قال جان لوي لوفي المسؤول السامي المكلف بالتعاون التكنولوجي والصناعي الجزائري - الفرنسي، إن نموذج العلاقة بين الجزائروفرنسا يشهد "تحولا تدريجيا" بالانتقال فعليا من علاقة تجارية تقليدية تقوم على التصدير والاستيراد، إلى علاقة جديدة قوامها التعاون، تتميز باستراتيجيات للاستثمار في الجزائر من طرف المتعاملين الفرنسيين، مكنت فرنسا من أن تصبح أول مستثمر في الجزائر في أغلب قطاعات الاقتصاد الجزائري، ومشاريع شراكة مهيكلة موجهة لتنمية الاقتصاد الجزائري، لاسيما في مجالات التكوين المهني ومسار بعث الصناعة والدعم التقني والإنتاج المشترك، إضافة إلى تطوير علاقات ثقة بين المتعاملين الفرنسيين والجزائريين؛ باعتبارها ضرورية لتحقيق مشاريع هادفة لبلوغ الامتياز وإدماجها ضمن منظور طويل الأمد. لكن المسؤول الفرنسي الذي أدلى بحوار لوكالة الأنباء الجزائرية عشية انعقاد الدورة الثالثة للجنة المشتركة رفيعة المستوى، اعتبر أن الطريق لايزال "طويلا أمامنا" لإحداث هذا الانتقال، مشيرا إلى ضرورة "التعجيل" في تجاوز "هذه المرحلة الانتقالية". وعبّر السيد لوفي عن اقتناعه بوجود "ديناميكيات جديدة حيز التنفيذ" في العلاقات بين البلدين، مضيفا أنه يعمل على لقاء المقاولين الجزائريين في المناطق العديدة وكذا جامعيين ومسؤولين جمعويين وغيرهم، من أجل تحديد الحاجيات والتطلعات والمشاريع المحتملة. هذه اللقاءات القائمة منذ أكثر من سنتين مكنت المتحدث من الخروج بثلاث نتائج أساسية، أولها أن الفاعلين الجزائريين على تنوعهم، يبحثون عن فرص عمل مع المتعاملين الفرنسيين، وثانيها أن جميع قطاعات الاقتصاد معنية بالنظر إلى حاجيات البلد: الصناعات التحويلية والفلاحة والصناعات الغذائية والتوزيع والرقمنة والبيئة والنقل بالسكك الحديدية على وجه الخصوص واللوجيستية والصحة والتطوير العمراني والطاقات المتجددة والعقار والفندقة والصيد البحري، وكذا مجالات هامة جديدة، على غرار التسلية والسياحة "التي تشكل تطلعات متزايدة للمواطنين الجزائريين"، كما قال. أما النتيجة الثالثة فتشير إلى أن تطلعات رؤساء المؤسسات - خصوصا المؤسسات الصغيرة والمتوسطة - كبيرة جدا، لاسيما في مجال تطوير كفاءات الأجراء ومؤهلاتهم والتحكم في المهن. وأوضح، بهذا الخصوص، أن رؤساء المؤسسات الجزائرية يحرصون على ديمومة مؤسساتهم، ويدركون أهمية المنافسة المتزايدة، وبالتالي ضرورة تفادي عزلهم وإقامة شراكات طويلة المدى، تسمح لهم بتطوير عملهم في الجزائر، والتفكير في الاستثمار بإفريقيا وأوروبا، قائلا: "هنا أيضا تحمل المشاريع القائمة بين الجزائريين والفرنسيين كل معناها". إلا أنه، بالمقابل، أقر بأن الجزائر تسجل تأخرا هاما مقارنة بجيرانها في مجال الاستثمارات الأجنبية المباشرة، معتبرا أنها محقة في التركيز على هذه الاستثمارات، "خصوصا عبر مشاريع الإنتاج المشترك"، الكفيلة حسبه بالسماح لها بتطوير اقتصادها من حيث النوعية والكفاءة والابتكار وكذا على المستويين التكنولوجي والتنظيمي، داعيا المتعاملين الفرنسيين إلى تسجيل حضورهم. ولاحظ السيد لوفي أنه منذ سنتين تزايد اهتمام المؤسسات الفرنسية بالجزائر، معتبرا أن ذلك راجع إلى تشكل جيل من المقاولين والمقاولات، الذين يربط البعض منهم "علاقات مباشرة نوعا ما بالجزائر". وبخصوص قاعدة 51 /49 المتعلقة بالاستثمارات الأجنبية المباشرة، قال إنه "لم يتم اعتبار القاعدة مبدئيا كعنصر محفّز لتواجد منتج بالجزائر، لاسيما أن العديد من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الفرنسية تملك أسهما عائلية"، مضيفا أنه بفضل الشرح والتبادل وتحقيق مشاريع شراكة باستحداث شركات مختلطة على أساس قاعدة 51 /49 مع الشركاء الجزائريين من القطاعين العمومي والخاص، بدأت المؤسسات الفرنسية المهتمة بالتواجد في الجزائر، تدرك أهمية وجود شريك جزائري قوي في شركة مختلطة من خلال معرفته الجيدة لمناخ الأعمال والسوق الجزائرية وفرص التنمية الممكنة، وهذا بشكل مستديم. يُذكر أنه في ماي 2013 أوكل منصب المسؤول السامي عن التعاون الصناعي والتكنولوجي الفرنسي الجزائري، إلى السيد جان لوي لوفي. ويسهم هذا المنصب في إعطاء زخم جديد للعلاقات الثنائية بين فرنساوالجزائر في المجالين التكنولوجي والصناعي، من خلال تحقيق شراكات نموذجية تقوم على التنسيق والتفاهم الدائم.