عرفت قيمة العملة تراجعا محسوسا في الأشهر الأخيرة، وهو ما تؤكده أرقام بنك الجزائر الأسبوعية، التي تُظهر أن الدينار الجزائري يواصل وتيرة الانخفاض ولو تدريجيا.وحسب أسعار الصرف الصادرة الأسبوع الماضي، تم تحديد سعر الدولار ب 81ر105 دينار للشراء و27ر112 دينار للبيع (كان 52ر98 دينارا قبل عام)، في حين حُددت قيمة اليورو ب 85ر116 دينارا للشراء و01ر124 دينارا للبيع (كان21ر112 دينارا قبل عام)، وهي أسعار أعلى من تلك المسجلة في الفترة الممتدة من 21 إلى 27 فبراير، والتي شهدت تحديد سعر الدولار ب 54ر104 دينار للشراء و92ر110 دنانير للبيع، وتحديد قيمة اليورو ب 75ر116 دينارا للشراء و90ر123 دينارا للبيع. ويرى خبراء اقتصاديون في تصريحات ل "المساء"، أن هذا الانخفاض إرادي ضمن سياسة البنك المركزي على خلفية انهيار أسعار النفط. والهدف منه "زيادة المداخيل من العملة الوطنية"، لكن تبقى قيمته الحالية بعيدة عن قيمته الحقيقية التي هي أدنى، إلا أن بنك الجزائر متخوف من تحرير سعر الدينار؛ لأنه سيؤدي إلى ارتفاع كبير في الأسعار. حميدوش: الدينار لا يقدَّر بقيمته الحقيقية ولا بد من تحرير سعر الصرف وبالنسبة للخبير الاقتصادي أمحمد حميدوش، فإن قيمة الدينار تخضع لجملة من العوامل؛ لأنه يخضع لسلة من العملات، المرتبطة، هي الأخرى، بالتجارة الخارجية لبلادنا، أي الصادرات والواردات. وفي ظل الوضع الراهن المتميز بتراجع كبير في أسعار المحروقات التي تُعد المصدر الوحيد تقريبا لصادرات الجزائر، فإن الأخيرة انخفضت مقابل تراجع بسيط في الواردات، وهو ما يعني تراجعا في احتياطات العملة الصعبة.ويلفت محدثنا الانتباه إلى أن السعر الحالي للدينار "مدعم" من طرف بنك الجزائر في إطار سياسة الحذر التي يسير بها النظام النقدي، وأنه مضبوط بطريقة تقنية مع صندوق النقد الدولي، وفي حال تحريره فإن سعر اليورو سيصل إلى 152 دينارا. إلا أن البنك المركزي يتخوف - كما أشار إليه - من هذا التحرير الكلي للعملة الوطنية، لأن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع كبير في الأسعار، وبالتالي في نسبة التضخم. ورغم ذلك لا يتردد الخبير في الدعوة إلى اللجوء لتحرير قيمة الدينار، معتبرا أن ذلك سيكون الأفضل بالنسبة للاقتصاد الوطني.ف "مواصلة التعامل الإداري" في سعر الصرف ليست حلا، كما أضاف، داعيا إلى إضفاء البراغماتية على السياسة النقدية للجزائر والاعتماد على مكاتب صيرفة رسمية، يتم فيها تداول العملة بقيمتها الحقيقية، مشددا على ضرورة قبول هذا الواقع من الجميع حتى وإن كانت العملة الوطنية ضعيفة، لأن ذلك سيحفّز على الذهاب نحو "قيمة العمل". فالإشكال المطروح اليوم حسب السيد حميدوش هو وجود جزء هام من الكتلة النقدية خارج الإطار الرسمي؛ أي خارج البنوك، وأن التجارة الخارجية تعتمد على عوامل خارجية (أسعار النفط)، فيما تتم وتيرة الاستهلاك بدون مقابل من الإنتاج. في السياق قال: "مادمنا نخاف على الدينار ونترك السوق غير الرسمية تعمل بكل حرية، فإن هذا يعني أننا نحافظ على قدرة شرائية مصطنعة"؛ ولذا أكد على ضرورة الذهاب نحو واقع الأمر، وتوسيع تعامل البنك المركزي الذي يقتصر حاليا على الهيئات الرسمية والمؤسسات الاقتصادية، ليشمل العائلات كذلك، التي تنفق سنويا 12 مليار دج في تداولاتها في السوق السوداء للعملة. شافير: تخفيض العملة يهدف إلى زيادة المداخيل بالدينار ويرى الخبير الاقتصادي والأمين العام للجمعية الوطنية للاقتصاديين الجزائريين أحمين شافير، أن انخفاض قيمة العملة تم بطريقة إرادية من طرف الدولة، وذلك بهدف زيادة المداخيل الجزائرية بالدينار. فمشكل الجزائر، كما تابع، هو تبعيتها الدائمة للمحروقات، والإشكالية المطروحة هي كيفية الخروج منها. في هذا الصدد، قال: "لو كان لدينا اقتصاد منتج خارج المحروقات لحصلنا على عملة صعبة خارج هذا القطاع، وبالتالي لكان لدينا دينار قوي. وبما أننا مازلنا تابعين للمحروقات فإنه من المنطقي أن ينخفض الدينار إما بطريقة عمدية من طرف البنك المركزي، أو عن طريق سوق الصرف". ويشدد محدثنا أن مسألة قيمة العملة تبقى مرتبطة بالمسائل الاقتصادية الشاملة. ومشكل الجزائر هو غياب اقتصاد منتج. وفي غيابه فإن السيد شافير يرى أن الاتجاه هو نحو تخفيض قيمة العملة بحثا عن مداخيل أكبر، "وهذا ليس جيدا على للاقتصاد الوطني عموما"، فمن أهم تبعيات هذا القرار، كما أوضح، "الزيادة الكبيرة في الأسعار"، وهو ما سيؤدي إلى تدهور القدرة الشرائية للمواطن من جهة، و«عدم تحفز المستثمرين على إقامة مشاريع" من جهة أخرى، وما له من انعكاسات سلبية. يُذكر أنه قبل شهر حُددت أسعار الصرف في الفترة الممتدة من 31 يناير إلى 6 فبراير بالدولار، ب 81ر 105 دنانير للشراء و27ر112 دينارا للبيع، في حين حُددت قيمة اليورو ب 96ر114 دينارا للشراء و03ر122 دينارا للبيع. وقبل سنة حُددت أسعار الصرف الممتدة من 22 إلى 28 فبراير 2015 للدولار، ب 85ر92 دينارا للشراء و52ر98 دينارا للبيع. وحُددت قيمة اليورو ب 74ر105 دنانير للشراء و21ر112 دينارا للبيع.