كشف مسؤولون أمريكيون أمس أن إدارة الرئيس باراك أوباما لم تعد ترى مانعا لإلغاء تحفظاتها بخصوص رفع حظر على السلاح لليبيا والذي سبق لمجلس الأمن الدولي أن فرضه عليها مباشرة بعد سقوط نظامها السابق في أكتوبر 2011 لتمكين قواتها من مواجهة تنظيم "داعش". وكشف مسؤول سام في الادارة الأمريكية انه في حال تقدمت الحكومة الليبية بقائمة مفصلة ومتجانسة للعتاد الذي هي في حاجة له لاستخدامه في محاربة عناصر التنظيم الإرهابي وتلبي كل الشروط المتعارف عليها فإن بلاده لا ترى مانعا في منحها ما تريد. وقال أن أعضاء مجلس الأمن الدولي سيناقشون بكل جدية هذا الطلب. وجاء الموقف الأمريكي في سياق المطالب الملحة التي ما فتئت ترفعها حكومة الوفاق الوطني باتجاه المجموعة الدولية من أجل رفع الحظر على السلاح الذي فرضته عليها خلال الأحداث التي عرفتها ليبيا في سياق ما عرف بأحداث الربيع العربي التي عصفت بالنظام الليبي السابق. وقال المسؤول الأمريكي الذي لم يكشف عن هويته أن "رغبة الحكومة الليبية صادقة للتخلص من تنظيم الدولة الإسلامية وهو شيء يتعين علينا دعمه والرد عليه إيجابا". وتكون الولاياتالمتحدة بمثل هذا الموقف قد أخذت روح المبادرة من الدول الأوروبية يومين قبل اجتماع حاسم ينتظر أن تحتضنه العاصمة النمساوية فيينا يخصص لبحث الأوضاع في ليبيا. ورغم تكثيف مسؤولين سامين من مختلف الدول الأوروبية زياراتهم الى طرابلس إلا أنه لم تكن لهم الجرأة لتلبية مطلب الوزير الأول الليبي فايز السراج الذي ما انفك يلح على رفع الحظر الدولي على بلاده ومنح حكومته الأسلحة التي تحتاجها من أجل مواجهة الخطر الذي أصبح يشكله تنظيم "داعش" على الأمن الليبي والإقليمي. وتكون الولاياتالمتحدة بهذا القرار قد سحبت عنصر المفاجأة عن اجتماع العاصمة النمساوية الذي دعت إليه إيطاليا وزكته روسيا والأمم المتحدة من أجل بحث التطورات التي يعرفها المشهد السياسي والأمني الليبي على خلفية فشل حكومة السراج في الحصول على ثقة نواب برلمان طبرق خمسة أشهر منذ تشكيلها وفي وقت أبان فيه تنظيم "الدولة الإسلامية" عن أهدافه الاستراتيجية في ليبيا التي نقل سيطرته من شرق البلاد إلى غربها. وكانت التفجيرات الأخيرة التي نفذها بمدينة مصراته وإرغام آلاف السكان على الفرار من مدينة سيرت الإستراتيجية بمثابة ناقوس خطر على قدرة هذا التنظيم في إفشال كل المساعي لإعادة بناء هيئات الدولة الليبية الرسمية. وكانت سيطرة التنظيم أمس على مدينة أبو قرين الاستراتيجية في غرب ليبيا تأكيد على هذه النزعة الهجومية التي أصبح يتبناها التنظيم لتأكيد قوته في مشهد ليبي مازال غامض الأفق. ويبدو أن حكومة الوفاق ومختلف القوى العسكرية على الأرض استشعرت خطورة ما يحدث مما جعلها تركز جهودها هذه المرة من أجل مواجهة خطر التنظيم وخاصة في مدينة سرت النفطية ضمن ما عرف بعملية "البركان" العسكرية الرامية إلى دحر التنظيم من مدينتي سيرت ودرنة. والمؤكد أن المواجهة لن تكون سهلة إذا سلمنا بأن التنظيم عمل منذ بسط سيطرته على هذه المدينة على تحصين مواقعه فيها ضمن خطة لإحكام قبضته على ما يعرف بمدن الهلال النفطي وموانئها في وسط البلاد الممتدة من البريقة الى سرت مرورا برأس لانوف وسدرة. ولكن تمكين الولاياتالمتحدة حكومة السراج من الأسلحة التي تطالب بها سيمكنها من تغليب كفة ميزان القوة مع مختلف القوى المسيطرة على الأرض وسيجعلها في موقع أفضل للتفاوض بما يساعدها على تنفيذ خطتها الأمنية التي بدأتها بقيادة عسكرية مشتركة لمحاربة التنظيم في غرب البلاد في انتظار إقناع قوات الجنرال خليفة حفتر بالعمل تحت إمرتها لتفادي تبديد الجهد العسكري في صراعات هامشية ضيقة. وهو ما جعلها تطالب كل القوى العسكرية بعدم التحرك ضد التنظيم الإرهابي إلا ضمن خطة عسكرية تقوم هي بالإشراف عليها. وتبدي حكومة الوفاق مخاوف متزايدة من احتمالات قيام حفتر بشن عمليات عسكرية ضد تنظيم "داعش" في مدينة سيرت التي وقعت تحت سيطرة "داعش" قبل عام ضمن خطة تحت إشرافها مما جعلها تشكل أمس خلية تنسيق عملياتي ضد التنظيمات الإرهابية في منطقة تمتد من مصراتة الى غاية سيرت في شرق البلاد. وقال مسؤول عسكري ليبي ضمن هذه الخلية أن الاستعدادات وضعت من أجل السيطرة على سيرت وقطاعات أخرى وشن العمليات العسكرية "أصبحت وشيكة". ويبدو أن الخطاب الحكومي لا يلقى الإجماع بعد أن أكد ناطق عن قوات الجنرال حفتر أن قرار تحرير سيرت اتخذ وان الخطط العسكرية جاهزة وقال أن العملية العسكرية التي رفض الكشف عن ساعة تنفيذها ستشارك فيها القوات البرية والجوية والبحرية ضمن إصرار قد يعصف بكل مساعي السراج لتكريس سلطاته.