أطل العدد الثاني من مجلة "آمال" التي شرعت في إصدارها وزارة الثقافة منذ السنة الماضية، وقد اكتسى الوليد الجديد حلة أنيقة جميلة ليفرد صفحاته هذه المرة على الأدب النسائي في الجزائر. خصصت المجلة في عددها الثاني هذا مساحتها الممتدة على طول على 176 صفحة إلى قلم الجنس اللطيف تحت عنوان كبير هو "نون النسوة في الأدب الجزائري.." تفرعت منه العديد من المواضيع عبر مختلف أبواب المجلة. وقبل ذلك اتخذت المجلة مقطعا من الخطاب الذي ألقاه رئيس الجمهورية بمناسبة السنة القضائية 2008 - 2009 وأشاد فيه بدور المرأة، توطئة استهلت بها الحديث عن عالم الكتابة النسائية أتبعته بكلمة للمسؤولة الأولى عن قطاع الثقافة في الجزائر السيدة خليدة تومي أكدت فيها أنه "لولا الثائرات المجاهدات المناضلات الماجدات لما كان يمكن لها أن تكون"، مضيفة أنها ابنة الحرية حفيدة أولئك النسوة اللواتي أبدعن عبر العصور"، وزيرة الثقافة قالت أيضا إن العدد الجديد يفرد حيز بياضه على هذه المرأة الأنثى، العارفة، المبدعة حتى يكون للورق صقيل ومعنى. ليقدم العدد بعد ذلك عشرة مواضيع توزعت بين دراسات ومقالات حول الإبداع النسوي في الجزائر: بداية من الدراسة التي قام بها الأستاذ شريبط أحمد شريبط حول" نون النسوة في الأدب الجزائري " وأهداها إلى المجاهدة جميلة بوحيرد: أسطورة ورمزا"، حاول من خلالها الباحث تحليل المسارات الأساسية للأدب النسوي في الجزائر وتبيان عمق اهتمامات المرأة الجزائرية حديثا بالكتابة الأدبية وكيف أنها خاضت تجربة معظم الأشكال الإبداعية الجديدة. وقد ميز الأستاذ بين الكتابة الأدبية باللغة الفرنسية واللغة الوطنية، مؤكدا أن الأدب النسوي المكتوب بلغة موليار سبق بسنوات الأدب المكتوب باللغة العربية، لتكون الأديبة الطاوس عمروش أول من برز في هذا المجال مع نهاية أربعينيات القرن الماضي، ليصل إلى القول بأنّ الأدب الجزائري الحديث المعبر باللغة الفرنسية يعد أكثر تطورا وتنوعا من الكتابات باللغة الوطنية، خصوصا من حيث امتلاكها للتقنيات السردية الحديثة، مشيرا في سياق متصل أن الدوائر الإعلامية والمنابر الثقافية والأدبية الفرنسية والمنابر الثقافية مدت يدها إلى هذه الكتابات، وهي غير بريئة يقول الأستاذ . في دراسة، أخرى غاص الأستاذ صدوق نور الدين في رواية "امرأة الرسالة " لرجاء بكرية الصادرة في 2007 واصفا إياها بأنضج وأقوى التجارب التي صدرت في الآونة الأخيرة، مشير إلى أن العمل ارتهن في صياغته الشكل الرسائلي من حيث الكتابة وهو اختيار يقول الأستاذ يفسح للتداعي غير المقيد، مضيفا أن الرواية هي تجربة نموذجية من حيث انفتاحها على أجناس قريبة من السيرة الذاتية كما الموضوعية المراهن عليها والمتمثلة في الحب بعيدا عن الخلفية السياسية. من جهته قدم الدكتور عبد الحميد هيمة دراسة حول الشخصية النسوية في الرواية الجزائرية عبر رواية "رأس المحنة" للكاتب عز الدين جلاوجي التي استطاعت حسب الدكتور تناول المحنة الوطنية بلغة شاعرية وأدوات فنية وجمالية خاصة، مؤكدا أن الرواية عبرت من خلال الشخصية النسوية عن الواقع تفاؤلا وتشاؤما واستشرافا لمستقبل مشرق وتضايقا من الواقع المزمن البائس الذي ضاعت فيه حقوق الناس البسطاء، ووئدت فيه الأحلام، وفي مقدمة هؤلاء يقول الباحث المرأة التي وفق الكاتب في إبراز معاناتها بشكل رمزي عميق. وقدم قولي بن سالم قراءة في رواية "وحده يعلم" لعايدة خلدون ورد، ومن أهم الدراسات التي ضمها العدد كذلك دراسة حول السيميائيات السردية بين مستوى الدلالة وحكي المعنى التي قدم من خلالها الأستاذ مسعود مقروس بعض التقنيات والأدوات المفاهمية التي قدمتها السيميائية السردية، ودراسة أخرى حول "المحكي واللامحكي في الرواية الكاتبة العربية المعاصرة" قدم من خلالها الناقد المغربي عمر العسري قراءة في مجموعة" مزيدا من الوحشية" للقاصة الأردنية بسمة النسور، وأخرى في مجموعة "البرشمان" لأنيس الرفعي قدمها الدكتور بوشعيب الساوري تحت عنوان "بلاغة الهدم وغياب الأنوثة". كما تضمن العدد مقالا للكاتبة والأكاديمية الأردنية ليلى الأطرش تناولت من خلاله "مرجعيات الكاتبات العربيات بين التنوير وسلطة الرقيب، ومقال ثان لأستاذ الأدب المقارن بجامعة باريس حمل بن أعراب عبد القادر حمل عنوان "المنفى، بين شهوة ال"هناك" ووهم العودة". وإلى جانب مجموعة المقالات والدراسة، اشتمل العدد على مجموعة من الكتابات القصصية والشعرية لأقلام نسوية، إضافة إلى حوار المجلة الذي فسح المجال هذه المرة للشاعرة الجزائرية خالدية جاب الله، وهي شاعرة من الجيل الجديد، كما أوردت لها المجلة عبر صفحاتها عددا من كتاباتها على غرار قصيدة "شهقة الياسمين"، "الوهم.. قاتلي المأجور" التي يقول مقطعها "أعياك هذا الركض نحوي أيها المغروس فيّ في أكذوبة مدسوسة وسط المنافي" وختمت المجلة صفحاتها بخير جليس "الكتاب" حيث قدمت قراءة في مجموعة من الكتب بداية بكتاب "بنات فاطمة" لمحمد حسين طلبي، وكتاب "الهوية والتخييل في الرواية الجزائرية"، "الجيش الجزائري في العهد الحمادي" لموسى عصام...