دعا وزير الاتصال، السيد حميد قرين، خلال إشرافه على افتتاح دورة تكوينية نظمتها وزارة الاتصال، أول أمس بالمدرسة العليا للصحافة على ضرورة تجاوز خطاب اليأس والإحباط في الإعلام وعدم التركيز فقط على الأمور السلبية دون غيرها من أجل تحقيق أهداف ضيقة، واعتبار أن "القبيح هو الجميل في الممارسة الإعلامية". كما حث الوزير الأسرة الإعلامية على تجنب أسلوب التخويف والتهويل الذي لا يعتمد في مصدره على الحقيقة وبالتالي سيكون أداة لزرع الإحباط والتأثير السلبي على معنويات المواطن. بداية، ثمّن السيد الوزير اللقاء الذي أكد أنه يندرج في إطار سلسلة من الندوات والدورات التكوينية التي ترعاها الوزارة، حيث تم إلى حد الآن برمجة 20 حصة، استضيف فيها خبراء ورجال إعلام كبار ومختصين، علما أن الدورات المفتوحة للمجتمع المدني كانت قد انطلقت منذ شهرين تحت شعار "الجزائري له الحق في المعلومة الموثوقة". وقد كانت الدورة الأولى بدار الثقافة، مالك حداد قسنطينة بتأطير من السيد شعبان لوناكل، المدير العام للإذاعة الوطنية ولاقت إقبالا كبيرا من المواطنين وأهل المهنة تجاوز عددهم ال600 شخص من كل الشرائح، تبعها نقاش ثري وصريح، وكذلك الحال مع دورة وهران التي أدارها الأستاذ عاشور بوزيان، مدير يومية "الجمهورية". وبدورها ستستفيد ولاية عنابة من لقاء مماثل في 8 فيفري بإشراف من المدير العام لمؤسسة التلفزة السيد توفيق خلادي. كما ستستفيد لاحقا 48 ولاية من ذات التجربة. بعد استماعه باهتمام للمحاضرة التي ألقاها الدكتور الجزائري محمد قيراط من جامعة قطر عن "أخلاقيات الإعلام: التحديات والرهانات"، وصف الوزير المحاضر برجل الإعلام ذي المستوى الدولي". مباشرة نشط الوزير ندوة صحفية حرص فيها على عرض بعض الأمور السلبية التي لا تزال عالقة في الممارسة الصحفية، منها أن الخبر الايجابي لا يجد له مكانا في الصفحات الأولى عكس الأخبار السيئة والمشوهة، وهو أمر يكاد يكون غائبا في الإعلام الغربي، فالإضرابات الكبرى في أوروبا مثلا لا تتصدر العناوين وذلك ليس بسبب التعتيم أبدا- بل لوعي الإعلام الذي لا يريد أن يكون طرفا مكرسا للبلبلة والمس بمصالح البلاد، وهنا طرح الوزير تساؤلا مشرعا حول ميكانيزمات التكوين في الصحافة الخاصة؟". وبمناسبة الحديث عن الصحافة الخاصة، أشار الوزير إلى أن القانون يفرض عليها وعلى كل المؤسسات الإعلامية أن تخصص 2 بالمائة من كتلة الأجور لفائدة تكوين الصحفيين لكن تبقى هذه المسألة مهمشة. أكد الوزير قرين أنه يؤمن بإعلام إيجابي بنّاء، وأنه لا فرق عنده بين الإعلام العمومي والخاص، لكن ذلك لم يمنعه من القول إن الكثير من الصحفيين العاملين بالمؤسسات الإعلامية الخاصة عبروا عن رغبتهم في الانضمام إلى القطاع العمومي بسبب التكفل الجيد والامتيازات وحفظ الكرامة للصحفيين العاملين في مختلف مؤسساته. كما أشار قرين إلى أنه منذ أن تسلم وزارة الاتصال استقبل ما يزيد عن 50 مدير مؤسسة إعلامية خاصة واستمع إليهم جميعا واكتشف أن الذين يفتحون معه النقاش عن آفاق التكوين أو مسائل تهم المهنة، لا يتجاوزون عدد أصابع اليد الواحدة، أما الباقون فلا تهمهم إلا مداخيل الإشهار لذلك رفض إعادة مقابلتهم، وهنا ذكر الوزير أنه في غالب الأحيان لا يستفيد الصحفي من مداخيل الإشهار ليبقى أجره متدنيا، بل ومحروم من بعض حقوقه الاجتماعية منها الضمان الاجتماعي وهو أمر قال عنه الوزير إنه غير معقول وغير مقبول. وعن موضوع الندوة "أخلاقيات الإعلام"، أكد الوزير أن أخلاق المهنة لا تختلف عن أخلاق المجتمع، فهي تتكون خلال التنشئة الاجتماعية والأسرية لتطبق في كل مكان وفي كل مهنة مهما صغرت أو علت. وفي سؤال طرحته "المساء" متعلق بإمكانية استفادة الصحفيين من تكوين يؤطره خبراء إستراتيجيون كبار، أشار الوزير إلى أنه لا مانع من ذلك خاصة وأن الوزارة سبق أن نظمت لقاء مع خبير استراتيجي جزائري لكنه ألح على ضرورة التكوين الذاتي للصحفي من خلال البحث والقراءة والاستفادة من تجارب فطاحلة الإعلام الجزائري والعالمي. أجاب الوزير أيضا عن العديد من أسئلة الصحفيين المتعلقة أساسا باللغة الإعلامية الهجينة المستعملة في القنوات الخاصة وإمكانية تدخل سلطة الضبط لإرجاع الأمور إلى نصابها، والحد من التجاوزات وغيرها من الأمور المتعلقة أساسا بالممارسة الإعلامية. وأشار الوزير أيضا إلى الاتفاق مع وزارة الداخلية لتسهيل عمل الصحفيين الذين لهم بطاقة الصحفي المحترف، بما في ذلك المراسلين حتى بالنسبة لمن لا يملكون البطاقة بعد، حتى لا يحرموا من تغطية النشاطات. أما فيما يتعلق باستفادة الصحفي من امتيازات أخرى، فهي في طور التحضير لتقدم للمصادقة، ويتعلق الأمر بعقود مبرمة بين قطاع الاتصال والسياحة والنقل والبريد والمواصلات. بالنسبة لمجلس أخلاقيات المهنة، فستكون هناك حسب الوزير- انتخابات لاختيار 14 صحفيا لا تقل تجربتهم الإعلامية عن ال10 سنوات.