توقع تقرير لصندوق النقد الدولي، حول آفاق الاقتصاد في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن يبلغ متوسط العجز في الجزائر ودول الخليج بفعل انخفاض أسعار النفط إلى 12.75 بالمائة من إجمالي الناتج الداخلي الخام في 2016. وأن يظل في مستوى 7 بالمائة على المدى المتوسط. مشيرا إلى أنه رغم الإجراءات التي اتخذت لإحداث تصحيحات في سياسات هاته الدول ولاسيما رفع أسعار بعض المواد فإنها ستكون مضطرة إلى اللجوء إلى المديونية في الفترة الممتدة بين 2016 و2021. وأوضح التقرير الذي تحصلنا على نسخة منه، أن عجز المالية العامة التراكمي لدول مجلس التعاون الخليجي والجزائر مجتمعة سيبلغ 900 مليار دولار ما بين 2016 و2021، وأن الجزائر مع كل من السعودية والبحرين وعمان ستصبح من "كبار البلدان المدينة خلال هذه الفترة نظرا لأن احتياجاتها من التمويل ستتجاوز احتياطاتها المالية الوقائية الحالية". لذا فإن "الأفامي" دعا إلى اتخاذ إجراءات إضافية للادخار على المدى المتوسط بغية إعادة بناء الاحتياطات المالية الوقائية. ومن بين الإجراءات التي تحدث عنها "إعادة النظر في حجم ودور القطاع العام وتعديل العقد الاجتماعي". إضافة إلى خفض الإنفاق العام وتعبئة إيرادات جديدة. كما دعا إلى زيادة الإصلاحات في أسعار الطاقة بنحو 2 بالمائة من إجمالي الناتج الداخلي الخام وتصميم نظم ضريبية ذات أوعية واسعة. وطالب صنّاع القرار بتحقيق التوازن بين السحب من الاحتياطات الوقائية وإصدار المزيد من سندات الدين، مع تسجيله احتمال للاقتراض الخارجي. وكعادته استغل صندوق النقد الدولي الوضع الاقتصادي الهش الذي تمر به الدول المصدّرة للنفط في المنطقة، ومنها الجزائر من أجل إعادة الحديث عن ضرورة إضفاء إصلاحات هيكلية ولاسيما الدعوة إلى خصخصة المؤسسات العمومية وتحسين مناخ الاستثمار وخفض فجوة الأجور بين القطاعين العام والخاص وزيادة التوافق بين مناهج التعليم والمهارات التي تتطلبها السوق. وكان رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى الجزائر جون فرانسوا دوفان، قد أكد أن لجوء الجزائر إلى الاستدانة "لامفر منه" بل و"مرغوب فيه" بالنظر إلى أهمية العجز المسجل في الميزانية على خلفية انهيار أسعار النفط، معتبرا أن قرار الحكومة بالاكتفاء بتمويل ميزانيتها عبر الاستدانة الداخلية، ورغم ضرورتها إلا أن الاستدانة الخارجية لابد منها لاسيما لتعزيز احتياطات الصرف. وليس غريبا على هيئة بروتون وودز، مثل هذه التحاليل وهي من المشجعين لمثل هذه الاتجاهات. كما كانت عدة أطراف اقتصادية وسياسية قد حذّرت من اللجوء إلى الاستدانة الخارجية، معتبرين أن ذلك سيعيد الجزائر إلى الوضع الذي عاشته في التسعينيات. الحكومة ترفض حاليا الحديث عن الدين الخارجي وتفتخر بكون رئيس الجمهورية، استبق الأمور ودفع كل ديون الجزائر استباقيا، وهو ما جنّب الجزائر إلى حد الآن الآثار السلبية لأزمة النفط لكن على المدى المتوسط تفضّل الحكومة من جهة اللجوء إلى الاستدانة الداخلية عبر إصدار السندات، واللجوء إلى قروض من دول وبنوك جهوية لتمويل بعض المشاريع التي تتم بالشراكة. وهو تم على سبيل المثال مع الصين لإنجاز ميناء شرشال.