حمل مجلس الوزراء الذي ترأّسه رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، أول أمس، رسائل تطمينية للمواطنين بخصوص إبقاء الحكومة على دعم السياسة الاجتماعية رغم انخفاض مداخيل المحروقات بحوالي 50 بالمائة وانخفاض نفقات الميزانية بنسبة 9 بالمائة، بقيمة 3ر4807 مليار دج بالنسبة للتسيير، و3176 مليار دج بالنسبة للتجهيز، حيث نص مشروع قانون المالية 2016 الذي صادق عليه المجلس، على رفع التحويلات الاجتماعية. وتعكس إجراءات مجلس الوزراء في الشق الاجتماعي، حرص الدولة على تجنب الاختلالات التي قد تطرأ على السياسة الاجتماعية؛ كونها تشكل من أبرز أولويات البرنامج الرئاسي، وباعتبارها من أهم ركائز الاستقرار الذي ترفض الجزائر المساومة به، لاسيما في ظل التحولات الإقليمية التي تعرفها المنطقة العربية، على إثر ما يسمى بثورات الربيع العربي. وبذلك تكون الدولة قد جددت قناعتها بالأهمية التي تحظى بها الانشغالات الاجتماعية في سياق الوفاء بالوعود التي أطلقها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة خلال حملته الانتخابية الأخيرة؛ حيث أكد أن الدولة لن تتخلى عن دعم السياسة الاجتماعية؛ باعتبارها خطا أحمر رغم دعوته إلى ضرورة ترشيد النفقات. ويظهر تأثير المعطى الاقتصادي بسبب انخفاض أسعار البترول في السوق الدولية، جليا على مداخيل المحروقات للبلاد، حيث حرصت الدولة على التأكيد في العديد في المناسبات، على أهمية ترشيد النفقات وليس ”التقشف”، مثلما يحلو للبعض الوصف؛ إذ تسعى الحكومة لطمأنة المواطنين بأن المشاريع التي أدرجتها في سياق السياسة الاجتماعية، لن يطرأ عليها أي تغيير؛ كون الأغلفة المالية المخصصة لها كانت مبرمجة سابقا.ومن باب ترجمة الالتزامات المعلنة في هذا الاتجاه، أكد مجلس الوزراء أن التحويلات الاجتماعية ستشهد ارتفاعا بنسبة 5ر7 بالمائة، لتبلغ 23 بالمائة من ميزانية الدولة في سنة 2016 ب 477 مليار دج لدعم السكن، و446 مليار دينار لدعم العائلات، منها 222 مليار دينار لدعم أسعار المواد الأساسية (القمح والحليب والسكر والزيت) و5ر316 مليار دج لدعم الصحة العمومية. كما أعلن عن استمرار المواطنين والمؤسسات في الاستفادة من عدة إعانات غير مباشرة، بقيمة إجمالية تفوق 1500 مليار دج، مخصصة أساسا لدفع الفروق بين الأسعار الحقيقية للوقود والغاز الطبيعي في سنة 2016، وتتمثل في فارق بقيمة 630 مليار دج بين أسعار الوقود الحقيقية، بما فيها الكميات المستوردة وأسعار بيعه، وفارق بأكثر من 750 مليار دج بين السعر الحقيقي للغاز الطبيعي وسعر بيعه للمستهلكين، و154 مليار دج إعانة توازن لشركة سونلغاز. كما تَقرر خلال السنة المقبلة تخصيص حوالي 40 بالمائة من نفقاتها للاستثمار العمومي، وأكثر من 20 بالمائة من ميزانيتها للتنمية البشرية ورفاه العائلات. وعليه تؤكد الدولة حرصها على إضفاء الطابع الحمائي على سياستها الاجتماعية، مثلما دأبت على ذلك خلال السنوات الماضية، في حين تضمّن مشروع قانون المالية الجديد فيما يتعلق بالإجراءات التشريعية، رفع قيمة بعض الرسوم، لاسيما على الوقود والهاتف النقال والمواد الكمالية المستوردة من باب ترشيد النفقات في سياق توخي الحذر حيال أزمة المحروقات. وبذلك يكون مجلس الوزراء قد قطع الشك باليقين بخصوص عدم تخلي الدولة عن التزاماتها الاجتماعية وسياسة التضامن الوطني والتنمية، مثلما أكد رئيس الجمهورية خلال الاجتماع رغم مطالبته في هذا السياق، بتوخي الحذر إزاء أزمة سوق المحروقات العالمية، والمثابرة على ترشيد النفقات العمومية ومكافحة التبذير وكافة أشكال المساس بالثروات الوطنية، بما فيها الفساد. وما كانت دعوته السلطات العمومية لتحسيس المواطنين بخطورة الوضع المالي الذي تمر به الجزائر على غرار الدول الأخرى المنتجة للنفط، سوى محاولة لإحاطتهم بالظرف الاقتصادي العالمي الناتج عن انخفاض أسعار النفط، وإشراكهم في الجهود الضرورية للحفاظ على استقلالية القرار الاقتصادي للبلاد، قصد مواصلة سياسة مطابقة للقيم المتمثلة في العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني. وبلا شك، فإن للإجراءات الرشيدة التي اتخذتها الدولة في السنوات الماضية، لاسيما ما تعلّق منها بالدفع المسبق للديون، تأثيرا إيجابيا على الوضع الاقتصادي الحالي للبلاد، حيث مكّن ذلك من إدراج إجراءات لفائدة الإنتاج الوطني، لاسيما في صناعات الحديد والصلب والمعلوماتية والاستثمار في مجال المناجم والصناعات الناشئة، وكذا لفائدة الاستثمار الأجنبي بالشراكة، وذلك في إطار الاستجابة للحاجيات الحقيقية للاقتصاد الوطني، ومن ثم استحداث الثروات ومناصب الشغل.