على أنغام الصراوي الصدّاح، وبأصوات فتيات فرقة "ديوان عامر"، مصحوبة بآلة المزود والطبلة المميزة لأفراح وأعراس منطقة سطيف العالي، وعلى زغاريد العمريات اللواتي لم يخالفن العادة بحضورهن المكثف للعرس السطايفي السنوي، انطلقت زوال أمس الأول بالقاعة الكبرى لدار الثقافة "هواري بومدين" فعاليات الطبعة التاسعة لمهرجان الموسيقى المحلية والأغنية السطايفية، الذي سيدوم إلى غاية التاسع عشر من الشهر الجاري. ويتداول على خشبة المسرح أزيد من 15 شابا من مؤدي الأغنية السطايفية للتنافس على المراتب الأولى والظفر بدرع المهرجان. حفل الافتتاح، تميّز بتقديم لوحة فنية رائعة أبدع فيها مجموعة من الفنانين الشباب الحامل لراية الأغنية السطايفية، وكانت عبارة عن تكريم يليق بمقام فنانين أعطوا الكثير للموسيقى والنغمة السطايفية طيلة مشوارهم الفني، لوحة أعطي لها من العناوين "لحن عامر زمان"، تأليف الأستاذ الأديب الطيب قتال، وإخراج الفنان عيسى جيرار. اللوحة عادت بذاكرة الحضور إلى الزمن الجميل وما قدّمه فقيدو الأغنية السطايفية التي كانت سندا للمجاهدين إبان الثورة التحريرية المباركة، حيث تغنت بالألم والحب والفرح على مدار الأجيال، لوحة "لحن عامر زمان"، مسيرة كرونولوجية لمن فقدتهم الساحة الفنية المحلية منذ عقود خلت، انطلق فيها مخرجها الذي لعب دور الراوي، من الحي الشعبي "بيلير" تحديدا من دار الديوان والثنائي سعيد وسعدون، اللذين صنعا أفراح سكان سطيف في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي بأنغامهما الفلكلورية وحضورهما الدائم بأعراس المدينة، ثاني فقيد كان المرحوم نور الدين سطايفي صاحب أغنية "الصالح يا الصالح"، الذي يعدّ من بين الفنانين الذين كان لهم الفضل في عصرنة الأغنية السطايفية، شأنه شأن المرحوم إلياس بعاج المعروف باسم إلياس سطايفي الذي واصل مسيرة العصرنة إلى أن وافته المنية وهو في ريعان شبابه إثر حادث مرور سنة 1998 بعد أسبوعين من دخوله القفص الذهبي. رابع قامة رحلت عن الوجود كان المرحوم مختار مزهود، صاحب رائعة "الصحة يالصحة" التي ردّدها من بعده العشرات من الفنانين من بينهم الشاب مامي. من جهته يعدّ المرحوم سعيد مهنتل، أحد أعمدة الأغنية السطايفية بامتياز، كيف لا وهو الذي أبدع في زمنه برائعة "راعي الملجوم" المقتبسة عن قصة حب حقيقية، جرت أحداثها في ثلاثينيات القرن الماضي، شأنه شأن المرحوم كمال فرج، صاحب أغنية "يالجمالة" الذي بدوره قدّم الكثير للطابع السطايفي ويعتبر من الذين مزجوا بين هذا الطابع والفن التونسي. بالإضافة إلى بلبل الهضاب المرحوم سمير سطايفي، الذي كان أحسن سفير للأغنية السطايفية ومثّلها أحسن تمثيل في مختلف التظاهرات الفنية الوطنية وحتى خارج الحدود الجغرافية للوطن، لتختتم اللوحة بوصلة غنائية تخليدا للفنان الشيخ الزوالي الذي فقدته الأسرة الفنية أياما قليلة قبل شهر رمضان المنقضي. كما شهد حفل الافتتاح تكريم العديد من الوجوه المحلية من فنانين وموسيقيين وأدباء ممن ساهموا في تطوير الأغنية السطايفية على مدار السنوات الماضية، سواء عن طريق انتاجاتهم الفنية أوكتباتهم.