هجر العديد من المواطنين الأسواق الشعبية بعد تواصل التهاب أسعار مختلف الخضر والفواكه خاصة اللحوم الحمراء التي استقرت أسعارها خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان في مستويات قياسية دفع بالعديد من العائلات إلى التخلي عن الطازج والاكتفاء بالمجمد، في الوقت الذي تبقى فيه مختلف أنواع الفواكه بعيدة عن متناول المواطن البسيط أما الخس (السلطة) فتواصل احتلال الريادة في ارتفاع الأسعار ب 100 دج للكيلوغرام الواحد. الزيارة الميدانية التي قادتنا مؤخرا لعدد من الأسواق الشعبية بالعاصمة على غرار ساحة الشهداء و"كلوزال" كشفت لنا عزوف العديد من العائلات الجزائرية عن الإقبال على المنتوجات الغذائية بمختلف أنواعها خاصة وأن لهيب الأسعار لا يزال متواصلا بعد انتهاء الأسبوع الأول من شهر رمضان الكريم، حيث استقر سقف أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء في مستويات مرتفعة بعد أن تراوح سعر اللحوم الحمراء بين 600 و700 دج للكيلوغرام الواحد، أما الدجاج فقد عرض بسعر يتراوح بين 400 و450 دج للدجاجة الواحدة التي لا يزيد وزنها عن كيلوغرامين. وبشهادة العديد من النساء اللاتي أقبلن منذ أيام على شراء هذا النوع من الدجاج، فقد تخلصن منه بسبب رائحته الغريبة. وما وقفنا عنده ونحن أمام بائعي اللحوم بمختلف أنواعها يثبت أقوال النسوة حيث يتم عرض البضاعة في الهواء الطلق في الوقت الذي أقدم العديد من التجار على قطع التيار الكهربائي عن المبردات في الوقت الذي صادف تواجدنا فترة التموين بالدجاج، حيث اكتشفنا أنه يتم في صناديق بلاستيكية غير نظيفة بينما كانت السيارة المحملة للبضاعة عبارة عن مركبة سياحية عادية لا تستوفي شروط نقل اللحوم. أما القصابات فهي الأخرى بدأت تفقد زبائنها ليقتصر الطلب على اللحم المفروم، وعند استفسارنا عن الأمر أكدت لنا سيدة في مقتبل العمر أن تدني الظروف المعيشية وتزامن شهر رمضان مع الدخول المدرسي وفواتير استهلاك الغاز والكهرباء والماء أجبر العديد من العائلات على إعادة النظر في الميزانية المخصصة لشهر رمضان، قبل أن تقاطعها سيدة أخرى أشارت بكل صراحة إلى أنها تخلت عن إعداد العديد من الأطباق التقليدية، التي تعتمد وصفتها على اللحوم الحمراء أو البيضاء لتكتفي بطبخ البقول الجافة ومختلف أنواع العجائن وذلك بعد أن اتفقت مع زوجها على تخصيص راتبه لمواجهة الدخول المدرسي المقبل. وإذا تطرقنا إلى سوق الخضر والفواكه فحدث ولا حرج، حيث يتصدر الخس (السلطة) منذ بداية شهر رمضان قائمة المنتوجات الفلاحية التي غابت هذه السنة عن مائدة رمضان بسبب ارتفاع ثمنها الذي بلغ في اليوم الأول من الشهر الكريم 150 دج لتنخفض إلى 100 دج خلال الأسبوع الأول في بعض الأسواق، في الوقت الذي استقر فيه سعر الطماطم عند 70 دج والبطاطا في 30 دج، أما الكوسة والليمون فقد بلغت أسعارهما 100 دج، لتبقى الفواكه سيدة السوق بأسعارها الملتهبة، حيث تراوح سعر التين بين 130 و170 دج للكيلوغرام الواحد والموز 150 دج، أما الإجاص والتفاح المحلي فقد بلغ سعرها 70 دج. وقد وجد بعض الشباب الفرصة خلال هذا الشهر الكريم في المضاربة بالأسعار وتوفير منتوج "الديول" الذي يعد أساس إعداد "البوراك" وهو الطبق المشهور في شهر رمضان، حيث وصل سعره هذه السنة إلى 50 دج بعد أن كان 30 دج السنة الفارطة وبسبب الإقبال الكبير عليها يقوم الشباب بإخفاء المنتوج لساعات طوال اليوم قبل أن يعرض ساعات قبل الإفطار بأسعار بلغت في بعض الأسواق 90 دج، أما التوابل والحشائش التي تستعمل في إعداد الأطباق فلم تسلم هي الأخرى من المضاربة. الأمن يقضي على الأسواق الفوضوية واللافت للانتباه خلال شهر رمضان الجاري أن السلطات المحلية لولاية الجزائر بادرت إلى وضع طوق أمني على مختلف الأسواق الشعبية لرصد كل التحركات المشبوهة والحد من انتشار السوق الموازية وهو ما لمسناه بساحة الشهداء، حيث انتشر أعوان الأمن عبر مختلف مداخل السوق الذي تم تحريره من التجار الفوضويين في الوقت الذي يبقي فيه السوق الشعبي لباش جراح الأكثر إقبالا من طرف العاصميين الذين يقصدونه من مختلف بلديات العاصمة. وبعين المكان تقربنا من أحد التجار الذي أرجع الأمر إلى نوعية الخدمات الموفرة بالإضافة إلى المنافسة التي أثرت على الأسعار التي أكد بخصوصها التاجر أنها في متناول الجميع، كما أن التموين اليومي للسوق بالبضاعة جعل نوعية المنتجات تكون في المستوى علما أن سعر الكيلوغرام الواحد من اللحوم البيضاء بلغ بالسوق 220 دج في الصباح بينما يتم تخفيض سعره في المساء وهو الأمر الذي ينطبق على العديد من المنتوجات الزراعية المعروضة للبيع من خضر وفواكه، ورغم أن الرقابة الأمنية شددت في بعض الأسواق الشعبية فإن تجار الأرصفة (يغادرون) مكانهم بسوق باش جراح، بالمقابل فضلت المصالح الأمنية العمل ويسطير أعوان بزي مدني يجولون ويصولون وسط السوق الذي يعرف منذ الساعات الأولى من النهار إقبالا كبيرا من المواطنين.