في الوقت الذي كان فيه مولاي الرشيد، الشقيق الأصغر للملك المغربي محمد السادس، يرافع عن فكرة مغربية الصحراء أمام الجمعية العامة الأممية والتنويه بالحريات المحققة في مملكة جلالته، تسلّم مسؤولو منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية أمرا ملكيا رسميا طالبهم بوقف كل أنشطة منظمتهم في المغرب والمدن الصحراوية المحتلة. وعندما كان مولاي الرشيد، يروج لأفكار الاستيطان والاحتلال المنتهجة طيلة أربعة عقود في الصحراء الغربية أمام أعضاء هيئة أممية ما انفكت تؤكد أن هذا الإقليم مستعمرة تنتظر استقلالها كان شباب صحراويون يواجهون بمدينة الداخلة قمعا بوليسيا مغربيا انتهى بإصابات خطيرة لبعضهم وعقوبات سجن نافذ في حق آخرين لأنهم دحضوا أكاذيب المخزن التي كان مولاي الرشيد، يحاول إقناع نفسه بها على اعتبار أن المجموعة الدولية كلها مقتنعة أن كلامه مجرد زيف في زيف لحقائق تاريخية لا يمكن إنكارها بأن الشعب الصحراوي لا يمكن أن يكون مغربيا. وصورت تصريحات الرقم الثالث في العرش الملكي المغربي، والموقف من المنظمة الحقوقية الدولية وعقوبات السجن التي طالت نشطاء صحراويين مشهدا ثلاثي الأبعاد لقضية تنتظر أن ينتصر لها الضمير العالمي، أمام نزوات مخزن مغربي يريد بشتى الوسائل ضم شعب قالها جهارا أنه لا يريد شيئا آخر سوى تقرير المصير وفي أقرب الآجال. والمفارقة الأخرى أن مولاي الرشيد، عندما كان يروج لمغربية الصحراء وإنجازات جلالته كانت الرباط تفعل بنقيض ذلك عندما ثارت ثائرتها على دول رفضت التصديق بنظرية الضم التي تريد تسويقها بشتى الطرق. وشكّل موقف البرلمان السويدي الذي طالب حكومة بلاده بالاعتراف بالجمهورية العربية الصحراوية، صدمة في أعلى هرم السلطة المغربية إلى الحد الذي جعل الوزير الأول الإسلامي عبد الإله بنكيران، يستنفر الأحزاب المغربية وزبانية المخزن من أجل التجند للتصدي لموقف دولة سيدة في قراراتها رغم اقتناعه أن ستوكهولم على حق ولم تقم إلا بما أملته عليها قوانينها والضمير الإنساني، تماما كما فعلت مع الدولة الفلسطينية غير مكترثة برد فعل حكومة الاحتلال. وبمنطق الابتزاز سارعت الرباط إلى إلغاء منح الترخيص لشركة "ايكيا" السويدية بفتح محلات لها في المغرب، في تصرف عكس درجة التخبط الذي وجدت السلطات المغربية نفسها فيه بعد أن ضاق أمامها هامش المناورة والإقناع في قضية خاسرة مسبقا مادام الشعب الصحراوي يأبى الإذعان للأمر الواقع الذي يريد المغرب فرضه عليه عبر سياسة الاستيطان حينا وبقوة الحديد والنار في كثير الأحيان. وهو المنطق نفسه الذي يريد العرش المغربي تكريسه حتى في حق منظمات حقوقية مثل "هيومن رايتس ووتش" التي استمدت مصداقيتها من صدق تقاريرها حتى تعلق أنشطتها في المملكة والمدن الصحراوية المحتلّة حتى يخلو لها الجو لاقتراف ما تشاء من حيف وتعذيب وإهانة بعيدا عن أعين أي رقيب من نشطاء إنسانيين وبرلمانيين مناصرين لقضية عادلة، وحقوقيين دوليين الذين كثيرا ما منعت وصولهم إلى المدن المحتلّة للتحقق من ادعاءات الملك المغربي، الزاعمة بإقامة "نموذج" للديمقراطية في شمال إفريقيا. وهي حقيقة لم تعد خافية على أحد على اعتبار أن المنظمة الحقوقية الأمريكية، لم تكن سوى حلقة أخرى في عمليات التضييق التي تنتهجها الرباط ضد المنظمات الحقوقية بعد أن فعلت ذلك مع أعضاء في منظمة العفو الدولية "امنيستي"، لم تجد حرجا في طردهم من المغرب لأنهم انتقدوا وضعية حقوق الإنسان في المغرب والصحراء الغربية المحتلّة، وحتى في حق منظمة حقوق الإنسان الصحراوية التي منحتها الاعتماد وتفننت في التضييق عليها، ومنع أعضائها من تنظيم أي نشاط لقناعتها المسبقة أنها ستفضح حقيقة ما في الدار.