تشهد الحدائق العمومية هذه الأيام إقبالا متزايدا للعائلات الباحثة عن الجو الرطب وسط أحضان الطبيعة؛ هروبا من الحر ودرجات الحرارة المرتفعة التي نشهدها هذه الأيام، في حين يلتجأ البعض الآخر إليها للاستراحة من زخم المدينة وضوضائها، خصوصا بالنسبة للذين يتعذر عليهم النزول إلى شواطئ البحر، ويفضلون بذلك تمضية وقتهم بين اخضرار الحدائق المنتشرة عبر مختلف البلديات. تجولت "المساء" عبر بعض الحدائق العمومية، حيث كانت وجهتنا الأولى حديقة صوفيا المتواجدة بالقرب من البريد المركزي، التي رغم صغر مساحتها إلا أنها اتسعت لفئة معيّنة وتحديدا كبار السن، الذين يعشقون تلك الحديقة لتموقعها وسط العاصمة، هذا ما أوضحه لنا موسى، طاعن في السن، كان جالسا مستمتعا بالهدوء الذي ساد جو الحديقة، يشاهد سرب الحمام الذي التفّ حوله. وفي دردشتنا معه قال: "جلوسي على هذا المقعد تحوّل إلى عادة خلال فصل الصيف؛ فرغم تواجد الحديقة بالقرب من محطة الحافلات إلا أنها تتسم بهدوء خاص". وعن كونها ملاذا لكبار السن قال إنها كانت منذ سنوات، نقطة التقاء العديد من الشباب والكهول للعب "الدومينو" والورق، ولم يتغير الوضع رغم مرور السنوات، حيث لاتزال الحديقة المعروفة بالتقاء المسنين، مشيرا إلى أن موقع الحديقة جعلها مثالية للهروب من الحر؛ باعتبارها تقابل مباشرة البحر؛ ما يمنح الجالس فيها الاستمتاع بنسماته اللطيفة. انتقلنا إلى حديقة الساعة الزهرية، حديقةٌ اختلفت ميزتها عن باقي الحدائق؛ كونها تتوسط قلب العاصمة، وهندستها المعمارية تسمح للجالس فيها بالاستمتاع بمشهد بانورامي، يظهر في أفقه ميناء الجزائر وساحة البريد المركزي. وما يميزها عن باقي الحدائق أن الإقبال عليها يكون منذ أولى ساعات النهار، هذا ما أكدته فريال تعمل بمصلحة الضمان الاجتماعي بالقرب من الحديقة، حيث قالت: "إن حرارة الجو تدفعنا إلى البحث عن أماكن يكون بها الجو لطيفا، وهي الحال في حديقة الساعة، حيث يتوافد عليها المواطنون منذ منتصف النهار. ويفضل العديد شراء غذاءهم وتناوله بعيدا عن المطاعم التي تشتد بها الحرارة والزحمة". من جهتها، أوضحت ربيعة التي كانت رفقة طفليها وأختها وهي تقطن بشارع حسيبة بن بوعلي، أن الإقبال على الحدائق العمومية يبقى الوجهة المثالية للعائلات الباحثة عن فساحة المكان؛ هروبا من ضيق الشقق، وللاستمتاع بأجواء لطيفة وتحديدا خلال أيام الحر. وأكدت أن تلك الحدائق تستقطب العديد من العائلات يوميا إلى ساعات متأخرة من اليوم، مضيفة أن بعض الحدائق تبقى مفتوحة إلى غاية الليل، في حين تغلَق أبواب حدائق أخرى عند غروب الشمس. فبعد أن كانت تعرف هذه الأماكن إقبالا محدودا إلى حد ما عليها أصبحت ومنذ انتهاء شهر رمضان، القِبلة المثالية خلال النهار للعائلات الباحثين عن أجواء منعشة. ختمنا جولتنا بحديقة التسلية 5 جويلية ببلدية باب الزوار التي تُعد واحدة من الحدائق التي لا تغلق أبوابها مطلقا، ليبقى الزائر له الخيار الكامل للتوافد عليها في أي ساعة شاء، ولعل ما جعلها قبلة العائلات تواجد المسبح الجواري شبه الأولمبي إلى جانبها، هذا ما أوضحه سهيل، الذي يرافق مرتين في الأسبوع أطفاله الصغار ضمن برنامج السباحة الخاص بالأطفال ليلا، حيث يفضل الوصول قبل ساعات من انطلاق موعد السباحة للاستمتاع والجلوس في الحديقة. وأشار إلى أن العائلات تتوافد يوميا على هذه الحديقة بالرغم من عدم وجود برامج ترفيهية من شأنها أن تضفي مزيدا من التسلية والمتعة، إلا أن جمالها جذب الراغبين في الاستمتاع بالهدوء.