تسببت الأمطار الغزيرة التي تساقطت بعدة ولايات من الوطن في خسائر بشرية ومادية بلغت حصيلتها 33 قتيلا و69 جريحا بكل من ولايات غرداية، الجلفةوتلمسان بالإضافة إلى انهيار مبان قديمة بوهران. وبدأت فرق الإنقاذ تصل ابتداء من ليلة أول أمس إلى المنطقة المتضررة بولاية غرداية التي سجلت 30 قتيلا و50 جريحا ومئات المنكوبين وذلك بسبب صعوبة الوصول إلى بعض الأحياء جراء الفيضانات. مع إعادة التزويد بطريقة تدريجية بغاز المدينة وإصلاح التيار الكهربائي وكذا إعادة تشغيل خطوط الهاتف بعد انقطاعها في منطقة غرداية. وتجمع عدد كبير من المنكوبين أمس بمحاذاة مقر الولاية مطالبين بتبليغ انشغالاتهم للتعجيل في تقديم المساعدات والمؤونة خاصة لمنكوبي حي الواحة الذين تضرروا بكثرة. ووعد والي الولاية الذي استقبل ستة أعضاء من ممثلي العائلات المنكوبة لدى استقبالهم ظهر أمس بالتكفل بانشغالاتهم المتمثلة في إسكان المنكوبين في شاليهات، إيصال الإعانات لأصحابها وتصنيف غرداية كمنطقة منكوبة. وساهمت بعض الولايات المجاورة في إرسال المساعدات للمناطق المتضررة بغرداية حيث سجلت الساعات الأولى للكارثة وصول أكثر من 400 طن من المواد الغذائية بالإضافة إلى المساعدات التي أرسلتها وزارة الداخلية والتي تتمثل في 200 ألف وحدة من الأغطية وأكثر من ألف خيمة وثلاث مخابز متنقلة و50 مولد كهرباء بالإضافة إلى محطة لمعالجة وإنتاج المياه الصالحة للشرب. وتسهر حاليا فرق الجيش الوطني الشعبي على مكافحة كافة أشكال السرقة والاعتداء على الممتلكات، مع العمل على تسهيل المرور عبر محاور الطرق الحضرية وبعض المناطق الحساسة بغرداية. للتذكير فقد شهد وادي ميزاب صباح الأربعاء فيضانا كبيرا تسبب في عدة خسائر بشرية ومادية، إذ لا تزال عمليات البحث عن الجثث تحت الأنقاض متواصلة بعد انهيار أكثر من 500 بيت هش وقديم بواحة غرداية التي غمرتها المياه كلية. ولم تعرف مدينة غرداية مثل هذه الكارثة من قبل كما أنها لم تسجل أمطارا طوفانية بهذه الحدة منذ 50 سنة، حيث دامت هذه الأمطار ثلاثة أيام متتالية وأدى السيلان الشديد لجميع الأودية التي تصب في وادي ميزاب خاصة منها لعديرة والتوزوز وواد لبيض إلى تراكم كميات هائلة من المياه التي غمرت جميع منازل واحة غرداية التي يقطن بها المئات من السكان وامتدت إلى جميع الأحياء المجاورة لوادي ميزاب من بلدية ضاية بن صخوة مرورا ببابا سعد، بابا والجمة، الحاج مسعود، سيدي عباز، بونورة، إلى غاية بلدية العطف وغمرت الكثير من المحلات التجارية وقطعت الطرقات. وعاينت "المساء" منذ اللحظات الأولى مجريات الكارثة التي ألمت بسكان المنطقة وشاهدت صعود مياه السيول إلى نحو عشرة أمتار في بعض الأحياء التي غمرتها المياه. وحوصر السكان الناجون من الغرق في منازلهم ليوم كامل. ولم تفلح عمليات الإنقاذ في اللحظات الأولى بسبب السيول الجارفة التي جرفت نحو 300 سيارة وشاحنة وقطعت أشجار النخيل وأتلفت المحاصيل الزراعية كما جرفت المواشي وأدت إلى إتلاف الطرقات والأعمدة الكهربائية ومختلف شبكات الكهرباء والغاز والماء والهاتف وبعض الجسور. وعاش السكان أثناء الفيضان لحظات رهيبة لا سيما أمام انقطاع وسائل الاتصال الهاتفية الثابتة والنقالة مما حال دون معرفة أحوال أقاربهم والاطمئنان عليهم . واستمعت "المساء" لشهادات بعض السكان الذين نجوا بأعجوبة من الموت المحقق بعد صعودهم السريع إلى سطوح المنازل مع أبنائهم وعائلاتهم هروبا من مياه الفيضان. كما هو الشأن لنورالدين الذي خرج سالما من الكارثة موضحا في هذا الصدد "كنت نائما بعد أداء صلاة الصبح عندما تدفقت المياه