فتحت السيدة نوارة حداق من قرية آيت بوعظة بلدية اعزازقة، وطيطم حداد من بلدية ايفيغا ورشة للخياطة خاصة باللباس القبائلي عام 2003 بمدينة اعزازقة، حيث شاءت الصدف أن تلتقيا لتقررا معا تطوير اللباس القبائلي، واليوم تعج الورشة بالزبونات لخياطة لباس تقليدي مختلف الأشكال والألوان. التقت بهما ”المساء” على هامش مشاركتهما في معرض أقيم بقرية تابروث ببلدية ايفغيا بمناسبة تنظيم القرية لعيد الزيتون. تقول السيدة طيطم حداد: كانت كل واحدة منا تعمل لوحدها إلى غاية سنة 2002، حيث التقيت نوارة حداق بالصدفة، ولما اطلعت كل واحدة منا على إبداعات الأخرى قررنا العمل معا وإبداع تصاميم تجمع بين أفكارنا، وبهذا الشكل وضعنا موديلات راقية وجميلة نالت إعجاب الزبونات، ومن هنا كانت بداية عملنا معا. وتضيف قائلة: ”الخياطة موهبة بالنسبة لي، وحبي لها جعلني أبدع، لقد شرعت في ممارسة هذه الحرفة بمركز للتكوين بمدينة اعزازقة، حيث تعلمت كيفية خياطة الملابس الجاهزة، تخرجت ومعي شهادة، كما كان لدي قبل ذلك آلة خياطة وسعت عملي بفضلها إلى أن التقيت بنوارة التي تعلمت فن الخياطة في مرحلة المتوسطة، كما ساعدها على المضي في هذا المجال؛ عائلتها التي كانت تحب الخياطة وتمارسها، إلى جانب خياطة أخرى تدعى السيدة دليلة بوسعد، وبعد انتقالها للعيش بفرنسا بقيت طيطم ونوارة تمارسان الحرفة وواصلتا العمل معا في الورشة. ومع اقتراب فصل الصيف، تقول طيطم، أردنا أن نحضر الجديد للزبونات، فمهمتنا ليست الخياطة فقط إنما نسعى إلى تطوير الحرفة وإبقاء الطلب متزايدا على الجبة القبائلية في السوق، لاسيما بعدما أصبحت تدمج في ”تصديرة” العروس، إلى جانب ألبسة تقليدية جزائرية مختلفة، وهو ما يشجعنا على الإبداع في عالم الخياطة حتى تحظى الجبة القبائلية بمكانتها التي تستحقها. كما نسعى إلى عدم ارتدائها في المناسبات فقط، خاصة أنها أصبحت لباسا يوميا في العديد من القرى، فلم تعد الجبة مثل الماضي تلبس في الأعراس والحفلات فقط، وهذا سبب مباشر لانتعاش حرفة الخياطة في المنطقة. من جهتها، تقول السيدة نوارة: ”نحب الخياطة، ومن يحب هذه الحرفة فأكيد إبداعه يحمل دلالات وجمالا يسحر كل من يراه ويسعى إلى خياطته، مشيرة إلى أنه خلال عامي 2013/ 2014 نعكف على إبداع موديلات جميلة، منها مثلا جبة ”القرمود” التي يقدر ثمنها ب 1300 دج، وهناك أنواع تم إدخال تصميمات وأشكال مختلفة فيها من خلال وضع الألوان ”ثيسفيفين”. فكما تتفنن في صناعة الفخار ووضع أشكال هندسية على الأواني الفخارية والجدران، كذلك نبدع في الخياطة أشكالا هندسية تتناسق فيها الألوان. علما أن هناك لباسا تقليديا يعتمد فيه على ألوان بسيطة وجميلة وأخرى براقة، وهذا يتوقف على ذوق ورغبة الزبائن، ولا يخفى عليكم أن درجة التعبئة تختلف بين فتاة عازبة ومتزوجة لأن لباس العروس يكون دائما أكثر جمالا. وأضافت المتحدثة أن الورشة تسجل طلبات يومية من طرف الزبائن، لكن تكثر في فصل الصيف، كما أن المدة التي تستغرق في خياطة جبة قبائلية لا تتعدى 4 أيام، موضحة أنهما شاركتا في معارض مختلفة ببجاية، العاصمة وغيرها، حيث تمكنتا من بيع الإنتاج، مشيرة إلى أنهما تعملان مع تاجر من مدينة اعزازقة يشتري منهما الموديلات ليقوم ببيعها خارج الوطن، لكن حبذا تقول المتحدثة لو نتمكن من بيعها مباشرة دون وسيط. وعن القماش الأكثر طلبا وخياطة لهذا الموسم، قالت السيدة طيطم إنه قماش ”الحرير” الذي عاد بقوة ليغزو السوق وتجلبه الزبونات معهن، فبعدما كان قماش ”اللازير” هو الأكثر طلبا ورواجا، عاد الحرير ليأخذ مكانته من جديد بعدما أهمل قليلا بسبب ميول الكل إلى قماش ”اللازير” الذي بقي الآن خاصا بلباس العروس، إضافة إلى رواج أسماء أخرى للجبة القبائلية، منها ”القازون”، ”اوباما”، ”جياسكا”، ”القرمود”، حيث يكثر الطلب على موديل ”الجياسكا” و«القرمود” وحتى الثمن يختلف، لأن الزخارف ”الزيقزاق” تأخذ منا وقتا طويلا، كما أن خياطتها صعبة. علما أن ألوان؛ الأصفر، الأخضر، الأحمر والأصفر البراق هي الأكثر استعمالا في تعبئة الجبة، تعطيها جمالا خالصا وتضفي الأناقة على صاحبتها، كما تتناسب مع ألوان الحلي الفضية، مما يزيد الجبة بهاء. تأمل كل من السيدة طيطم حداد ونوارة حداق أن تصل الجبة القبائلية إلى أعلى المستويات، وتحوز مكانة تليق بها من خلال العمل الدؤوب الذي تسعيان إليه من أجل تطوير الورشة ليكون لها اسم كبير ومعروف على المستوى الوطني.