لقد حملت زيارة كونداليزا رايس، كاتبة الدولة الأمريكية للشؤون الخارجية، مواقف جديدة للقضية الصحراوية، وكانت تصريحاتها تحولا كبيرا في السياسة الأمريكية لحسم النزاع في أقدم قضية تصفية استعمار في القارة الافريقية. فلأول مرة، يذهب مسؤول أمريكي الى أبعد ما يمكن ويؤكد أن بلاده تؤيد "حلا مقبولا من الطرفينّ وباللغة الدبلوماسية التي لا يختلف حول مدلولها ومعناها اثنان، فإن الطرح الصحراوي هذه المرة سيأخذ بعين الاعتبار في الجولة الخامسة من مفاوضات منهاست "التي أعلنت كونداليزا عن اقتراب استئنافها وذهبت الى حد التأكيد ان بلادها ستؤيدها. وتبدو الرسالة أكثر وضوحا الى المغرب حتى لا يعتمد عرقلة المفاوضات المقبلة ويقف في سبيل تقدمها، فكونداليزا قالت في ندوتها الصحفية أنه "آن الأوان لحل هذا النزاع". ومثل هذه التصريحات التي أدلت بها في العاصمة الرباط وليس في غيرها تحمل اشارة أخرى للمخازنية بأن مرحلة جس النبض قد انتهت وأنه حان وقت الجد. الواضح ان المخزن قد تلقى صدمة أخرى أشد وقعا من الصدمة التي تلقاها من الأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة الذي تخلى عن مبعوثه الخاص فالسوم بعد ان إنحاز الى أطروحات المغرب، ولن يجدي المخزن نفعا محاولات بعض مسؤوليه الذين يعملون على التخفيف من وطأة التحول في الموقف الأمريكي، الذي كان قبل الآن حليفا لهم، والقول أن زيارة كونداليزا للدول المغاربية هي زيارة وداع كون ادارة بوش تحضر لرحيلها. لكن المعروف أن المسؤولين الأمريكيين لا يجاملون ولايقومون بزيارات عفوية، وما قامت به وزيرة الخارجية الأمريكية ما هو سوى تطبيقا للقرارات الدولية وامتثالا للشرعية الدولية التي سيجد المخزن انه ملزم بها رغم كل المحاولات التي يقوم بها لإطالة حلم المسيرة الخضراء، التي تراجع عنها صاحبها الحسن الثاني قبل وفاته، وجاءت كونداليزا لتدفن هذا الحلم وتقبره الى الأبد.