أكد المشاركون في الملتقى الثالث رفيع المستوى حول السلم والأمن في إفريقيا، أمس، على أهمية تعبئة الدعم السياسي والدبلوماسي والتقني للأعضاء الأفارقة (ا3) بمجلس الأمن للأمم المتحدة، وذلك لتحرير القرارات والنقاط المسجلة ضمن جدول أعمال مجلس الأمن الدولي. وأوصى المشاركون في التوصيات التي توجت أشغال الملتقى الذي اختتمت فعالياته بوهران بعد ثلاثة أيام من النقاش والتشاور، بضرورة إعطاء لمجلس الأمن والسلم لدى الاتحاد الإفريقي، القدرة على معالجة وتبني برنامجه الشهري، خلال الأسبوع الأخير من كل شهر لتعزيز الدقة في انتقال المعلومة والتحليلات والقرارات على مستوى المجموعة (ا3) بنيويورك. ورافع المشاركون أيضا من أجل دعم البعثة الدائمة للملاحظة بالاتحاد الإفريقي لدى الأممالمتحدة. كما أشادوا بهذه المناسبة بالدور الريادي للجزائر تحت قيادة رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، في تسوية الأزمات في القارة ووجهوا شكرهم للجزائر على مساهمتها في إنجاح هذا الملتقى الثالث المنعقد بوهران. وبهذه المناسبة، أكد وزير الدولة وزير الخارجية والتعاون الدولي، السيد رمطان لعمامرة، في كلمته، على ضرورة أن يحرص الأفارقة الأعضاء الجدد (مصر، السنغال والتشاد) في مجلس الأمن الأممي على توحيد المواقف وخدمة الأمن والسلم العالميين من خلال استعمال القوة الناعمة والمساهمة الفعلية في حل النزاعات والمشاكل غير الإفريقية، من خلال التمسك بالقيم الإنسانية . وأوضح لعمامرة أن للأفارقة مسؤولية المساهمة في صنع القرار العالمي إزاء القضايا الدولية، وليس القضايا الإفريقية فحسب، مشيرا إلى أن القارة السمراء قادرة على صنع مستقبلها ومستقبل الإنسانية، من خلال العمل على تحقيق السلم والأمن العالميين، باعتبارهما الركيزتين الأساسيتين في تحقيق التنمية والازدهار والرقي بمختلف شعوب العالم، إلى جانب العمل على نبذ العنف ومحاربة الإرهاب والجريمة العابرة للقارات والأوطان. وأعرب عن أمله في أن تكون الدول الإفريقية التي تشغل المقاعد غير الدائمة في مجلس الأمن للأمم المتحدة أكبر مناصري القضية الفلسطينية وكافة الشعوب التي تعاني من ويلات الاحتلال والعنف الإرهابي والجريمة المنظمة العابرة للأوطان. من جهته، أكد الدبلوماسي الجزائري، الأخضر الإبراهيمي، على ضرورة أن تكون الدول الإفريقية في مقدمة كافة المساعي التي تهدف إلى إعادة المصداقية للأمم المتحدة التي شهدت ضعفا خلال السنوات الماضية.وأشار إلى أن "مواقف الدول الكبرى هي التي تسببت في هذه الوضعية"، "كونها ضيقت الخناق على منظمة الأممالمتحدة، وبالمناسبة حث السيد الأخضر الإبراهيمي البلدان الإفريقية على مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة لاستعادة مصداقية المنظمة الدولية حتى تتمكن من التعبير عن نفسها والقيام بمهامها بشكل جيد. وأضاف في هذا السياق "لقد أكدنا دائما على أهمية تعزيز موقف الأمين العام للأمم المتحدة ولقد عملنا دائما في هذا الاتجاه ولهذا الهدف"، مشيرا إلى أن انتشار العنف في العالم هو علامة ضعف المنظمة الأممية. وفي تصريح للصحافة في