يستعد أغلب الجزائريين، خاصة منهم العمال والعائلات، لقضاء عطلتهم السنوية وأخذ قسط من الراحة بعد شهر رمضان المعظم، حيث حجز هؤلاء لدى وكالات السياحة والسفر التي أطلقت عروضا وتخفيضات للعطلة الصيفية، التي فضّل العديد منهم قضاءها بماليزيا، التي خطفت هذا العام الأضواء من تركيا، التي تربعت خلال السنوات الأخيرة، على عرش البلدان السياحية التي تستقطب السياح الجزائريين. وحسب بعض أصحاب وكالات السفر والسياحة بالعاصمة، فإن ماليزيا التي تعتبر بلدا سياحيا بامتياز، أصبحت مطلوبة بكثرة هذا العام عند الكثير من الجزائريين، الراغبين في اكتشاف أجمل المناطق السياحية في العالم، منها هذا البلد الآسيوي الذي تتعدد جزره الغريبة وذو المعالم السياحية التي لا تنتهي، سواء تعلّق الأمر بالطبيعية منها، التاريخية، البناءات الحديثة أو المعالم الدينية، تقول ممثلة وكالة "تموشنت سفر ل "المساء"، مشيرة إلى أن انخفاض تكلفة السفر وانتقالها من 30 مليون سنتيم لعطلة تدوم عشرة أيام إلى 18 مليون سنتيم، رفع حجم الطلب عليها واستقطب اهتمام عدد معتبر من السياح الجزائريين، خاصة ذوي الدخل المرتفع، الذين أصبحوا يفضّلون قضاء عطلتهم السنوية في البلدان الآسيوية على غرار تايلندا. تركياوتونس مطلوبتان دائما وبالرغم من دخول ماليزيا في أجندة الوجهات المفضلة لدى السياح الجزائريين، إلا أن تركياوتونس مازالتا مطلوبتين بكثرة أيضا، حسب المتحدثة، مؤكدة أن الأسعار المعقولة والتنافسية والخدمات الجيدة جعلت هذين البلدين يحتفظان بمكانتهما، لتبقى تونسوتركيا من أفضل المدن السياحية التي يقصدها الجزائريون، خاصة مدينة إسطنبول، فضلا عن بلدان أخرى، منها مصر والمغرب الذي يفضله البعض رغم أنهم يحتاجون لتأشيرة الدخول، إذ لم يمنعهم ذلك من اتخاذ قرار قضاء عطلة ممتعة قبل العودة إلى ضغط العمل، على شواطئ الدار البيضاء والمدن الشمالية القريبة من المدينة السياحية التلمسانية مرسى بن مهيدي. وحسب محدثينا من الوكالات السياحية، فإن تونس هي وجهة مفضلة للسياح الجزائريين منذ سنوات، حيث تؤكد الإحصائيات الواردة في هذا المجال، حجم الإقبال على هذا البلد، لكن العديد من الجزائريين فضلوا تغيير وجهتهم نحو المغرب ومدينتي شرم الشيخ والغردقة المصريتين. وتقول ممثلة وكالة "ديسكوفري للسفر" في حديثها إلى "المساء"، إن الكثير من العائلات والأزواج وحتى الأفراد اختاروا وجهاتهم السياحية لهذا العام، وحددوا شهري جويلية وأوت إلى غاية شهر سبتمبر، لقضاء عطلتهم السنوية بمدينة أنطاليا التركية التي سحبت البساط من مدينة إسطنبول، التي اكتشفها الجزائريون في وقت سابق عبر المسلسلات التي روّجت للثقافة التركية، وولدت شغفا كبيرا بزيارة إسطنبول وباقي المدن، لاكتشاف الثقافة التركية والحياة اليومية للشعب التركي، بينما تحولت الأنظار اليوم إلى أنطاليا عاصمة السياحة في تركيا التي يزورها الملايين من السياح ومن كافة أرجاء العالم، لما تمتاز به من جمال ساحر وطبيعة خلابة، كما تحتوي على العديد من المنتجعات والفنادق والمرافق السياحية التي تناسب كافة الأذواق، ومهيأة بشكل رائع لاستقبال السياح، منهم الجزائريون الذين فضل العديد منهم اكتشاف المدينة هذا العام، والتعرف على مناطق أخرى باستثناء إسطنبول، إذ لا يقتصر الأمر - حسب محدثتنا - على العائلات ميسورة الحال، بل هناك الأجراء الذين يجمعون ما تيسّر من أموال طيلة العام لتغيير الوجهة والجو أيضا، وعدم التفريط في العطلة، خاصة الموظفين ذوي الدخل المتوسط الذين يختارون عادة تركيا، المغرب وخاصة تونس لعامل القرب وانخفاض الأسعار وسهولة التنقل، خاصة أن الجزائريين لا يحتاجون