في هذا الصدد، وذلك على حساب البندين المتعلقين بالتدابير الرامية إلى معالجة الظروف المؤدية إلى انتشار الإرهاب والتدابير الرامية إلى ضمان احترام حقوق الإنسان للجميع وسيادة القانون بوصفه الركيزة الأساسية لمكافحة الإرهاب.