عرضت جمعية الشموع الثقافية من ولاية النعامة، أول أمس، مسرحية "الوصية" ضمن تظاهرة الأيام المسرحية للجنوب الجارية بالمسرح الوطني محيي الدين بشطارزي بالعاصمة. وقدّم مخرج ومؤلف العمل قبيز قادة، عملا يعكس ضعفا فنيا وتقنيا، يستدعي التأطير المعرفي الصحيح لهذه المبادرات الفنية التي تقودها جمعيات عصامية التكوين. تقوم الأيام المسرحية للجنوب بمنح الفرصة لجمعيات فتية تشتغل على العمل الدرامي والمسرحي تحديدا، ذلك بالصعود على خشبة مسرح حقيقية والاحتكاك بالجمهور العاصمي، فضلا عن اللقاء الذي يجمعهم ببعض للتعارف وتبادل المدارك والأفكار، قصد تطوير مستواهم، وتكون أعمالهم المسرحية ناجحة ومتميزة، حيث إن المستوى الذي ظهرت به مسرحية "الوصية" يقتضي من القائمين على المسرح أن يفكروا في إيجاد ميكانيزم عملي وسريع لنهضة الحركة المسرحية في الجنوب. وتتناول مسرحية "الوصية" للمخرج قبيز قادة شأنا اجتماعيا رائجا في المجتمع، عن ضحايا التفكك الأسري الذي ينتهي بهم الأمر في الشارع والجنون، وهذا ما حدث لعائلة "الطيب" الذي ترمّل وتركت له زوجته ابنتين في عمر الزهور، فيضيق به الأمر من تحمّل مسؤوليتهما، ويقرر الزواج مرة ثانية حتى يعيش حياته سعيدا بامرأة تشاركه الحياة وتتحمل أعباءه وأعباء البيت، لكنها هيهات أن تفعل! تواجه البنتان مواقف صعبة مع زوجة الأب؛ إذ تقومان بكل أشغال البيت وحدهما، بينما الزوجة "سهيلة" لا تنضب عن الدخول والخروج من البيت وقتما تشاء. اشتكتا منها ورفضتا الانصياع لها، تاركتين أشغال المنزل غاضبتين من الوضع. تقوم "سهيلة" برفع شكواها إلى زوجها الخانع "الطيب"، الذي بدا رجلا مضغوطا سريع الغضب وغير مكترث بشأن بنتيه رغم أن الزوجة المتوفاة قد استوصت بهما خيرا، لكنه وبأمر من زوجته الثانية، يعنّفهما تعنيفا جارحا يجعلهما تتركان البيت، ويصير الشارع مأواهما الجديد بين أحضان الوجل والتشرد والاعتداءات. وما لبث الطيب أن استفاق من غفلته، وواجه سهيلة بحقيقتها أنها كسرت شرفه بسبب سلوكها الأرعن. وفي ذروة شجار بينهما يرفع الطيب سكينا ليغرسه في جسد زوجته ويرديها قتيلة، ثم يخرج هائما على وجهه يندب فراق ابنتيه؛ في مشهد هستيري مثير. استعان المخرج بأدوات سينوغرافية بسيطة، وأطنب في إلحاق المشاهد بموسيقى عالية الصوت، أزعجت المتلقي، وغلبت على الحوار الذي كان يدور بين شخصيات المسرحية، كما تقنية الظل الطاغية على العمل، ذلك لحاجة فنية إبداعية، لكنها ترجمت كذلك هشاشة في المتن الدرامي المقدَّم. وكان أداء الممثلين مقبولا إلى حد بعيد عدا دور الوالد، الذي كان فيه الممثل يصرخ كثيرا في فترات لا تحتاج إلى ذلك.