شكلت الزيارة التي قادت حوالي 40 صحافيا من 12 دولة إلى أكبر مصانع الأنسولين، وبالتحديد إلى مخابر نوفو نورديسك بالعاصمة الدانماركية كوبنهاغن، فرصة للتعرف على كيفية سير مصانع رائد إنتاج الأنسولين في العالم، حيث كانت "المساء" ضمن الزائرين، ووقفت عن قرب على مختلف أقسام المعمل وعلى اللوجيستيك عالي التقنية الذي توفره المخابر لضمان جودة تعكس مكانتها المرموقة في السوق العالمية، هذه الإمكانيات والمعارف التي تم نقلها إلى الجزائر وسيتم نقل آخر الابتكارات قريبا إلى مصنع قسنطينة لإنتاج الأنسولين، بالإضافة إلى توسيع مصنع وادي عيسي بتيزي وزو. وُجدت مخابر نوفو نورديسك الدانماركية في 1923، وسجلت دخولها للجزائر في عام 1936، ومنذ ذلك الوقت تعمل هذه المخابر على توفير الدواء اللازم والكافي لمرضى السكري في العالم وفي الوطن، والذين يتزايد عددهم يوميا، إذ تشير دراسة اشترافية إلى أن عدد المصابين بداء السكري سيرتفع إلى 592 مليون شخص مصاب بحلول سنة 2035، مع العلم أن العالم سجل ما عدده 387 مليون مصاب وإحصاء 4.9 ملايين وفاة بسبب هذا الداء المزمن في 2014، حسبما كشف عنه مايكل هيرست، رئيس الاتحاد الدولي للسكري. ووصف مايكل هيرست في مداخلة له عشية زيارة الصحفيين إلى مخابر نوفو نورديسك، الأرقام بالمخيفة جدا، ومن الأهمية توضيح هذه الخطورة للحكومات حتى تتخذ الإجراءات الكفيلة بدحض هذا المصير المرتقب في غضون عقدين من الزمن، بإيجاد ميكانيزمات اقتصادية تضمن وفرة الدواء وكذا التكثيف من حملات التوعية لتقريب هذه الصورة للناس. السياسة الاستثمارية في الجزائر، وقرار الحكومة في تقليص استيراد الدواء وتشجيع الإنتاج المحلي، جعل من المؤسسة الدانماركية شريكا ناجعا، ذلك أنه فتح في 2006 مصنعا بوادي عيسي بتيزي وزو الذي تمثله شركة التصدير والإنتاج والتوزيع وترقية الدواء، ويعد المصنع الوحيد في العالم، بعد المؤسسة الأم في الدانمارك، الذي ينتج الأشكال الجافة لأدوية السكري يتم تناولها عبر الفم، حيث تنتج دواء "نوفوفورمين" في الأحجام 500 و850 ملغ و1000 ملغ وتغطي الحاجة الوطنية لهذا الدواء، كما لها إمكانية كبيرة للتصدير للدول الإفريقية والدول الجارة ومنطقة الشرق الأوسط. ويجهز مصنع تيزي وزو حاليا لإنتاج عقار آخر "نوفونورم" لتطوير الإنتاج المحلي. هذه السياسة كذلك، دفعت مخابر نوفو نورديسك إلى تشييد مصنع لإنتاج الأنسولين بقسنطينة بشراكة جزائرية متمثلة في مجمع صيدال، الذي يرتقب أن ينتج قبل نهاية السنة المقبلة عبوات الأنسولين ثم تليها إنتاج أقلام الأنسولين، وسيكون هذا المعمل حاملا لكل مواصفات الجودة العالمية التي نجدها في كل معامل هذه المخابر الموجودة في الدانمارك. ويواكب السوق الجزائري أحدث إنتاجات هذه المخابر، إذ تتوفر على أحدث الأدوية المسمى "فيكتوزا" أُطلق في 2009، وهو هرمون من شأنه أن يخفف من معاناة مرضى السكري، دخل السوق الوطنية في 2014 بعد موافقة وزارة الصحة. جدير بالذكر أن ملف دواء "فيكتوزا" متواجد على مستوى وزارة العمل والضمان الاجتماعي منذ جوان 2014، ينتظر الرد ليكون ضمن الأدوية التي يتم تعويضها لصالح مرضى السكري. ووقفت "المساء" إلى جانب أربعين صحفيا، يمثلون العديد من الوسائط الإعلامية ل12 دولة، على طريقة سير أكبر مصنع للأنسولين في العالم، وتلقت شروحا وافية بداية من إنتاج الأنسولين وكيفية نقلة وأخيرا كيفية تخزينه، حيث تعتمد المخابر على أحدث التكنولوجيات في ضمان جودة المنتوج، وكذا استعانتها بعتاد آلي هام، إلى جانب كفاءة عمالها وموظفيها. وهي التكنولوجيا التي سيتجهز بها مصنع قسنطينة لإنتاج الأنسولين، واستفاد منها مصنع وادي عيسي بتيزي وزو، كما أن طاقمها التقني يخضع لدورات تكوينية في الدانمارك، فضلا عن إحضار مكونين أجانب إلى الجزائر لنقل المعرفة. 