"الجبة القبائلية رمز الأصالة والاحتشام، وهي أفضل لباس للمرة القبائلية"، بهذه العبارة فتحت السيدة ساحمي وردية المنحدرة من منطقة اعزازقة، خياطة منذ 28 سنة، حديثها إلينا، وهي التي اختارت القماش والمقص و"الزيقزاق" لتصنع ما يسر العيون بألوان وأشكال مختلفة. تقول السيدة وردية: "استعنت بآلة خياطة قديمة لوالدتي، رحمها الله، قام زوجي بإخضاعها للصيانة وكان يعلمني كيفية استعمالها، ووفقت في تطوير موهبتي بتشجيع منه". وتضيف المتحدثة أن هذه الحرفة لم تكن مقتصرة عليها فقط وإنما حتى أخواتها البنات وبناتها الثلاث كن يمارسن الخياطة في أوقات الفراغ، وعند نهاية السنة الدراسية وخلال العطل، حيث كن يساعدنها خاصة في فصل الصيف عندما يكثر الطلب على أعمالها الجميلة. وكانت السيدة ساحمي تمارس من قبل حرفة حياكة القطن، ثم بعدها جاءت الجبة القبائلية والآن تقوم بهما معا الجبة في الصيف والحياكة في الشتاء، حيث اقتنت مختلف الآلات لتتمكن من ممارسة حرفتها المفضلة الخياطة والحياكة معا، حتى تكون عند حسن ظن الزبائن الذين عرفوها منذ سنوات وتلبي في آن واحد طلباتهم كالعادة. وتشير محدثتنا إلى أن غرفة الصناعات التقليدية تدعمها عبر دعوتها للمشاركة في مختلف التظاهرات التي تقام خارج الولاية، حيث تقول بأن مشاركتها تكون أحيانا فرصة لتسويق منتوجها وأحيانا أخرى العكس، وما تنتجه يتم تسويقه أكثر في منطقة اعزازقة، حيث لديها زبائن، قاموا بإيصال الجبة القبائلية إلى خارج الوطن مثلا كندا، فرنسا وغيرها حتى أصبح للسيدة وردية زبائن جدد. وتقول السيدة ساحمي أنها تملك ورشة خياطة فتحتها منذ أكثر من 20 سنة وكانت تشغل عاملات، بلغ عددهن 10، وهي الآن تبحث عن عاملات أخريات لأن من كن معها منهن من تزوجن وأخريات متربصات انطلقن في مشاريعهن الخاصة، تقول؛ "من الصعب إيجاد عاملات، مع أننا نقدم أجرة مناسبة وظروف عمل مواتية، رغم ذلك أحاول أن أعمل بجهد لكي أنهي طلبات الزبائن في الوقت المطلوب". ولعل جبة اعزازقة المعروفة بقوة التعبئة بالزيقزاق الذي يسمى "لازير" هي الأكثر إنتاجا في ورشة السيدة ساحمي، لأنها نالت إعجاب الفتيات، خاصة العرائس، فقد لقيت رواجا لجمال قماشها وأشكالها وطريقة خياطتها أيضا. وعن طريقة عملها تقول السيدة ساحمي: "في أعمالي، أحاول دائما الحفاظ على الجبة القبائلية التقليدية، فهناك أنواع نجد فيها تزاوجا بين ما هو تقليدي وعصري، وأخرى تقليدية محضة، في حين هناك موديلات عصرية كليا، نزولا عند طلبات الزبائن"، مؤكدة أنه يجب دائما البحث عن الجديد كي تبقى الجبة القبائلية محافظة على مكانتها، تقول؛ "نحن نحافظ دائما على النوع التقليدي لأنه الأساس وما نقوم به هو إبداع موديلات جديدة فقط"، لأن الشابات يطلبن موديلات قبائلية أنجزت بطريقة عصرية ، منها الفساتين، التنورة، القميص، السروال، وغيرها التي يمكن لبسها في المناسبات وحتى الخروج بها إلى المدينة والعمل، فالجبة أصبحت مثل أي لباس لم يعد يقتصر على المناسبات، توضح؛ "شخصيا ذهبت مع ابنتي إلى فرنسا ولبسنا الجبة القبائلية، أحسست بالفخر لأنني أرتدي لباسي التقليدي مثل ما تقوم به المرأة الهندية، والإفريقية وغيرها"، وأعقبت قائلة؛ في الماضي اللباس التقليدي القبائلي كانت تلبسه المتقدمات في السن فقط، لكن الآن هناك إقبال للنساء والفتيات في مختلف الأعمار على الجبة بمختلف موديلاتها. وبشأن الأفضل حيال الجبة القبائلية القديمة أو العصرية، تقول السيدة ساحمي؛ بالنسبة لي الجبة القبائلية القديمة أفضل بكثير، فمثلا عندما نشاهد امرأة ترتدي جبة ذات موديل قديم تكون أجمل من تلك التي موديلها عصري، صحيح هناك تجديد وإبداع، حيث نجد جبة قبائلية خضعت للتغيير وجمعت بين القبائلي والغربي أو القبائلي والشرقي .فرغم جمال شكلها وألوانها تبقى الجبة الأصيلة أجمل منها وأبهى، لأنها رمز الكرامة، العزة وفخر كل امرأة، فهي تضم في طياتها السترة والجمال. وبشأن استعمال الألوان ووضعها بشكل تناسقي ومنظم، تقول الخياطة: "نقوم بالتجربة أولا لمعرفة اللون الذي يناسب ما يجاوره حتى تكون الجبة جميلة، لكن الجبة القبائلية بصفة عامة ترتكز على اللون الأحمر، الأصفر والأخضر، الأبيض، البنفسجي كما هو الحال بالنسبة للحلي الفضية، لكن مع ظهور موديلات جديدة هناك ألوان براقة مثل زاقزاق جبة واضية الذي كان في القديم عبارة عن حرير والآن هناك نوع براق، وبالنسبة لجبة اعزازقة أيضا لها زاقزاق خاص يسمى "الازير" يبرق ليلا ونهارا ويزيد الجبة جمالا وبهاء. وحول أسماء الموديلات الجديدة التي أطلقتها في صيف 2015 قالت السيدة وردية: " أكيد ككل سنة، يتم إبداع موديلات جديدة بأسماء جديدة، منها موديل اسمه "ثزذايث نتمر" موديل عصري ويقدر ثمنه ب20000 دينار جزائري والموديل الثاني اسمه "ثيلالي " وآخر اسمه "أمازيغ" وهما موديلان جمعا بين النوع التقليدي والعصري، حيث يقدر ثمن الأول ما يزيد عن 28500 دينار وبالنسبة للثاني يقدر ثمنه ب19000 دينار، وتختلف الموديلات الثلاثة باختلاف طريقة الخياطة والألوان المستعملة. وتأمل الخياطة في أن تزداد الجبة قوة ومكانة، مؤكدة على ضرورة العمل من أجل الحفاظ على الجبة التقليدية وإعطائها قيمتها الحقيقية، لأنه بفضلها بلغت الجبة هذا المستوى ووصلت إلى العالمية.