يتضح أن استمرار الوضع القائم في ظل حالة الشد والجذب بين فرقاء ليبيا، ورفض الأطراف السياسية التوصل إلى حالة التوافق لتشكيل حكومة وفاق وطني، دفع الدول الغربية والعربية إلى إيجاد خيارات بديلة، ويأتي خيار حفتر كبديل لدى أطراف إقليمية تسعى إلى زحزحة أطراف منافسة لها في المنطقة. تسارعت الأحداث بعد عودة حفتر من الإمارات بإعلان تصعيد العمليات العسكرية، وصلت إلى حد الإعلان، أمس، سيطرته على أجدابيا، شرقي البلاد، وفقا لتصريحات نسبت للناطق باسم غرفة عمليات أجدابيا، أكرم بوحليقة، فضلا على السيطرة على ميناء المريسة الإستراتيجي، واشتداد الاشتباكات في بنغازي، في ظل تحول جديد على المشهد الليبي. لم تمر الزيارة التي قام بها القائد العام للقوات المسلحة الليبية، اللواء خليفة حفتر، إلى الإمارات العربية المتحدة، خلال الأيام الماضية، مرور الكرام، ولا حتى التسريبات التي تحدثت عن تقديم الإمارات إمدادات من السلاح والعتاد، من شأنها دعم موقع اللواء، بعد أن أزيح من مشروع تشكيل حكومة وحدة برئاسة فائز السراج، وتعيين غريمه البرغثي على رأس حقيبة الدفاع، ويبدو أن الرغبة الإماراتية المصرية السعودية لإعادة حفتر إلى واجهة الأحداث ترمي أساسا إلى إعادة بعث فكرة الخيار العسكري لحسم الانسداد القائم في الميدان وتمدد تنظيم داعش. وقد بدا من خلال رحلة حفتر إلى الإمارات وعودته محمّلا بمساعدات غذائية سعودية إماراتية، نقلت عبر طائرات إلى مطار الأبرق الدولي، لسد العجز في السلع التموينية، أن هذا الأخير يكشف عن ثغرات الوضع القائم في ليبيا، فلا حكومة السراج بنسختها الأولى والثانية تمت المصادقة عليها من قبل البرلمان، ولا الفرقاء السياسيون في طبرق وطرابلس استطاعوا إيجاد توافق حول أهم المسائل المطروحة منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011. وفي وقت تم إبراز مساعي حفتر ووساطته لدى الرياض وأبو ظبي لتقديم مساعدات غذائية، بشحنة تقدر ب100 طن ستليها شحنات أخرى، بعد أن عجز البنك المركزي الليبي بطرابلس عن تحرير الاعتمادات المالية، فضلا على عجز الحكومة أيضا، وبعد أن لبى حفتر دعوات من لجنة الأزمة في المنطقة الشرقية، برز معطى جديد ميداني، يتمثل في تلبية جزئية لمطلب ألح عليه حفتر مرارا، وهو رفع الحظر على السلاح المفروض بقرار أممي، حيث تسربت معلومات حول توفير مثل هذا العتاد لصالح الجيش الليبي، وهو ما دفع حفتر إلى الإشارة إلى بدء حملة تطهير بنغازي والتمهيد للانتقال لمحاربة تنظيم داعش في معقله سرت بالخصوص، وقد يفسر ذلك بأنه استباق تموقع لحفتر الذي أبعد من ترتيبات حكومة وفاق لم تتشكل على أرض الواقع بعد، حيث تعد قضية الأسلحة مسألة مثيرة للجدل، حيث كشفت تقارير أممية، منذ 2014 و2015، عن تهريب سلاح قامت به مصر والإمارات، كما اتهمت هذه التقارير القوات التي يقودها خليفة حفتر وقوات فجر ليبيا بتعقيد عملية الانتقال السياسي وزيادة المشكلات الأمنية في البلاد.