أكدت الحرفية يحيا مسعود حورية من قرية آيت ميسلاين ببلدية أقبيل في ولاية تيزي وزو ل«المساء"، أن غياب الفضاءات الخاصة بتسويق المنتوجات التقليدية المختلفة يؤرق حرفي الولاية، فبعد تعب وشقاء لتقديم منتوج في المستوى، يواجه الحرفي مشكلة عرض إبداعاته، وقالت بأن التسويق ما زال يقتصر على المشاركة في التظاهرات والصالونات التي اعتبرتها غير كافية مقارنة بقدرات الإبداع المستمرة التي تتطلب مساحة كبيرة لإبراز المؤهلات بغية تشجيعها، للمساهمة في تطوير الاقتصاد. السيدة حورية حرفية متخصصة في حياكة الزرابي التقليدية والملابس وأغراض لتزين الغرف والصالونان وغيرها من الإبداعات المختلفة، أكدت أنها لا تتوقف في إبداعاتها اليدوية، وتأسفت في المقابل عن غياب فضاءات قارة وخاصة بترويج المنتوج الحرفي أمام الزوار سواء من السكان المحليين أو ضيوفها وحتى السياح، وهو ما جعلها تطالب بفتح فضاءات أمام الحرفيين، مما سيساهم في جلب الأنظار نحو المنتوجات التقليدية المتميزة بالاختلاف والتنوع، وهو عنصر هام يساعد على التسويق وحتى التعريف بها كتحف فنية خارج الوطن عبر نقلها كهدايا. وأشارت الحرفية في حديث جمعها معنا، إلى أن تطوير الاقتصاد الوطني مرهون بالاهتمام والالتفاتة التي تحظى بها "مواد الدرج" كما تسمى بمختلف أنواعها التي تمارس في الولاية، منوهة بأن بقاء هذه المنتوجات التقليدية حبيسة جدران ورشات الصناعة وانحصارها في التسويق المحلي أو مع مجموعة محدودة من الزبائن ليس بحل، لأنها معروفة فقط وسط هذه الفئة التي هي حلقة ضيقة ما لا يخدم لا الحرفة ولا الحرفي. وذكرت السيدة يحيا مسعود حورية، أنها بدأت ممارسة حرفة الحياكة في سن ال 14 سنة والتي تعلمتها على يد والدتها، حيث أظهرت حبها لهذه الحرفة التي سرعان ما أخذت تبدع رفقة أختها أشكالا وأنواعا جميلة منها، حيث كانت البداية نشير- من البيت الذي تربت فيه من خلال حياكة أشياء صغيرة وبسيطة لتصبح اليوم مدرسة بأتم معنى الكلمة، وهو ما تبرزه أعمالها الجميلة المتفننة في التزيين، الطلب الذي تحظى به على مدار أيام السنة وكذا استمرارها لأكثر من 15 سنة في ممارسة هذه الحرفة التي أكدت حرصها في حمايتها من الزوال، من خلال ممارستها والإبداع فيها. وتقول حورية أنه بأعمالها المختلفة تلبي طلبات العديد من الزبائن، حيث تقوم بحياكة جهاز العروس، أغراض تزيين البيت وحتى المكاتب، أو قطع تقدم كهدايا وغيرها. نجد من بين ما تحيكه زربية تسمى "تعذيلت "أو "ثعبانت نرقم"، "ثيقظبث" التي تستعمل للتزين، وكذا زربية بربرية خاصة بتزيين الصالون، حقائب يدوية، ملابس وغيرها، وقالت بأن الطلب على منتوجاتها راجع بالدرجة الأولى إلى النوعية التي تمتاز بها، إضافة إلى ذوقها الجميل في اختيار الألوان وتناسقها، واعتبرت أن أسعار المنتوجات معقولة وفي متناول الجميع، كما أن اختلاف الأسعار يتوقف على قوة تعبئة المنتوج، أي ما استهلكه من صوف وألوان والوقت المستغرق فيه ليكون جاهزا. وعن المشاكل والصعوبات التي تواجهها الحرفية، قالت حورية بأنها تجد صعوبة في الحصول على المادة الأولية، حيث تعتمد بالدرجة الأولى في حياكة منتوجاتها على الصوف، مشيرة إلى أنها تفضل أن تستعمل الأسود والأبيض كلونين مميزين وترى فيهما الجهد والقوة، وأحيانا تعتمد ألوانا أخرى وقد تجتمعها معا في أغراض دون أخرى أو لونين أو لون واحد فقط وهذا يتوقف على رغبة الزبون. إلا أن الحرفية تعود لتؤكد أن غياب فضاء التسويق الذي يأتي كمرحلة حاسمة ومهمة، تصطدم بحقيقة افتقار الحرفيين لا ماكن العرض، في الوقت الذي تجد كغيرها من الحرفيين مشاكل في مختلف التظاهرات خاصة فيما يتعلق بالتكفل، والإيواء الذي يدفع الحرفي إلى التفكير ألف مرة قبل الموافقة على المشاركة في أية تظاهرة، إلى جانب ظروف أخرى تقول المتحدثة بأنها تؤدي إلى فشل الحرفيين والتقليل من عزيمتهم في إظهار إبداعاتهم، قائلة "القليل من الاهتمام والتكفل يُمكّن من اكتشاف إبداعات ومواهب من شأنها المساهمة في بناء الاقتصاد، فالحرف التقليدية تعتبر عمود التنمية بالنسبة للعديد من الدول التي أولت أهمية لهذا الجانب"، مشيرة إلى أن الحرفيين في تيزي وزو وحتى على المستوى الوطني، يملكون قدرات وإبداعات يمكنها أن تصنع المعجزات لكن بشرط تشجيعها ومرافقتها. في الأخير، تحدثت السيدة حورية عن حلمها في تكوين الفتيات في فن الحياكة، حيث تقول بأن الحرفة قديمة واستمرارها مرهون بتعليمها للفتيات حتى نضمن بقاءها ونقلها لأجيال لاحقة، كما قامت بها أجيال سابقة، مشيرة إلى أنه تلقت طلبات بالانضمام إلى مدرسة تكوين والذي يعتبر حلما تصبو إلى تحقيقه ذات يوم.