أخذت السلطات القطرية على عاتقها، أمس، الخوض في مغامرة دبلوماسية جديدة ضمن مبادرة لمساع حميدة لإنهاء النزاع في إقليم دارفور المتنازع بشأنه في جنوب غرب السودان. وينتظر أن يشرع وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، بداية من هذا الأسبوع، في أولى الاتصالات مع كل الأطراف المعنية ضمن لجنة وزارية عربية في محاولة لإنهاء النزاع القائم منذ أكثر من أربع سنوات. وتضم اللجنة الوزارية العربية المنبثقة عن اجتماع مجلس وزراء خارجية الجامعة العربية، الأسبوع الماضي، برئاسة قطرية وزراء الجزائر والعربية السعودية وسوريا وليبيا ومصر مهمتها الإشراف على مسار المفاوضات بين مختلف الفصائل المتمردة في الإقليم المتنازع حوله والحكومة السودانية. وتراهن الجامعة العربية على السمعة التي اكتسبتها الدبلوماسية القطرية في السنوات الأخيرة بتسويتها للعديد من القضايا والنزاعات المستفحلة والتي كانت آخرها الأزمة السياسية في لبنان والتي كادت أن تدخل البلد في حرب أهلية بأبعاد إقليمية. ولكن أزمة تسوية النزاع في إقليم دارفور تبقى أكثر تعقيدا من الأزمة اللبنانية رغم تشعباتها خاصة وأن لغة الحوار غابت عن معادلة النزاع السوداني لصالح لغة السلاح والقوة العسكرية. وقد اعترفت السلطات القطرية بهذه الحقيقة وهو ما جعلها تؤكد أن نجاح مهمة الوساطة من عدمه يبقى رهين إرادة الأطراف المتنازعة وما إذا كانت لها رغبة حقيقية في إنهاء حالة الحرب الأهلية المستفحلة في الإقليم والتي حصدت آلاف المدنيين. وقال سيف أبو العينين، مساعد وزير الخارجية القطري أمس، إن تعاون كل الأطراف اللبنانية كان ضروريا للتوصل الى تسوية لحالة الاحتقان السياسي وهو الأمر نفسه الذي يتعين توفره بالنسبة للنزاع في إقليم دارفور. ولكن المسؤول القطري لم يشأ استباق الأحداث بتشاؤم غير مبرر وقال إن وفد الوساطة سيقوم بأولى الاتصالات مع كل الأطراف وعلى ضوئها سيبني أحكامه بخصوص حظوظ نجاح الوساطة العربية. وجاء الكشف عن بدء مهمة الوساطة العربية في نفس اليوم الذي أكدت فيه العديد من الفصائل الدارفورية رفضها للمهمة العربية. واشترطت هذه الفصائل قبل ذلك أن تقوم الجامعة العربية بإصدار موقف واضح بخصوص ما أسمته بالمجازر التي اقترفتها القوات الحكومية ضد سكان الإقليم. واعتبر عبد الواحد محمد نور، زعيم حركة جيش تحرير السودان، اللاجئ بفرنسا، أن المبادرة العربية إنما تهدف الى حماية الرئيس السوداني عمر البشير من متابعته أمام محكمة الجنايات الدولية بتهمة اقتراف جرائم حرب في حق المدنيين من سكان الإقليم المتنازع حوله. وقال نور إن القوات الحكومية السودانية شرعت منذ الجمعة في أوسع هجوم على عدة مناطق في الإقليم بمشاركة الطائرات الحربية في منطقة جبال مرة أحد معاقل مقاتلي جيش تحرير السودان. وفي أول رد فعل على مساعي الوساطة العربية رحب الاتحاد الإفريقي بالمبادرة العربية وأكد أن تشكيل هذه اللجنة سيؤدي إلى تعزيز الأمن والسلم العربي والإفريقي من خلال تظافر وتكامل الجهود والعمل المشترك باتجاه حل الأزمة في إقليم دارفور. وأكد الاتحاد التزامه بتنسيق التعاون المشترك وتقوية التضامن العربى الإفريقي في المجالات المختلفة حتى يحقق الجانبان النتائج المرجوة فى القضايا المشتركة خاصة الوضع في إقليم دارفور.