علينا، استيقظت بسرعة وحملت ولديا وناديت على زوجتي للصعود أمامي بسرعة إلى السطح" بما أن منزلي بالواحة هش وقديم انتقلت بسرعة إلى الجيران قبل أن تنهار جدران بيتي". وأمثال نور الدين كثيرون من المنكوبين الذين يتواجدون بالمدارس بسبب انهيار منازلهم. ومنع وادي ميزاب الذي قسم المدينة إلى شطرين من وصول فرق التدخل السريع، مما جعل بعض المواطنين يسارعون لمنح يد المساعدة وإنقاذ الأحياء وإجلاء الجرحى ونقل الجثث بواسطة حبال وألواح. وأكد السيد محمد هرويني رئيس بلدية غرداية ل "المساء" وصول 600 عون من الحماية المدنية، 18 فريقا طبيا، 412 طنا من المواد الغذائية وألف خيمة، بطانيات، ومواد صيدلانية خلال الساعات القادمة إلى جانب محطات متنقلة لمعالجة المياه وثلاثة مخابر متنقلة. قتيلان وستة جرحى بالجلفة وتسببت هذه الأمطار الطوفانية في وفاة شخصين وإصابة ستة آخرين بجروح بالجلفة إثر التقلبات الجوية التي عرفتها المنطقة. كما سجلت مصالح الحماية المدنية 45 تدخلا تم فيها إنقاذ ثلاثة أشخاص ووفاة آخر كانوا بداخل سيارة محصورة بوادي الباز ببلدية الادريسية الواقعة على بعد 100 كيلومتر غرب الولاية. وذكرت مصالح الحماية أنها انتشلت طفلا عمره ست سنوات من وادي حجر الملح بمنطقة الصاغر ببلدية زعفران بعد مدة بحث دامت قرابة تسع ساعات تمكن فيها الأعوان من انتشال الجثة. وشهد الطريق الوطني رقم 1 بإقليم بلدية عين الإبل الواقعة جنوب مقر الولاية انحراف ثلاث سيارات مما أدى إلى جرح ستة أشخاص تم نقلهم إلى المستشفى. كما سجلت مصالح الحماية المدنية ببلدية سيدي رحال الواقعة شمال مقر الولاية فيضانات لم تؤد إلى خسائر بشرية. قتيل و13 جريحا بتلمسان كما تسببت الأمطار الغزيرة المتهاطلة على بعض ولايات الغرب في وفاة شخص وجرح 13 آخرين بولاية تلمسان. وفي أضرار مادية وتسربات المياه بالبيوت بالأحياء الشعبية إضافة إلى انسداد في بعض الطرقات. وانتشلت مصالح الحماية المدنية جثة رجل يبلغ من العمر 57 سنة من حافة وادي أوزيدان ببلدية شتوان الذي ارتفع منسوب مياهه، كما تدخلت هذه المصالح لإنقاذ سكان أربعة منازل انهارت كليا أو جزئيا من جراء الأمطار وتم على إثرها نقل 13 جريحا للمستشفى أربعة منهم في حالة خطيرة. وتدخلت فرق الحماية المدنية لإنقاذ حافلة نقل المسافرين من خطر انزلاق حقيقي نحو منحدر خطير بالطريق الولائي الرابط بين بنسكران وتلمسان وإجلاء كل الركاب معافين. كما عرف وادي أعمير بدائرة شتوان ارتفاعا في منسوب مياهه مما جعل الحركة تشل تماما بالمنطقة. انهيارات بمبان قديمة في وهران وتسببت هذه الأمطار في حدوث انهيارات جزئية لست مباني قديمة بأحياء سيدي الهواري، بلحضري، ورأس العين أجبرت العائلات التي تقطنها على المبيت في العراء. كما أجبرت هذه الأمطار العشرات من العائلات القاطنة بالمباني الآيلة للإنهيار بحي سيدي الهواري وما جاوره على مغادرة مساكنها خاصة وأن معظمها غمرتها مياه الأمطار المتسربة من التشققات الموجودة بمنازلهم. وفي حي الحمري أرغمت المياه التي غمرت أربعة مساكن قديمة بفعل تسربات مياه الأمطار الناتجة عن التشققات في سطوحها إلى مغادرة ساكنيها الذين فضلوا نصب الخيم عوض المخاطرة بالمبيت تحت أسقف منازل غير مضمونة على ضوء رداءة الطقس وغزارة الأمطار. حيث أدت هذه الأمطار إلى تحطيم سقف 18 غرفة ببعض الشاليهات التابعة للشركة الصينية المكلفة بانجاز الطريق السيار شرق غرب بمنطقة وادي تليلات. وأمام هذه المناسبة الأليمة تقدم السيد عبد العزيز زياري رئيس المجلس الشعبي الوطني باسم كل نواب المجلس بتعازيه الخالصة لكل عائلات الضحايا.