عاشت سفارة الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية بالجزائر طيلة نهار أمس أجواء من الخشوع والترحم إثر وفاة الرئيس الصحراوي محمد عبد العزيز، حيث فتحت أبوابها لاستقبال المعزّين من السلك الدبلوماسي والشخصيات الوطنية ورؤساء الأحزاب والمتعاطفين مع القضية الصحراوية، حيث تم فتح سجل للتعازي، وأجمع المعزّون على أن القضية الصحراوية فقدت أحد رجالات الكفاح والنضال من أجل الحرية والاستقلال والتحرر من الاستعمار والاضطهاد. وحسبما علمت "المساء" من السفارة الصحراوية، فإنه من المقرر مبدئيا أن يصل جثمان الرئيس الصحراوي محمد عبد العزيز اليوم الخميس إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين بتندوف على متن طائرة تابعة للخطوط الجوية الجزائرية حيث سيتم إلقاء النظرة الأخيرة على الفقيد يوم الجمعة ابتداء من الساعة الرابعة مساء إلى التاسعة ليلا، ليتم بعد ذلك نقله يوم السبت إلى منطقة بئر لحلو بالمناطق الصحراوية المحررة لتشييع جنازته إلى مثواه الأخير. وشهدت الساعات الأولى من يوم أمس حركية دؤوبة بمقر السفارة الصحراوية بشارع ديدوش مراد بالجزائر العاصمة لاستقبال المعزّين من قبل السفير الصحراوي بشرايا حمودي بيّون والقائم بالأعمال بالسفارة نائب السفير أمحمد محمد الشيخ، اللذين تلقيا أصدق عبارات المواساة والتعازي في رحيل الرئيس الصحراوي الذي خلّف برحيله فراغا رهيبا لا يملؤه الاّ الصبر والصمود والثبات في الدفاع عن مبدأ المقاومة والنضال من أجل التحرير. واتفقت الشخصيات المعزيّة التي وقّعت على السجل على أن وفاة الرئيس محمد عبد العزيز لن تثني الصحراويين عن مواصلة مشعل الكفاح والصمود في وجه المحتل المغربي الرافض للانصياع للشرعية الدولية واللوائح الأممية، معتبرين أن فقدان هذا الرجل يعد خسارة كبيرة لحركات التحرر في إفريقا والعالم باعتباره أحد القادة الثوريين بآخر مستعمرة في القارة السمراء، كما اغتنم المعزّون المناسبة للتذكير بالمناقب والخصال الحميدة للرجل الذي وهب حياته للدفاع عن قضية عادلة عمّرت أكثر من 40 سنة. وأكد السفير الصحراوي بالجزائر السيد بشرايا محمد بيّون أن الجمهورية الصحراوية تفقد أحد زعمائها البارزين في الدفاع عن قضية الشعب الصحراوي وقضايا التحرر عبر العالم منذ 1975 عشية الغزو المغربي للصحراء الغربية، معتبرا أن رحيله سيزيد، لا محالة، من عزيمة وإصرار كل فئات الصحراويين في التمسّك بقضيتهم والدفاع عنها إلى غاية تحرير آخر شبر من الأراضي الصحراوية. وأوضح القائم بالأعمال بالسفارة أمحمد محمد الشيخ أن وفاة الرئيس عبد العزيز تعد حدثا مؤثرا في نفوس كل الصحراويين والصحراويات، باعتباره رمزا من رموز المقاومة الصحراوية والدفاع عن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، مؤكدا أن الالتزام بتوصياته ونصائحه القيّمة ستبقى راسخة في القلوب والنفوس إلى غاية تحقيق النصر والاستقلال، وهذا على عكس ما تتوقعه بعض الأطراف التي تحاول زرع الشكوك وعدم الاستقرار في أوساط الصحراويين في محاولة منهم للنيل من العزيمة والإرادة في الانعتاق من نير الاستعمار. كما اعتبر السفير الصحراوي السابق وعضو الأمانة العامة لجبهة البوليزاريو ابراهيم غالي أن الجبهة فقدت مناضلا مجاهدا بالسلاح في سبيل القضية الوطنية منذ 1975 ومفاوضا دبلوماسيا منذ وقف إطلاق النار في جوان 1991، وستبقى قيادات وإطارات جبهة البوليزاريو وفية لمبادئ ومواقف الرجل التي لم تتغيّر رغم المحاولات والدسائس المغربية الرامية إلى استمالته والتأثير على الصحراويين، خاصة فيما يتعلق بتمسّكه بالاستقلال التام والشامل ورفضه لمشروع الحكم الذاتي الذي لا يزال المستعمر المغربي يتبناه كورقة للضغط. وفيما يخص السلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر، جدّد سفير موريتانيابالجزائر مولاه ولد مغيّة تعازيه الخالصة للجمهورية الصحراوية في وفاة رئيسها محمد عبد العزيز، مؤكدا أن رحيله بمثابة خسارة كبيرة لإفريقا وقضايا التحرر في كل أرجاء العالم، لكونه مناضلا استطاع أن يقدّم أروع دروس الكفاح والنضال والمقاومة ضد الاستعمار، كما كان من أحد أرز القادة المؤسسين للجبهة الشعبية للساقية الحمراء وواد الذهب "البوليزارو"، داعيا الشعب الصحراوي الصابر إلى مواصلة الكفاح من أجل التحرر وعدم التخلي عن النهج النضالي الذي رسمه هذا الرجل الذي ضرب أروع الأمثلة في الصمود وتحدي الاحتلال. كما قدّم سفير كوبابالجزائر راوول بارزاكا نافاس تعازي بلاده الخالصة في رحيل الرئيس الصحراوي الذي وهب نفسه لخدمة القضية الصحراوية والدفاع عنها في المحافل الدولية، مؤكدا أن وفاته لن توقف مواصلة الكفاح من أجل دحض الاستعمار من الصحراء الغربية. كما عبّر وزراء سابقون بالحكومة كبلقاسم ملاح وعبد العزيز رحابي وعبد القدر خمري وممثلو مجموعة من الأحزاب على غرار رئيس حركة الإصلاح الوطني فيلالي غويني ورئيس حركة الوفاق الوطني علي بوخزنة ورئيس الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتي وحزب النصر الوطني ورئيسة اللجنة البرلمانية للصداقة الجزائر –الصحراء الغربية- والصادق بوقطايا.... عن حزنهم الكبير لرحيل الأمين العام لجبهة البوليزاريو، واصفين إياه بالمجاهد والمناضل الدبلوماسي الذي لم يتوان في الدفاع عن حق الشعب الصحراوي من أجل تقرير مصيره، وتعريف العالم بعدالة هذه القضية التي دخلت عقدها الرابع.