بعد انقطاع طويل دام عشرين عاما، عادت مجلة "الدوحة" الثقافية الصادرة عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث القطري للظهور في حلة جديدة ومواضيع ثرية، مختارة الفاتح من نوفمبر تاريخا لعودتها· المجلة اختارت لعدد العودة مجموعة من المواضيع الهامة والثقيلة التي استهلتها بحديث للشاعر الكبير أدونيس الذي استحسن انصراف العرب عن الشعر واتجاههم للرواية والسرد، مؤكّدا أنّ المشكلة اليوم تكمن في أنّ العالمية هي التي تحوّلت إلى ثقافة وليس العكس· ومن أهم المواضيع التي اقترحها العدد أيضا حوار مع وزير الثقافة المصري فاروق حسني الذي أكّد أنّه لن يحزن إذا لم يصل إلى اليونسكو، مطالبا بضرورة التفرقة بين موقفه كرجل قومي من التطبيع مع إسرائيل وكمسؤول في منظمة دولية··· فاروق حسني نادى في حواره أيضا إلى ضرورة تثقيف السياسة لا تسييس الثقافة، مفنّدا بالمقابل أن يكون قد همّش المثقفين في عهدته الوزارية لأنّ لا أحد يستطيع تهميش المثقف ذي الصوت المسمع على حد تعبيره، كما رفض حسني الخوض في مسألة إقالة الموظفين المسؤولين عن نشر رواية توفيق عبد الرحمان "قبل وبعد" و"أبناء الخطأ الرومانسي" لاياس شعبان و"أحلام محرّمة " لمحمود حامد، مشيرا إلى أنّه حذّرهم مسبقا من تكرار خطأ "وليمة أعشاب البحر" لحيدر حيدر· إلى جانب حوار فاروق حسني، ضمّت المجلة حوارا ثانيا مع الروائي البرازيلي الشهير باولو كويللو صاحب "حاج كوميوستيلا" و"الخيميائي" و"11 دقيقة " التي تعدّ من بين أعلى الكتب مبيعا في العالم، الروائي أكّد أنّ أمريكا اللاتينية والعالم العربي متشابهان في الفقر والفساد، وأنّ وراء الحديث عن حوار الحضارات أهداف مريبة و"بيزنس"· وفي بوابة "مقالات وبحوث"، أوردت المجلة مقالا للدكتور حسن حنفي عنوانه ب" أئمة قريش أو ضباط الجيش: "المجتمع المدني بين التصور الإسلامي والمفهوم الغربي"، تناول فيه حنفي أحد المفاهيم الأكثر شيوعا اليوم وهو "المجتمع المدني" وما يتعلّق به من توابع ك "حقوق الإنسان" و"حقوق المرأة" والأقليات والتحوّل الديمقراطي، مشيرا إلى أنّها مجرد عناصر من برنامج كامل يصدّر إلينا من الخارج من أجل إبعاد الفكر عن برنامجه الخاص وإبداعه ومفاهيمه وتصوّراته التي تعبّر عن مرحلته التاريخية مثل التحرّر والنهضة والثورة والإصلاح والتّغير الاجتماعي والنقد الذاتي والثقافة الوطنية والاستقلال· في نفس الباب، اقترحت المجلة عددا من المقالات عالجت علاقة النفط بالتغيّرات الثقافية في الخليج العربي وإشكالية الثقافة بين صمت الغرب وكلام الشرق، ووضع الرواية بين الذاكرة والنسيان للكاتب التشيكي ميلان كونديرا· قضية العدد خصّصتها المجلة إلى الأنثى المبدعة أو ما يعرف بالأدب النسوي في مجموعة من المقالات كتبت بأقلام نسوية تناولت "خروج المرأة من نفق أدب المقهورات إلى "الرواية"، "صوت البنات··· شهرزادات معاصرة"، "كتابات بلا حدود أخرجت المرأة من الخزانة الضيقة التي حشرت فيها"، "اللغة المستعارة، قلة من النساء يكتبن وفق قاموسهن الخاص"، ليختم الملف حديثه بتغير فرضية أن يكون الرجل من يكتب المرأة هي التي تحكي في مقال بعنوان "جسد واحد"· من نافدة "أسفار" طارت بنا المجلة إلى مدينة الحب والجمال، الموسيقى والعلم وكذا جوائز نوبل ···"فيينا"، لتحط بنا في رصيف "شخصيات" عند حامل جائزة نوبل للأدب الكاتب التركي أورهان باموك، وتفتح صفحات "كتاب الشهر" على رواية "قبلة يهوذا" لأوبير برولونجو· عدد العودة اشتمل أيضا على حديث حول العبقري النحيل "محمد القصبجي" في مقال عنوانه "أربعون عاما على غياب شيخ التجديد في الموسيقى العربية"، كما كان فضاء مفتوحا لجمع فسيفساء من الإبداعات القصصية والشعرية زيادة على محطات وأخبار ثقافية في "شارع الثقافة" يتقدّمها مهرجان الدوحة الثقافي، و"صفحات مطوية" جمعت شظايا مقالات من صنعوا للفكر العربي مجده·