لا تزال الشواطئ ببومرداس تشهد فوضى في الاستغلال، رغم انطلاق الموسم الصيفي بالولاية رسميا في 12 جوان المنصرم، وكذا الحظائر القريبة من الشواطئ التي لم يفصل بعد في مجانيتها أواستغلالها، وحتى المرافق أغلبها لم ينطلق فعليا في العمل بعد نهاية شهر رمضان، وبين هذا وذاك، لا يعرف المواطن والمصطاف أين يتوجه، ناهيك عن تساؤلات بشأن التراجع المسجل مقارنة بموسم الاصطياف الفارط الذي حقق أزيد من 8 ملايين مصطاف وموارد مالية هامة وخدمات مشجعة. لا تزال السلطات الولائية والمحلية تسارع لوضع الترتيبات الضرورية (الفصل في استغلال الشواطئ والحظائر والمرافق)، فمنذ الثامن جويلية، تعمل كل الجهات على تدارك التأخر المسجل في التنظيم، كما لم تبد جهات مسؤولة قلقها بشأن غياب التنسيق اللازم بين مختلف الفاعلين لإنجاح موسم الاصطياف وضمان أمن وراحة زوار ولاية بومرداس الساحلية، ومن جهة ثانية، تحقيق موارد مالية هامة لدعم المشاريع وتخفيف العبء عن الخزينة العمومية. السلطات المحلية في حرج بسبب تعليمة الداخلية تعليمة وزير الداخلية والجماعات المحلية، نورد الدين بدوي، التي تحمل رقم 03 والمؤرخة في 09 ماي 2016، استبقت كل ترتيبات انطلاق الموسم الصيفي المتعلقة باستغلال الشواطئ المسموحة من قبل أصحاب الامتياز مثلما هو معمول به في الولاية منذ سنة 2009، وكرست المنع النهائي لاستغلال الشواطئ من قبل المستثمرين الخواص. وتشير التعليمة (غير منشورة في الجريدة الرسمية، وتحوز المساء على نسخة منها) إلى أن كل الشواطئ المسموحة مجانية وغير قابلة للكراء من أي شخص كان حتى المتحصلين على حق الاستغلال، طبقا للمرسوم التنفيذي رقم 04-274 المؤرخ في 5 سبتمبر 2004 الذي أمضاه رئيس الحكومة الأسبق أحمد أويحيى والذي يحدد شروط الاستغلال السياحي للشواطئ والقرار الوزاري المشترك المؤرخ في 18 ماي 2006 الذي يحدد نماذج الاتفاقية ودفتر الشروط المتعلق بها. فتعليمة وزير الداخلية قبيل شهر واحد فقط عن انطلاق الموسم الصيفي، وضعت السلطات الولائية "في حرج'' أمام المستثمرين الحاصلين على حق الامتياز وكذا تدارك التأخر الحاصل لتنظيم الشواطئ، وهو ما جعل مديريات السياحة أمام حتمية التعامل بالاتفاقيات المبرمة لمدة 5 سنوات ابتداء من سنة 2014 سواء بالإلغاء أوالتجميد. ومن جهتها، سارعت البلديات الساحلية إلى تدارك الوضع عبر ‘'اتفاقيات شكلية'' غير مطابقة لنموذج اتفاقية الاستغلال السياحي للشواطئ المنشورة في الجريدة الرسمية، وتحوز ‘'المساء'' على عدة نسخ لاتفاقيات مبرمة بين رئيس بلدية بومرداس وأشخاص طبيعيين لاستغلال مساحات تقدر ب25 مترا مربعا (مساحة محل تجاري صغير) في شكل أماكن لوضع الطاولات والمظلات قصد كرائها، إلا أن ما وقفت عليه ‘'المساء'' في هذه الشواطئ يشير إلى تحايل أصحاب الامتياز على نص تعليمة وزير الداخلية بنصب المظلات واستغلال الشواطئ بمساحات متفاوتة تفوق 200 متر مربع. استغلال الشاطئ ب 2 مليون سنتيم فقط في بومرداس وتشير المادة 4 من نص اتفاقيات استغلال السياحي للشواطئ المسموحة المبرمة بين رئيس بلدية بومرداس وبين أشخاص طبيعيين مؤرخة في 04 جويلية 2016 (تحمل الرقم 2288-أع-2016) إلى تسديد إتاوة قدرها 20 ألف دج (مليوني سنتيم) مقابل استغلال حصة بمساحة 25 مترا مربعا، في حين ذكر مدير السياحة في تصريح سابق، أن إتاوة كراء حصة في شاطئ بومرداس المركزي منذ 2014 تفوق 100 مليون سنتيم، وهو ما يطرح التساؤل من المسؤول عن إهدار المال العام وتمويل الخزينة العمومية؟، مثلما يقول أحد المستثمرين. من جهة أخرى، ذكرت مصادر مسؤولة ل''المساء'' أن خلفيات تعليمة وزير الداخلية قد تكون بسبب احتلال أشخاص طبيعيين ‘'عنوة'' للشواطئ منذ التسعينات في بعض الولايات على غرار الجزائر، تيبازة والشلف، ورفضهم الخضوع للمرسوم التنفيذي لسنة 2014، وبالتالي لجوء السلطات إلى تعميم هذا القرار على كل الشواطئ في الولايات ال14 الساحلية تفاديا للصدام مع هؤلاء. مخيمات ل 10 آلاف طفل وفي سياق الجهود المبذولة لإنجاح موسم الاصطياف ببومرداس، سطرت الولاية بالتعاون مع مديرية السياحة ومديرية الشباب والرياضة ومديرية التضامن الاجتماعي والبلديات الساحلية برنامجا لاستقبال 10 آلاف طفل ضمن المخيمات الصيفية خلال ثلاث دفعات إلى غاية 21 أوت لمدة 12 يوما لكل دفعة، ويستفيد من هاته العملية أطفال ولايات الجنوب على غرار غرداية والأغواط وتمنراست والوادي، إضافة إلى 300 طفل يتيم من المناطق الداخلية بالولاية، وكذا أطفال المناطق النائية والجبلية عبر إقليم الولاية. وخصصت للعملية 42 مؤسسة تربوية مع توفير فرق خاصة للتنشيط وضمان أمن وتأطير الأطفال وكذا النظافة، حسب تصريح مدير السياحة، كما استجابت المديرية لعدة طلبات من فرق الكشافة والجمعيات قصد التخييم على غرار فرق بلديات عمال، الناصرية، الأربعطاش وتيمزريت. كما تتواجد بالولاية سبعة (7) مخيمات صيفية بطاقة استيعاب تقدر ب 4990 سرير، منها 05 ببلدية زموري وآخرين بكل من الثنية وقورصو، في حين لا يزال المخيم العائلي ‘'سوناطراك'' بقورصو والآخر بزموري متوقفين عن النشاط بسبب عدم انتهاء الأشغال. كراء حظيرة ب 134 مليون في بلدية الثنية ومن بين الموارد المالية الهامة التي تعمل البلديات الساحلية خاصة على الاستفادة من استغلالها في موسم الاصطياف، ‘'مواقف وحظائر السيارات''، فحسب مصدر موثوق من بلدية الثنية، فإن حظيرة السيارات لشاطئ الصغيرات التي تتربع على مساحة أقل من 500 متر مربع قد تم كراؤها لهذا الموسم (شهرين) بإتاوة 134 مليون سنتيم ودفتر شروط، في حين لا تزال تشهد أربع (04) حظائر معتمدة ببلدية بومرداس صراعات ومشادات كبيرة بين مستغلين غير شرعيين سابقين، وصلت إلى حد استعمال العنف فيما بينهم والاعتداء على منتخبين محليين، مثلما وقفت عليه ‘'المساء''. وذكر مصدر مسؤول أن ‘'أطراف تحاول بكل الطرق التحايل على قرار الوالي