1/ 10 أشخاص مصاب بالسكري في 2035 كشف مايكل هيرست، رئيس الاتحاد العالمي للسكري أنه بحلول سنة 2035 سيسجل إصابة واحد من بين 10 أشخاص بداء السكري. وقال "الأمر يستدعي فعلا القلق، عدد المصابين سيتضاعف في العشرين سنة المقبلة، إلا إذا أقيمت عمليات مستعجلة للحد منه، هو تحدي كبير للصحة العمومية في الجزائر وباقي الدول"، وأردف "لابد أولا من توعية الناس، وأن نقول لهم إن النمط الأول للسكري هو جيني يصيب الشباب والأطفال، أما النمط الثاني للسكري هو أسلوب حياة مرتبط بالسمنة والوزن الزائد سببه تناول الكثير من الحريرات .. يجب أن نوضح للناس أن يأكلوا بطريقة صحية وممارسة تمارين رياضية والاعتناء بمقاس الجسم". وتابع حديثه ل"المساء" أن في هذه البلدان على السلطات المحلية والأوصياء على الصحة أن يتقاسموا واجب تجنب داء السكري، مشيرا إلى أن الناس يمكنهم العلاج وتجنب المضاعفات التي تؤدي إلى بتر الرجل وحدوث تعقيدات على مستوى القلب وضعف البصر، منبها إلى أنه "على الناس أن تفهم أن المضاعفات المنجرة عن السكري قاتلة". ودعا مايكل هيرست الحكومات أن لا ترى في قطاع الصحة تكلفة مالية باهظة فقط، بل عليها الاستثمار في المجال، لذلك وجب أن تخصص ميزانية تصرف لتحقيق الصحة الجيدة لمواطنيها من خلال استثمار دقيق ذو أبعاد مستقبلية. وأنه "كاتحاد دولي لداء السكري لا نتوقف عن الحديث عن المرض مع أصحاب القرار، ونفهمهم ونشرح لهم الوضع بإبداء التعاون معهم، والعمل معهم هي طريقة في مساعدة المرضى". وكشف مايكل هيرست عن 382 مليون مصاب بالمرض في العالم (إحصاء 2014)، متوقعا زيادة قدرها 55 في المائة خلال العشرين عام المقبلة، إذا لم تتخذ الدول التي تعاني من ارتفاع في معدلات الإصابة تدابير احترازية وتثقيفية لمواجهة المرض. ونبه هيرست إلى أن ارتفاع معدلات الإصابة يتزايد بشكل مخيف، مشيرا إلى أن الأعباء الاقتصادية المترتبة عن معالجة المرض ومضاعفاته سوف تزيد في الدول وفقا لنسب المرضى، مؤكدا وجود 35 مليون مصاب في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مضيفا "ما يقارب 50 في المائة لا يعلمون بإصابتهم بالمرض"، مستعرضا أسباب الإصابة المتعلقة بقلة التمارين الرياضية والوزن الزائد، إضافة إلى الاستهلاك غير الصحي، مطالبا بضرورة التحرك العاجل لمعالجة الخسائر الاقتصادية والبشرية. مايك دوستر نائب الرئيس التنفيذي للعمليات الدولية ل"المساء": الجزائر تقدمت كثيرا مقارنة بالدول الجارة أكد مايك دوستر، نائب الرئيس التنفيذي للعمليات الدولية لمخابر نوفونورديسك ل"المساء" أن الحكومة الجزائرية لديها قوانين وسياسات محكمة بخصوص العناية الصحية للمرضى، بحيث توفر الحماية الاجتماعية لهم من خلال مجانية اقتناء الدواء للمصابين بداء السكري.