خرج الرئيس السوري، بشار الأسد، عن صمته، أمس، مؤكدا استعداده التفاوض مع المعارضة في نفس الوقت الذي شدد فيه التأكيد على أنه سيواصل حربه ضد التمرد المسلح ضد نظامه. وقال الأسد في تصريح أمس إنه كان يؤمن منذ اندلاع الأزمة بالتفاوض والعمل السياسي إلا أن ذلك لا يعني أبدا كما قال وقف حربنا ضد الإرهاب. وأضاف مدافعا عن موقفه أن كلا الشقين متلازمين كون الشق الأول مرهون بالثاني. وجاءت تصريحات الرئيس السوري لتزرع الشك في إمكانية نجاح الهدنة المعلن عنها ليلة الخميس إلى الجمعة بمدينة ميونيخ الألمانية بعد خمس ساعات من المفاوضات المضنية بين وزير الخارجية الامريكي، جون كيري، ونظيره الروسي سيرغي لافروف. وشكلت الهدنة المتوصل إليها في هذه الندوة اختراقا استراتيجيا ضمن خطوة هامة لتسريع مفاوضات جنيف التي توقفت فجأة حتى قبل بدايتها بداية الشهر الجاري. وكان قرار موسكو وواشنطن بوقف الغارات الجوية ضد معاقل التنظيمات المسلحة في سوريا بعد مفاوضات عسيرة إنجازا سار في نفس سياق مطالب المعارضة السورية التي ربطت عودتها إلى طاولة المفاوضات بحتمية وقف الغارات الجوية الروسية. وقال وزير الخارجية الروسي إن بلاده والولاياتالمتحدة ستعملان على وضع آليات تطبيق اتفاق الهدنة معتبرا ذلك بمثابة أول خطوة باتجاه وقف نهائي لإطلاق النار. ويؤكد جنوح الفرقاء الدوليين إلى خيار الهدنة وتغليب لغة المفاوضات بعد أن تيقنوا أن مواصلة المواجهة العسكرية المفتوحة سيجعل الجميع خاسرا وسط مؤشرات متزايدة باحتمال توجه النزاع إلى حرب إقليمية بتجاذبات دولية بعد تسريب معلومات عن تدخل بري سعودي تركي في سوريا. واقتنعت الولاياتالمتحدة وروسيا بعد مفاوضات عسيرة طيلة نهار الخميس بمدينة ميونيخ أن أفضل طريق لإنهاء الحرب السورية يمر حتما عبر هدنة يلتزم بها الفرقاء إلى حين تمكين المبعوث الاممي ستافان دي ميستورا من إجراء المفاوضات في أجواء من السكينة والأجواء المواتية. وقال وزير الخارجية الامريكي، جون كيري، مباشرة بعد الاتفاق أننا توصلنا إلى هدنة سيتم الإعلان عنها خلال أسبوع تلتزم فيها القوات النظامية السورية المدعومة بالطيران الحربي الروسي بوقف عملياتهما وبين المعارضين لها والقوات الأمريكية الداعمة لها. وتوالت القرارات الايجابية لإنهاء المأساة السورية بقرار التزم فيه الجميع بتكثيف مساعداتهم الإنسانية عبر فتح ممرات للسكان المحاصرين الذين وجدوا أنفسهم بين فكي كماشة نيران المتحاربين منذ عدة أشهر ضمن اكبر مأساة إنسانية تعرفها سوريا. وهو الشق الآخر للازمة السورية التي ينتظر أن تبث فيه الدول ال17 المعروفة بدول أصدقاء سوريا لبحث سبل وآليات إيصال هذه المساعدات وخاصة وأن مناطق واسعة في مدينة حلب التي عانى سكانها الويلات مازالوا محاصرين وسط ظروف كارثية. وتسارعت تطورات الوضع في سوريا في الاتجاه الإيجابي بما أعطى الأمل لإنهاء حرب مدمرة لولا أن بين القول والفعل بون شاسع وخاصة وأن قرارات كثيرة في أزمات مشابهة كثيرا ما انهارت حتى قبل أن يتم البدء فيها. وإذا أخذنا الوضع في سوريا فإن مجرد إطلاق رصاصة واحدة ومهما كانت أسبابها ستكون كافية لينهار كل شيء وتعود الحرب كما كانت أو اشد ضراوة وتعود التهم المتبادلة بين الأطراف الموقعة على هذه الهدنة محملة بعضها البعض مسؤولية ذلك. وهو ما جعل كريستين وايرتز الناطقة باسم الحكومة الألمانية تؤكد بامكانية إنقاذ هذا المسار شريطة أن لا تستغل الأطراف المنحاربة الفترة الممتدة بين اتفاق الهدنة وبدء سريان العمل بها لتكثيف العمليات العسكرية والإشارة واضحة باتجاه الطيران الحربي الروسي والقوات السورية التي تمكنت في المدة الأخيرة من استعادة المبادرة الميدانية وأخلطت كل الحسابات. ومهما يكن فإن الهدنة المعلن عنها تبقى إنجازا دبلوماسيا إن كتب له النجاح فانه سيفتح الباب واسعا أمام إجلاس وفدي الحكومة والمعارضة في مفاوضات أكدت مصادر الأممالمتحدة أنها ستنطلق يوم 25 فيفري الجاري وخاصة في حال عاد الفرقاء الى جنيف دون شروط مسبقة كما أكد على ذلك وزير الخارجية الروسي ضمن رسالة باتجاه المعارضة التي ربطت عودتها الى الطاولة برحيل الرئيس بشار الأسد.