السابق بمجانية المواقف، عبر منحها بتراخيص استغلال رمزية لا تتعدى 8 آلاف دج للشهر الواحد وبالمقابل تحقيق أرباح كبيرة تتعدى 7 ملايين سنتيم يوميا''، متسائلا ‘'من يراقب هؤلاء خصوصا أنهم لا يملكون سجلات تجارية ولا يتقيدون بدفتر شروط معين''. من جهته، قال رئيس أمن ولاية بومرداس ل''المساء'' إن ‘'قواته تعمل على ردع كل المستغلين غير الشرعيين للمواقف إلا أن سوء التنظيم في منح تلك الحظائر يصعب من مأمورية المراقبة وضمان أمن وراحة المواطن''. حظائر عشوائية .. في غياب الجهات المعنية.. تجولت ‘'المساء'' في كل من بلديات بومرداس، دلس، كاب جنات، فلا يكاد يخلو أي جانب على طريق عمومي تكثر فيه الحركة أو مساحة خضراء أوموقف مخصص للسكان من مستغل غير شرعي لمواقف للسيارات، هذا الوضع يقول عنه فريد، ساكن ببلدية بومرداس، إنه ‘'خلق مشاحنات واشتباكات وصلت إلى حد التعدي بالأيدي على السيارات والسائقين''، مضيفا – بتحسر ‘'هذه المواقف العشوائية يستغلها فقط مسبوقون قضائيا وحتى مراهقين وأطفال فمن منحهم الترخيص الذي يحملونه وأين مصالح الأمن؟''. من جهته، أشار رئيس أمن ولاية بومرداس في ندوة صحفية عقدها الأسبوع الماضي، أن ‘'قوات الأمن توقف يوميا أكثر من شخصين اثنين من مستغلي الحظائر العشوائية على مستوى إقليم بلدية بومرداس فقط، ولعدم وجود محاضر تبليغ من الضحايا لا تتعدى المتابعة القضائية ضد أصحاب المواقف دون ترخيص غرامات مالية تقدر ب 80 دج فقط''. في حين ذكرت مصادر محلية أن ‘'قائمة التراخيص التي أعلنتها البلديات هذا الأسبوع لمستغلي الحظائر (خصوصا بلدية بومرداس) شهدت صدامات واعتداءات لم يسلم منها حتى المنتخبين المحليين''، وهو ما يطرح التساؤل عن التحقيقات الأمنية التي يخضع هؤلاء للحصول على التراخيص. بلدية بومرداس لا ترد حاولت ‘'المساء'' عدة مرات الاتصال بمنتخبين محليين للاستفسار عن تحضيرات موسم الاصطياف وتراخيص المواقف إلا أنها لم تلق ردا. تصريحات المسؤولين ل''المساء'': مدير السياحة والصناعة التقليدية لولاية بومرداس، نور زوليم: ‘'الاستثمار السياحي بالولاية يشهد وتيرة مشجعة بينها 47 مشروعا للخواص سيتم تسليمها قريبا بحجم 4632 سرير إضافي مما يوفر أزيد من 2295 منصب شغل دائم، وفي الاستثمار العمومي، هناك تهيئة وتجهيز أزيد من 36 شاطئا مسموح للسباحة، كما سيتم تهيئة ورد الاعتبار لموقعين سياحيين بدلس هما الميناء وأسواف''. رئيس أمن ولاية بومرداس، مراقب شرطة علي بدوي: ‘'نطلب من السلطات والإدارات المحلية التعاون أكثر لضمان أمن وراحة المواطنين، وتطبيق أمثل وصارم لتعليمة وزير الداخلية والجماعات المحلية (ماي المنصرم) المتعلقة باستغلال الشواطئ ومجانيتها، والحد من ابتزاز زوار الشواطئ عبر الحظائر العشوائية، وكذا التنسيق لوضع مخططات مرور ناجعة خصوصا بالطرق القريبة من واجهة البحر، وكذا ضمان أمن الطرقات والنقل وتوسيع الإنارة العمومية واللافتات''.