إلى تأشيرة الدخول. الهند وجزر المالديف تنضمان للقائمة من جهتها، أكدت ممثلة وكالة "المواسم للسفر والسياحة" ل "المساء"، أن تركيا تراجع الطلب عليها مقارنة بالسنوات الماضية، بينما ضمت قائمة الوجهات السياحية المطلوبة هذا العام، دولا أخرى، هي الهند وجزر المالديف التي يتردد عليها السياح الأوروبيون، وأصبحت حلما لعشاق الغوص وهواة ركوب الأمواج، الذين يجمعون ما لديهم من أموال ولا يفرّطون في قضاء العطلة في إحدى الدول الأجنبية؛ بحثا عما هو جديد ومريح، حيث أصبحت هذه الدول تستقطب عددا لا بأس به من السياح الجزائريين رغم الأسعار المرتفعة مقارنة بالبلدان الأخرى المجاورة. غير أن الأمر ليس كذلك بالنسبة لشريحة واسعة من العمال، تقول ممثلة وكالة سياحة وأسفار "فيديليا تور" ل "المساء"، مشيرة إلى أن الطلب متنوع ويتزايد على ماليزيا من سنة إلى أخرى، حسب ميزانية العائلات، بينما يجد الكثير من محبي السفر أنفسهم عاجزين عن ذلك نتيجة أزمة السكن التي يواجهونها وارتباطهم بمشروع "عدل"، الذي يمكّنهم من الحصول على شقة تحفظ كرامتهم، وتأجيل قضاء العطلة خارج الوطن إلى غاية الانتهاء من دفع الأقساط والمخلفات المالية المترتبة عن ذلك. وذكر محمد الذي وجدناه بوكالة سياحية بأول ماي متزوج وأب لطفلين، أن أسعار بعض الوجهات بتونس أفضل بكثير مقارنة بعروض أخرى بمدننا الساحلية، غير أنه ليس مهتما هذا العام - كما قال - بقضاء عطلته بتونس، لأنه يحبّذ تركيا التي تتوفر على كل المؤهلات لجلب السياح، خاصة الجزائريين، الذين أصبح الكثير منهم متعلقين بشواطئها الساحرة المطلة على المتوسط، على حد قول زوجة المعني، الذي كان ينتظر دوره للاستفسار عن العروض التي تقدمها الوكالة، وحجز رحلة؛ هديةً لابنه الذي تحصّل على شهادة التعليم المتوسط بمعدل مشرف. عائلات تختار مدننا الساحلية وكراء الشقق لقضاء عطلتها وإذا كان العديد من الجزائريين يختارون قضاء عطلهم في الخارج نتيجة نقص الإمكانيات لاسيما مراكز الإيواء في المدن الساحلية، فإن الكثير من العائلات والعمال يستعدون بعد انقضاء الشهر الفضيل، لقضاء عطلهم السنوية داخل الوطن، من خلال الاستجمام والترفيه عن النفس بالولايات الساحلية، حيث تعرف الوكالات السياحية إقبالا كبيرا من طرف المواطنين للاطلاع على العروض والوجهات المقترحة. وبإحدى الوكالات المتواجدة بشارع حسيبة بن بوعلي، قالت لامية التي كانت تطّلع على مطوية سياحية تقترح العديد من الوجهات السياحية، إن إقبال الجزائريين على دول الجوار والدول الأوروبية والآسيوية لقضاء عطلهم، راجع لسوء الخدمات السياحية وارتفاع الأسعار في الجزائر، خاصة بالنسبة للفنادق، غير أن الكثير من العائلات ضعيفة الدخل، حسبما أكد عدة أعوان تجاريين لوكالات السفر التي زرناها، تفضّل قضاء عطلتها الصيفية بالمدن الساحلية الجزائرية، على غرار جيجل، تيبازة، بجاية، تلمسان، مستغانم ومدن ساحلية أخرى، حيث تشهد هذه المدن في الفترة الصيفية ازدهار نشاط كراء المنازل بأسعار مختلفة، وتوضع الإعلانات الخاصة بذلك في كل مكان، ما أصبح متاحا للعائلات التي تعتمد على الكراء مباشرة من الخواص أصحاب المنازل بدون المرور على وكالات السياحة والسفر، حيث تفتقر أغلب الولايات الساحلية للمرافق السياحية وأماكن الإيواء رغم مؤهلاتها السياحية الرائعة وتدفق عدد هام من العائلات عليها كل صائفة، خاصة المقيمة بالمدن الداخلية والجنوب الجزائري، غير أنها تبقى غير مؤهلة لاستقبال السياح خاصة الأجانب منهم، مما يستدعي اتخاذ إجراءات صارمة لتحسين الخدمات في قطاع السياحة، وتشجيع الاستثمار في هذا المجال لسد العجز المسجل في هياكل الإيواء.