يقال بأن نقاط القوة في الأغنية العصرية الشاوية تتجلى في قدرتها غير المتناهية على اقتباس مضامينها من الأسطورة عيسى الجرموني، صاحب الصوت الجبلي المعبر، وهي الصورة التي يعكسها الفنان الشاوي سامي يوراس، المتألق العازم على النبش في التراث لتطوير الأغنية الشاوية. وقد فتح صدره لنا في هذا اللقاء. ❊ نود منك التعريف بنفسك للقراء؟ ❊❊ اسمي الفني سامي يوراس، من مواليد 19 أفريل 1984، من أب شاوي وأم قبائلية. اكتشفت ميولاتي للغناء في سن مبكرة، وكان الفضل الكبير فيها للموسيقي جمال نايلي. أستاذ الموسيقى المختص في آلة القيثارة، وهو أحد الأعضاء الناشطين في فرقة "ماسينيسا". كما أنني مزدوج الموهبة، إذ كنت أقوم بتأليف الكلمات والشعر، وقد بدأت الغناء في الأعراس بالمنطقة وأنا في ال18 سنة. قمت بإنجاز أول عمل فني جسدته ميدانيا بمهارات عالية بشهادة المختصين بألبوم غنائي من تأليفي وألحاني في "ديو" مشترك مع المعني "يوبا"، بعنوان "عيشة"، ومع نفس المطرب أنجزت ألبوما آخر بعنوان "أوشيغام العاهد" بمعنى أعطيتك عهدا. ❊ ومتى تبلورت لديك فكرة إنشاء فرقة موسيقية؟ ❊❊ حققت هذا الحلم عام 2002، عندما ساندني كمال مزاز، وهو عازف على آلة القيثارة، وقد استفدت من خبراته وتوج نشاطنا بألبوم جديد"بيبية" في طابع جديد يدعى "الراب والدانس"، وهو مزيج بين "الريغي والروك" بإيقاع شاوي محض. ❊ وماذا عن ألبومك الجديد؟ ❊❊ سيصدر لي قريبا ألبوم جديد في نهاية الشهر الجاري، يحمل مفاجآت، به 13 أغنية متنوعة، تتناول مواضيع اجتماعية هادفة وتعكس التراث في أصدق معانيه ويحمل مفاجآت سارة للجمهور. ❊ وهل يحمل خصوصيات ويطرح بديلا؟ ❊❊ بالطبع به خصوصيات لأنني أعمل بجد، ليس لهثا وراء المال والكسب السريع على حساب الفن، لأنني سطرت منهجا يأخذ في الحسبان مدى التفاعل مع طريقتي في العمل المميزة في مخاطبة أذواق الجمهور والمضي بالأغنية الشاوية لاكتساح العالمية، وستبقى مواكبة للتطور. كما أن ألبومي هذا يمثل مشروعا فنيا مفتوحا حال إنجازه يعد بالكثير. ❊ هل استعمال اللغة العربية في الأغنية الشاوية يؤثر على محتواها الفني؟ ❊❊ الكثير من المطربين يدّعون أداء الأغنية الشاوية، إلا أنهم في حقيقة الأمر يغنون بالعربية، باعتماد ألحان وإيقاعات شاوية، فأنا أعتبر هذا تحريفا لفن قائم بحد ذاته، أتمنى أن يكفوا عن ذلك، لأن هذا المزيج اللغوي يؤثر على المحتوى الفني للأغنية الشاوية التي يستحسن أن تحافظ على لونها وخصوصياتها. ❊ أيهما تعتقد بوجوب تطويره؛ اللغة الأمازيغية أم الأغنية الأمازيغية؟ ❊❊ اللغة الأمازيغية ليست بحاجة إلى تطوير بالقدر الذي يحتاجه الغناء وفق متطلبات التطور التكنولوجي والعصرنة، 'سأعمل على إنتاج فني جديد باحترام الكلام الموجه للمتلقي، باعتبار الفن رسالة وفي نفس الوقت الحفاظ على اللغة الأمازيغية..' ❊ وأي دور تراه مناسبا للفرق الموسيقية لدعم طموحاتك الفنية؟ ❊❊ للأسف الشديد، الفرق الموسيقية في انقراض، هذا ما يلاحظ في الساحة الفنية، ومرد ذلك نقص الدعم المادي، مما يتطلب إعادة النظر في توزيع الإعانات على الجمعيات الثقافية، ففي مثل هذه الظروف لا يمكن للفرق الموسيقية أن تدعم طموحات الفنان. ❊ إلى أي مدى يؤثر المنتجون في تحديد رسالة الفنان؟ ❊❊ بطبيعة الحال، لهم تأثير كبير ليس فقط في تحديد رسالة الفنان، بل ينعكس ذلك سلبا حتى على مبادرات تطوير الفن عامة والشاوي خاصة. فالمنتج يحدد بنسب كبيرة نجاح الألبوم من عدمه، وهي في حقيقة الأمر مهمة الجمهور، لذا أعتقد أن المنتجين هم سبب تدهور الأغنية الشاوية لأنهم يفضلون الإنتاج العربي ونوع "العراسي"، لهذا أصبحت أطلق ألبوماتي ولم أعد أبحث عن المقابل بغرض الحفاظ على الأغنية الشاوية وحمايتها. ❊ هل تعتقد بوجود فن شاوي للأطفال؟ ❊❊ لست أدري كيف أرد، هو في الحقيقة موجود، إن بحثنا عنه وإن تجاهلناه فهو مفقود، وأنا من بين الفنانين الذين يحملون مشروعا فنيا للأطفال إن شاء الله، سأجسده وهو ناطق بالأمازيغية، يحمل في جوهره دور الفن في تهذيب النفوس. خاصة أنني رئيس جمعية يوراس للثقافة والفنون وإحياء التراث، كما أسعى إلى النبش في التراث، لكن أعتقد أن ذلك يتطلب تضحيات جسام نظير أهمية هذا المشروع الذي يتطلب تكوين جيل. ❊ من خصوصيات الأغنية الشاوية، على غرار القبائلية، أنها محافظة ولم تستسلم للنزوات، ومحاولات الزج بها في الملاهي، فأين يكمن السر؟ ❊❊ الأغنية الشاوية محترمة وستبقى كذلك، شأنها شأن الأغنية القبائلية التي اكتسحت العالمية بفضل الفنان الأمازيغي "إيدير" الذي ترجمت رائعته "أبا با إينوبا" إلى عدة لغات أجنبية، فمن يتبع أصالة وتراث أمة لا يمكنه الحياد عن جادة الطريق. ❊ هل من كلمة أخيرة؟ ❊❊ أملي كبير في أن نجد دعما من الجمعيات الثقافية لدعم مشاريعنا الفنية الهادفة ولا أفوت الفرصة الإشادة بدور جريدة "المساء" لما تقوم به من نشاط إعلامي في مختلف المجالات ونقل صورة الأوراس الكبير فنيا وثقافيا واجتماعيا، ونشكر لكم هذه الالتفاتة التي ستجعلني في تواصل دائم مع جمهوري الكريم.