أكدت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف أمس استعدادها للإسهام في الجهد الوطني لتحصين البلاد من المخاطر الأمنية ومسبباتها، والعمل على جعل مساجد الجمهورية الحصن المنيع الذي تنكسر على عتبته غارات العداء الفكري والمنارة التي تجمع الجزائريين وتعزز تماسكهم الاجتماعي وتحفظ أمنهم. معلنة تخصيص خطبة صلاة الجمعة المقبل عبر كافة مساجد الوطن للدعاء لوحدة الوطن، وتبيان المخاطر والتهديدات التي تتربص بالبلاد ودعوة المواطنين إلى الالتفاف حول القيادة الوطنية الرشيدة. وجاءت دعوة وزارة الشؤون الدينية في بيان لها، عقب اللقاء الوطني الذي جمع السبت المنصرم مفتشي القطاع بدار الإمام بالجزائر العاصمة، استجابة لنداء رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة بمناسبة عيد النصر والذي دعا فيه إلى الوحدة واليقظة والتجند حفاظا على سلامة بلادنا المجاورة للعديد من الأزمات المشتعلة، واستوقف فيه الشعب الجزائري "للوحدة واليقظة للصمود في أمن وسلامة أمام الأمواج المخربة التي دبرت ضد الأمة العربية قاطبة، مضيفا بأن هذه الأمواج المخربة "تدفع لها اليوم شعوب شقيقة ثمنا دمويا بعدما دفعنا نحن عشرات الآلاف من ضحايا المأساة الوطنية التي جاءت رياحها من خارج قطرنا". وذكرت وزارة الشؤون الدينية في بيانها إلى أن مضمون خطبتي صلاة الجمعة المقبلة، يتمحور حول توجيه دعوة "بدون تهويل" من أئمة المساجد للمواطنين لإدراك ما يحيط بهم من مخاطر وحثهم على الدفاع عن الوحدة الوطنية وتمكين حب الوطن في قلوب بناتهم وأبنائهم وحمايتهم من الأفكار الدخيلة والطائفية الهدامة المفرقة للصفوف، وكذا الدعوة للالتفاف حول القيادة الوطنية ومختلف أسلاك الأمن وفي مقدمتها قوات الجيش الوطني الشعبي. كما ناشدت الوزارة في نفس السياق الأئمة بث رسائل واضحة وقوية يرفعون من خلالها معنويات قوات الجيش الوطني الشعبي وكل أسلاك الأمن الساهرة على الاستقرار والطمأنينة "وأن يدعوا لهم ولولي الأمر بأن يحفظهم الله ويثبت أقدامهم ويسدد رمحهم ويحميهم من كل سوء". وتأتي دعوة وزارة الشؤون الدينية كبداية لعمل تحسيسي يرتقب أن تخوضه مختلف المؤسسات الوطنية والهيئات السياسية ومنظمات المجتمع المدني، استجابة للدعوة الجادة التي وجهها القاضي الأول في البلاد إلى الشعب الجزائري كافة في رسالته الأخيرة بمناسبة الذكرى ال54 لعيد النصر المصادف لل19 مارس الجاري، ودعما للجهود الحثيثة التي تبذلها القيادة العليا في البلاد في إطار التجنيد والتنسيق بين مختلف المؤسسات الوطنية المكلفة بالدفاع عن أمن الوطن وشعبه، ومنها الاجتماع المصغر الذي ترأسه أول أمس رئيس الجمهورية وأعطى خلاله أوامر خصت المجال الأمني والإنساني والدبلوماسي لتمكين البلاد من مواجهة الوضع المتردي السائد في المنطقة في ظل احترام مبادئها الأساسية والحفاظ على مصالحها الوطنية. وسبقت دعوة الرئيس بوتفليقة الشعب الجزائري ومؤسساته الأمنية والسياسية إلى التجند من اجل حماية استقرار الوطن، دعوات مماثلة أطلقها مسؤولون في الأجهزة الأمنية والسياسية أجمعوا على أن القوة المانعة لضرب استقرار الجزائر، تكمن في التكافل الوطني والتفاف الشعب الجزائري حول مؤسساته الأمنية وفي مقدمتها الجيش الوطني الشعبي. هذا الأخير الذي أثبت في امتحانات متتالية مدى جاهزيته وصرامته في التعامل مع التهديد الإرهابي وصد أي محاولة للمساس باستقرار الوطن، وضرب أمن الشعب الجزائري وممتلكاته، تلقى في الفترة الأخيرة توجيهات صارمة من قيادته العليا التي دعته إلى توخي الحذر والحيطة والحرص على جعل الجزائر عصية على أعدائها ومحمية من كل مكروه. وليس المعني من التحذيرات التي أطلقها نائب وزير الدفاع الوطني رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي أحمد قايد صالح، أفراد الجيش والمؤسسات الأمنية الساهرة على قطع دابر كل من تسول له نفسه المساس بأمن الجزائر -بدليل العمليات الناجحة الأخيرة التي تم خلالها إحباط محاولة إدخال منظومة صواريخ "ستنيغر" المتطورة إلى أرض الوطن والقضاء على إرهابيين خطيرين بولاية الوادي، ثم بعدها إحباط للهجوم الذي استهدف المنشأة الغازية بالمنيعة، والقضاء أمس على مجموعة أخرى من الإرهابيين بالوادي- بل تعني أيضا كل فئات الشعب ومكونات المجتمع الجزائري، الذين دعاهم وزير الداخلية والجماعات المحلية من جهته إلى الالتفاف حول الجيش الوطني الشعبي للمساهمة في المحافظة على الاستقرار الذي تنعم به الجزائر. الحاجة الملحة إلى التكافل الوطني والتجند لصد أي عدوان على البلاد، جعلت منها الأحزاب السياسية المنزوية تحت لواء المبادرة السياسية الوطنية للتقدم في انسجام واستقرار، عنوانا لمسعاها الوحدوي ومشروعها التحسيسي، وهدفا أساسيا للقائها الوطني المقرر تنظيمه في 30 مارس الجاري بالقاعة البيضاوية بالعاصمة، من أجل توجيه نداء إلى الشعب الجزائري كافة، لدعوته إلى الوحدة والتكافل والتكاثف لبناء جدار مانع يحمي الجزائر من كل سوء. وهو التحدي الذي رفعه وزير الداخلية أيضا أمام أحزاب المعارضة السياسية المدعوة هي الأخرى على ترك حساباتها الخاصة ووضعها جانبا، والإسهام في تقوية الجبهة الداخلية لمواجهة التهديدات الأمنية والمخاطر التي تحدق بالبلاد، في ظل تنامي حالة اللااستقرار التي تعرفها حدودنا في هذه المرحلة الاستثنائية التي تتسبب فيها الأوضاع القائمة بالدول المجاورة.