ختام الملتقى، قال السيد الأخضر الإبراهيمي إن "حل المشاكل الإفريقية من قبل الأفارقة أنفسهم هو مبدأ ثابت"، مضيفا أن هذا المبدأ لا يستبعد مطلقا التعاون مع بقية العالم. على صعيد آخر، أعرب وزير الخارجية البوروندي، السيد آلان ايمي نيامياتيو، خلال محادثاته مع السيد لعمامرة عن اهتمام بلاده في الاستفادة من تجربة الجزائر في مجال المصالحة الوطنية وترقية الحلول السياسية والسلمية للأزمات. أما السيد لعمامرة فقد ذكر بموقف الجزائر بشأن الوضع في بوروندي ومنطقة البحيرات الكبرى قائلا "إنه موقف مبدئي مدعم لجهود استقرار جميع البلدان التي تعيش وضع متأزم في ظل احترام سيادتها ووحدتها وتنوعها". شرقي يؤكد أن الدول الإفريقية اتخذت تدابير هامة: التصدي للعودة المحتملة للجهاديين إلى إفريقيا أكد مفوض السلم والأمن لدى الاتحاد الأفريقي، السيد إسماعيل شرقي، أن الدول الإفريقية اتخذت تدابير هامة لمواجهة العودة المحتملة للجهاديين إلى بلدانهم الأصلية، على ضوء آخر تطورات الوضع السائد في الشرق الأوسط وأبرز شرقي في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية على هامش الملتقى الثالث رفيع المستوى من أجل السلم والأمن في القارة السمراء، أهمية خلق مسار جيبوتي وهي آلية ثانية إقليمية في إفريقيا للتعاون الأمني وتبادل المعلومات حول الضرورات الأمنية للقارة، مضيفا أن هذا الجهاز الذي يهم بلدان منطقة شرق إفريقيا هو إحدى الأدوات المهمة لمواجهة التهديدات التي تشكلها العودة المحتملة للجهاديين. كما أشار إلى أن مسار جيبوتي مكمل لمسار نواقشوط الذي اعتمد خلال السنوات الأخيرة، حيث أعطى نتائج مرضية للغاية، في حين أشاد بالالتزام الكبير للدول الأعضاء بالاتحاد الأفريقي للرفع من مستوى التعاون والتنسيق وتبادل المعلومات، قبل التأكيد على ضرورة توحيد الإطار لتبادل المعلومات بين الأجهزة الأمنية للبلدان الأفريقية. وأضاف المسؤول الإفريقي بالقول "إن احتمال عودة هؤلاء الإرهابيين يشكل تهديدا وهو ما ينبغي أن ينبهنا، حتى نتمكن من الاستعداد لهذا الاحتمال حتى نترصد باستمرار حركة الجهاديين". وأكد السيد إسماعيل شرقي على ضرورة دعم جهود الأمن في إفريقيا من خلال برامج للتنمية الاجتماعية والاقتصادية لمكافحة تطرف الشباب وجعلهم بمنأى عن جميع أشكال التجنيد والتلاعب، مضيفا في هذا الصدد أنه تم تجنيد ما بين 3000 و6000 من الجهاديين من أفريقيا في صفوف الجماعات الإرهابية الموجودين في الشرق الأوسط. كما طالب المفوض السامي للسلم والأمن بالاتحاد الإفريقي الأطراف المؤثرة في عالم الإنترنت لوضع حد للإشادة بالإرهاب على الشبكة العنكبوتية، مشيرا بالقول "نحن نطلب من أولئك الذين لديهم تأثير في عالم الإنترنت أن يكون لهم رد فعل لأن استخدام الإنترنت من قبل الإرهابيين أصبح له تأثيرات خطيرة". وحسب السيد شرقي، فإن إفريقيا تمتلك آليات هامة في مجال مكافحة الإرهاب، إلا أن المهمة الكبرى والأولوية التي يجب أن يتم القيام بها هي تجفيف مصادر الإرهاب بما فيها المالية ومعالجة أسبابه الجذرية، مثل الفقر والتطرف في صفوف الشباب والأفكار المتطرفة.