إذا كانت الدراما العربية الرمضانية الملقاة هذه السنة على طاولة الشهر الفضيل لم ترق بصفة عامة إلى المستوى الذي كان يرجوه المشاهد العربي المتعوّد على كل ما هو متميّز خلال الشهر الكريم بسبب ظاهرة تكرار الوجوه والمواضيع والشخصيات التي اعتلت به مجمل الأعمال، وكذا الابتعاد عن الواقعية والتحليق في الخيال من خلال شخصيات مثالية وهمية لا إنسانية فيها، فإن ما طبع الدراما التلفزيونية لهذه السنة هو بشكل أساسي الاستنساخ والتقليد بداية بسلسلة »عائلة الجمعي« الذي ظهر بها المخرج جعفر قاسم هذه السنة بعد أن عرف من خلال سيت كوم "ناس ملاح سيتي" التي قدمها في ثلاثة أجزاء، وحققت نجاحا حصد جلّ جوائز الفنك الذهبي لينتقل بعدها إلى تجربة المسلسلات من خلال »قضاء وقدر« الذي قدمه في رمضان 2007، واستحوذ به على المسابقة الدرامية الوحيدة بالجزائر. ليعود هذه السنة في النصف الثاني من الشهر الفضيل من خلال سلسلة »عائلة الجمعي« الذي يعد نسخة طبق الأصل من سلسلة "بلكوس بيتشو"، "ألف" الأمريكية، "لالة فاطمة" المغربية، "رجل وست ستات" المصرية... وغيرها من السلسلات المعروفة والتي تبنى على شخصيات يمثلون أفراد أسرة واحدة وسط ديكور مغلق (المنزل)، وأحداث متعاقبة تدور حول أفراد العائلة نفسها التي راعي فيها جعفر قاسم أصول اللعبة في مثل هذه الأعمال، وهما الوالدان »صالح أوقروت وسميرة صحراوي« والإبن والبنت في سن المراهقة والأخ والأخت الصغرى، والجدة التي تمثل الشخصيات القارة تضاف إليها شخصيات ضيفة تحرك بها أحداث العمل كالخال والعمة التي اختارها المخرج من تونس الشقيقة والجار والأصدقاء... ورغم محاولته إعطاء نكهة جزائرية للعمل مع الاعتماد على الاحترافية في التصوير التي عودنا عليها المخرج، إلا أن السلسلة جاءت مطابقة لما يطرح في مثل هذا النوع من السلسلات، وتكرار المواضيع اتخذت شكلا مطاطيا. ثاني استنساخ شاهدناه على شاشتنا هذه السنة، وهو »سوسو ونونو« الذي يعد أيضا نسخة من برامج مثيلة عربية وأجنبية على غرار »تامر وشوقية« المصري، وبداية بعنوان العمل الذي لا نجد له تفسيرا ولا معنى، فإن هذه السلسلة -إذا صحت تسميتها كذلك- تقوم على شخصيتين فقط »زوج وزوجة« يتصارعان على امتداد دقائق السلسلة كديكين في حلبة، حول شظايا أشياء تجعلنا نخلص إلى نتيجة واحدة ألا وهي أن نواة المجتمع الجزائري تبنى على الصراع المستمر لأسباب أتفه منها لا يوجد، وعلى الانتهازية والاستغلال والتفاهة... وذلك رغم الأداء الجميل لصاحبة جائزتي الفنك الذهبي مليكة بلباي. وعلى شاكلة »باب الحارة« 1.2.3 الذي أشهر إفلاسه هذه السنة، شهد التلفزيون الجزائري عرض سلسلة »عمارة الحاج لخضر« الذي لم يبتعد عن محيط العمل الارتجالي غير المحسوب الذي لا يقوم لا على حبكة ولا على سيناريو ولا على أداء احترافي، بل مجرد كلام في الفراغ وأداء جلب الملل للمشاهد، رغم مجموعة القضايا التي حاول طرحها بشكل تلقيني تجاوزه الزمن على لسان بطله الواحد والوحيد لخضر بوخرص. وفي نفس الإطار، جاء »مسلسل البذرة 2« الذي بدا ضعيفا وغير مقنع هو الأداء المفتعل بممثليه، ليقدم فكرة مستهكلة أعادت إلى الواجهة وبكل صارخ أزمة السيناريو والحوار التي نعانيها. لكن أهم ما قدمه التلفزيون الجزائري هذه السنة، هو مسلسل »قلوب في صراع« لنزيم قايدي الذي ذكرنا بالمسلسل التركي »نور«، حيث بدا بطل العمل يوسف »مصطفى لعريبي« ك»مهند الجزائر« من خلال إبرازه كشخصية ثرية، وسيمة، مثالية في التعامل مع الآخرين، سخية وكريمة، وكذا محل اهتمام الجنس اللطيف، وذلك في خضم أحداث متسارعة تبعدنا في أحيان عن الواقع. ويبدو أن المخرج كان ذكيا في محاولته الاستفادة من عناصر التشويق والإثارة المعتمدة في المسلسلات الميكسيكية والبرازيلية، وكذا التركية، كنسج علاقات الحب والغيرة وتنزيه الشخصية الرئيسية عن كل إثم، ووضعها مقابل قطب شرير لا هدف له إلا تحطيم البطل. والمشهود للعمل هو الأداء المحترم الذي ظهر به العديد من الشخصيات لاسيما الرئيسة منها. لكن السؤال الذي يطرح بإلحاح، هو أليس أكرم لنا أن نحاول الاجتهاد في تقديم أفكار جديدة غير مستنسخة قريبة من حياتنا ومجتمعنا ومواطنينا تعكس انشغالاتنا اليومية، ألا يكفي أننا نستورد كل شيء حتى الغذاء الذي نحفظ به حياتنا فهل سنستورد حتى صورتنا؟؟؟؟