أعلنت حكومة الوفاق الوطني الليبية أمس عن تشكيل قوة للحرس الجمهوري مهمتها حماية مقار الهيئات الرسمية ومختلف الوزارات والمنشآت الاستراتيجية والمراكز الحدودية والشخصيات السياسية الليبية والوفود الأجنبية. وأكد بيان الحكومة الليبية أن القوة الجديدة ستكون مهمتها الرئيسية حماية المقار الرئاسية والهيئات العمومية وتكوين عناصر الحرس الشخصي لمختلف الوزراء والمسؤولين السامين الليبيين وأعضاء الوفود والبعثات الأجنبية في ليبيا. كما ستوكل لها مهمة ضمان الأمن في المراكز الحدودية البرية والموانئ والمطارات ومختلف المنشآت الحساسة الكهربائية والنفطية. وتعد هذه ثاني مبادرة عملية تقوم بها حكومة الوزير الأول الليبي فايز السراج بدعم من الأممالمتحدة والدول الغربية لإعادة تنظيم القوات الليبية حتى تضطلع بمهامها الأمنية بصورة عادية بعد قرار مماثل الأسبوع الماضي بإنشاء قيادة عسكرية لمحاربة تنظيم "داعش". وتكون حكومة الوفاق بهذا القرار قد بدأت في أولى الإجراءات العملية من أجل إعادة ترتيب أولوياتها الأمنية من أجل تعزيز سلطاتها منذ دخولها مدينة طرابلس نهاية مارس الماضي. وكان لجوء حكومة الوفاق الوطني لاستعادة مقار مختلف الوزارات ثم استحداث قيادة عسكرية لمحاربة التنظيم الإرهابي أولى القرار لتأكيد شرعيتها أمام الحكومات الموازية الأخرى في طرابلس وطبرق حتى وإن لم تحصل بعد على ثقة نواب برلمان طبرق الخاضع لتجاذبات مختلف القوى السياسية والقوى العسكرية والمليشيات. ويأتي قرار المجلس الرئاسي بتشكيل أول نواة لقوة عسكرية موالية لها رسالة أخرى باتجاه هذه المليشيات والتنظيمات المسلحة التي وجدت في الفوضى العارمة التي أعقبت الإطاحة بنظام العقيد القذافي والفراغ الأمني الذي خلفه تفكك الجيش النظامي الليبي سنة 2011 فرصتها لفرض منطقها الأمني على مناطق شاسعة وراحت تقتسم نطاق تواجدها بفضل ترسانة الأسلحة التي تم نهبها من مخازن وثكنات الجيش المنهار. وشدد قرار الإعلان عن تشكيل قوات الحرس الجمهوري باختيار عناصرها من مختلف المناطق الليبية حتى يضفي الصفة الوطنية عليها إرضاء لكل العشائر التي تريد أن يكون لأبنائها تواجد في صفوف القوات العسكرية الليبية، وهي أيضا طريقة ذكية لسحب البساط من تحت أقدام المليشيات التي تشكلت إما بدافع إيديولوجي أو مصلحي وحتى عشائري. وهو ما يدفع إلى القول أن المهمة سوف لن تكون سهلة بالنظر إلى المنطق الذي فرضته عشرات المليشيات المسلحة التي ترفض تسليم أسلحتها حفاظا على مصالحها وتصر على المحافظة عليها تحسبا لأية ترتيبات أمنية قادمة في مشهد ليبي لم تتضح معالمه الرئيسية خمس سنوات بعد انهيار النظام السابق. بل أن حكومة الوزير الأول الليبي ستكون في مواجهة قوات أشبه بجيش نظامي سواء من حيث قوتها وتنظيمها ونطاق تواجدها في كل الشرق الليبي بقيادة الجنرال خليفة حفتر. وبنظر العديد من المتتبعين فإن مستقبل هذا الأخير وقواته في المشهد الأمني الليبي شكل عقبة رئيسية أمام حكومة الوفاق وسط ضغوط قوى ليبية تصر على منحه حقيبة وزارة الدفاع بينما ترفضه قوى أخرى وشخصيات فاعلة بما فيهم فايز السراج. والمؤكد أن اجتماع وزراء خارجية أكثر من 20 دولة بالعاصمة النمساوية الإثنين القادم سيكون مناسبة لبحث هذه المعضلة والتي أخرت حصول حكومة الوفاق الوطني على ثقة نواب برلمان طبرق كشرط لمباشرة مهامها وتنفيذا لبند تضمنه اتفاق المصالحة الليبية يوم 17 ديسمبر من العام الماضي وهو الأمر الذي حرمها من الحصول على ما تحتاجه من مساعدات عسكرية لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية ووقف توسع نطاق سيطرته من شرق البلاد ووصولا الى غربها.