وبعد أن أكد أنه "تم التعامل مع المخابر بطريقة جد منصفة في الجزائر"، استغل مايك دوستر الفرصة ليدعو الحكومات إلى بيروقراطية أقل وفعالية أكثر. وعبر عن رضاه للعلاقة التي تربط المخابر بالحكومة الجزائرية، مثمنا القوانين التي تتميز بها، حيث تعد الجزائر واحدة من المنتجين المحليين وتشجع الإنتاج المحلي في إطار قانون الاستثمار الذي يسيرها، وتمنع استيراد الدواء المنتج محليا، مشيرا إلى أنه لهذه الأسباب تم تشييد المصنع في تيزي وزو وآخر في قسنطينة، ويتم دائما البحث عن سبل نقل الابتكارات إلى الجزائر بشكل سريع.وقال "حسب إيماني الخاص، يمكننا العمل مع الحكومة الجزائرية ونريد شرح حالتنا مع كل منتجاتنا المبتكرة والسريعة، الحكومة الجزائرية سعت لتعويض هذه الأدوية العصرية لفائدة المرضى، لذلك فقد تقدمت كثيرا مقارنة ببعض الدول المجاورة". وتابع "أريد علاقة طويلة المدى مع الحكومة الجزائرية لتقديم صحة جيدة لمواطنيها".وبخصوص تأثر الجزائر من انخفاض سعر البترول، قال المتحدث "لكن داء السكري موجود، والناس يعانون وسوف يبقى، لذلك إذا بقينا نفكر في صحة الناس ونحاول العمل مع المنظمات الحكومية والخاصة ستكون صحة الجزائريين في أفضل حال". وأفاد أن هناك أطراف سواء من الحكومة أو الجمعيات تريد التعاون والتكفل بمرضى السكري والحد من تزايد المرض، والشركة تريد التطور في نموها من خلال مشاريعها في الجزائر. الرئيس المدير العام لمخابر نوفو نورديسك ل"المساء": سأزور الجزائر لبحث سبل توسيع الاستثمار كشف لارس ريبيان سورنسن، الرئيس المدير العام لمخابر نوفو نورديسك الدانماركية أنه سيحل بالجزائر الشهر المقبل، قصد البحث ومناقشة الشروط اللازمة لتوسيع مجال الاستثمار في الجزائر مع الشريك الجزائري، شركة صيدال، خاصة مع انطلاق الأشغال بقسنطينة لتشييد مصنع للأنسولين الذي دشنه مؤخرا الوزير الأول. قال لارس ريبيان سورنسن الرئيس المدير العام لمخابر نوفو نورديسك الرائدة في مجال إنتاج الأنسولين في تصريح خص به "المساء" بالعاصمة الدانماركية كوبنهاغن إن الزيارة المرتقبة شهر أكتوبر المقبل، ستحدد الدور الذي يمكن أن تلعبه المؤسسة في ظل الأجواء السياسية والاقتصادية الموجودة، مشيرا إلى أن نوفو نورديسك تقدم خدماتها للجزائر منذ 1936 وأنه راض عما تنتجه المخابر فيها. وأعرب لارس ريبيان سورنسن عن أمله في أن تكون الزيارة مناسبة للتحدث مع الحكومة ووزارات الصحة والمالية والتجارة والصناعة لتكون الشركة الدانماركية شريكا جيدا في المستقبل، وتسعى إلى جانب الدولة الجزائرية للاعتناء أكثر بمرضى السكري.وأضاف الرئيس المدير العام أن الزيارة ستقوده إلى وادي عيسي بتيزي وزو للوقوف عند مصنع الأدوية الأصلية لمرضى السكري، ومعاينة العمل هناك وشكرهم على أدائهم، وكذلك ستكون المناسبة لمقابلة المسؤولين بمعية الشريك صيدال لمناقشة الشروط اللازمة للاستثمار في الجزائر، مبديا يقينه من إمكانية نقل التكنولوجيا والمعرفة من خلال عملية استثمار ضخمة، وحتى خلق مناصب عمل جديدة. وبخصوص إنشاء مصنع قطب ينتج لكل إفريقيا، رد الرئيس المدير العام أنه يريد أن ينتج لإفريقيا لكن إنشاء قطب فيها يستدعي ضمان جودة المنتوج وأن يكون بأقل سعر، وأردف "هل نشيد مصنعا أم لا؟ لأن هناك مصنع في خمس مناطق في العالم، وتسييرها صعب وبالتالي من الصعب ضمان الجودة والأسعار سترتفع وسنكون دائما عرضة للخطر".وأكد "لهذا لدينا استراتيجية 5 مصانع كبرى بالبرازيل والولايات المتحدة والصين وفرنسا والدانمارك، فيها وضعنا أكبر المصانع لتصدير المنتوج لباقي العالم، وهناك بلدان استرتيجية يمكن تشييد مصانع فيها على غرار الجزائر".