سمح اللقاء الذي جمع أمس بالجزائر العاصمة الجانبين الجزائري والفرنسي برئاسة وزير الصناعة والمناجم السيد، عبد السلام بوشوارب والمبعوث الفرنسي المكلف بالعلاقات الثنائية، جان لوي بيانكو، بتقييم المشاريع الثنائية والتفاوض حول مشاريع جديدة، أهمها تطوير منجم الفوسفات بوادي الكبريت في تبسة، ومشروع مصنع السيارات لبيجو، هذا الأخير "يسير في الاتجاه الصحيح" حسب السيد بوشوارب الذي توقع أن يتم الاتفاق بشأنه في أقرب الآجال. وحسب السيد بيانكو، فإن مشروع تطوير منجم الفوسفات لإنتاج حمض الفوسفات والأسمدة، يعد من أهم المشاريع الخمسة الجديدة التي تفاوض بشأنها الجانبان، مشيرا إلى أنه "كبير وطموح".ويجسد هذا المشروع أهمية الشراكة الثنائية التي أكد أنها "مبنية على الثقة، الطموح وحيوية". وبدا المسؤول الفرنسي جد متفائل بمسار الشراكة بين البلدين ولم يتردد في القول خلال ندوة صحفية عقدها الطرفان "نتحدث أكثر فأكثر عن المستقبل وعن مشاريع جديدة وأقل فأقل عن الماضي لأن النزاعات يتم حلها ونحن الآن نتقدم نحو الأمام"، مشيرا إلى إرادة المؤسسات الفرنسية وكذا الحكومة الفرنسية للاندماج كليا في التوجهات الاقتصادية للحكومة الجزائرية.وأضاف في السياق "ندرك الصعوبات التي تواجهها الجزائر حاليا بفعل انهيار أسعار النفط...والمشاريع التي نتحدث عنها تؤكد أن المؤسسات الفرنسية انتقلت من مقاربة التجارة، أي البيع، إلى مقاربة الاستثمار أي الانتاج المشترك للقيمة المضافة والثروة ومناصب العمل". وإذ ذكر بأهم المشاريع التي تجمع البلدين لاسيما في مجال النقل (سكك حديدية وترامواي...إلخ)، فإنه أشار إلى أن المشاريع الجديدة التي يتم التفاوض بشأنها تشمل قطاعات "الصحة والصناعات الغذائية والسيارات، إضافة إلى المشروع الأول من نوعه بين البلدين والمتعلق بتطوير منجم الفوسفات". وهي المشاريع التي سيتم التفصيل فيها خلال اجتماع اللجنة المشتركة في 26 أكتوبر المقبل، حسب المسؤول الفرنسي. وأعلن السيد بيانكو بالمناسبة عن وجود إرادة ل«خلق قاعدة جزائرية فرنسية للتصدير نحو بلدان المغرب العربي وإفريقيا". ليختتم تدخله بالتذكير بمقولة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، حين صرح أن "العلاقة السياسية بين الجزائروفرنسا ممتازة وعلينا أن نرتقي بالعلاقات الاقتصادية إلى مستواها". وبالنسبة لوزير الصناعة والمناجم، فإن المشاريع المبرمجة "مهمة وهيكلية وتدخل في إطار الاستراتيجية الصناعية التي نحن بصدد تطويرها"، وبدوره بدا جد متفائل بشأن العلاقات الاقتصادية بين الطرفين، بالنظر إلى معالجة أغلب المنازعات التي عرفتها المشاريع السابقة. وبخصوص ملف مشروع "بيجو" الذي كان محور تساؤلات الصحفيين، أكد السيد بوشوارب أنه "مشروع مركب يعتمد على قدرات الاندماج والمناولة"، مشيرا إلى أن الحكومة حددت "الاتجاه" وأنه عن قريب سيتم "الفصل في بعض القرارات لنتمكن من إطلاق المشروع". إنشاء بنك للضمان في إطار قاعدة 49/51 وبخصوص سؤال عن وجود مشاريع مشابهة في الجوار، أكد الوزير أن الأمر لايخلق مشكلا، باعتبار أن الأمر "يختلف من بلد لآخر"، وأوضح بهذا الخصوص قائلا "هناك ملكية المصنع تعود 100 بالمائة للشركة، أما نحن فنطبق قاعدة 49/51"، مضيفا بان إنجاز مصنع "بيجو" بالجزائر يأتي في سياق سياستها الرامية إلى التوسع في القارة الافريقية من خلال اختيار أربعة بلدان هي الجزائر والمغرب ونيجيريا وجنوب إفريقيا. وعادت قاعدة 49/51 المتعلقة بالاستثمار الأجنبي في الجزائر، لتطرح من جديد، وبشأنها قال السيد بيانكو إن المؤسسات الفرنسية تعودت معايشتها وتعمل على التكيف معها، رغم أنها تشكل عائقا بالنسبة لبعض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إلا أنه أكد بأن مهمته هي "تسهيل استكمال المشاريع في إطار القواعد التي تحددها السلطات الجزائرية". وتعليقا على ذلك، قال السيد بوشوارب إنه لاتراجع عن القاعدة، مذكرا أنه تم ترسيخها في قانون الاستثمار الجديد وتمت توسعتها إلى تجارتي الجملة والتجزئة، إلا أنه أعلن عن وجود مشروع بين وزارة الصناعة والمناجم ووزارة المالية لإنشاء بنك عبر الشراكة مع الأجانب، لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تجد صعوبة في إقامة شراكات، مشيرا إلى أن هناك تقدم في المشروع ولما يتم وضعه يمكنه "إعطاء الضمانات الكافية". من جانب آخر، قال الوزير إن المفاوضات مع الطرف الفرنسي أخذت بعين الاعتبار جانب التصدير منذ البداية، مضيفا بأنه من بين خمسة مشاريع مطروحة، ثلاثة سيتم تصدير جزء من إنتاجها منها مشروع "بيجو" للسيارات. وأكد أنه الاتجاه الذي سيتم السير فيه في كل المشاريع التي يتم التفاوض حولها. ونفى الوزير ردا على سؤال حول تفضيل الشريك الفرنسي في المشاريع الاقتصادية، أن يكون ذلك توجها لدى الحكومة، مشيرا إلى أن للجزائر عدة شركاء في أوروبا بالخصوص. واعتبر أن مستوى الصناعة الفرنسية لاسيما في الجانب التكنولوجي مرتفعة وتسمح بتطوير الانتاج. وقال "فرنسا شريك تكنولوجي هام، لكنه ليس الوحيد".