أثبتت النسوة منذ القدم جدارتهن ودورهن الفعال في تنمية الصناعة المحلية، بفضل مشاركتهن في الصناعة التقليدية التي مارسنها منذ زمن بعيد داخل بيوتهن، واللائي يتخصصن فيها اليوم داخل ورشات عززت أهمية الإدماج الاقتصادي للمرأة عبر مكونات الاقتصاد الاجتماعي الذي انعكس بالإيجاب على تفعيل دور المرأة في المجتمع من جهة، ودفع عجلة التنمية الاقتصادية من جهة أخرى بفضل تنشيط مختلف الفاعلين في المجتمع، باعتبارها إطارا ملائما لخلق الثروة وتنمية المشاريع مع ضمان الاستقلال المالي. كانت المرأة منذ زمن بعيد الشريك المساعد للرجل، تقاسمه العديد من الأشغال داخل البيت بصناعة أشياء تستعمل للحاجة في المنزل أو للتزين بها، لتقوم بعد سنوات من ذلك في التخصص في مجالات لا يشاركها فيها الرجل، كصناعة الزرابي والخياطة والحياكة، إلى جانب صناعة الأواني الفخارية وسلل الدوم وغيرها من الأشغال اليدوية البسيطة التي كانت لا تتطلب الكثير من الجهد البدني، وإنما تحتاج إلى الكثير من الصبر والتركيز، مما يجعلها ذات لمسات دقيقة قد نفتقدها في القطع التي يصنعها الرجل. وبعد سنوات من ذلك، دعت الحاجة بسبب صعوبة ظروف الحياة وغلاء المعيشة إلى خروج النساء لمشاركة الرجل أعمالهم في الورشات، مما دفع العديد منهن إلى البحث عن موهبتهن وسط ذلك العدد الكبير من الحرف واختيار واحدة منها للتخصص فيها والاسترزاق منها، لتظهر بعد ذلك مجموعة من النساء اللواتي استهوتهن الحرف التقليدية ورغبن في التفرغ لها كحرفة تجمع بين حبهن للمهنة وكذا الاسترزاق منها، هذا ما أدى إلى انتشار العديد من الحرفيات اللواتي تخصصن في كل المجالات ولم تبق اليوم حرفة لم تشارك فيها المرأة بإضافة لمستها "اللطيفة" والأنثوية. ويتضح ذلك الانتشار الواسع من خلال المشاركة الكبيرة للنسوة في المعارض الوطنية والدولية للصناعة التقليدية التي تنظم في كل مرة، والتي ولت لها الجهات المعنية أهمية خاصة. انتقلت "المساء" إلى معرض الصناعة التقليدية المنظم بساحة البريد المركزي بالعاصمة، تلك الساحة التي اعتادت على احتضان فعاليات مختلف صالونات الحرف اليدوية، والتي يعتبرها الحرفيون المكان المثالي لعرض منتجاتهم لتواجده بقلب العاصمة، يلتقي فيه العديد من زوار العاصمة يوميا، كما أن المواطنين يتمنون إقامتها هناك كونها تعمل على إحياء وتنشيط العاصمة ليلا ونهار وخلال مختلف المناسبات كالسهرات الصيفية أو الرمضانية أو غيرها.. بداية اقتربنا من الحرفية م.حياة، مختصة في صناعة الحلي الفضية التي أوضحت لنا أن المرأة باتت تلعب دورا كبيرا في تفعيل قطاع الصناعة التقليدية، مشيرة إلى أن اهتمام المرأة بالحرف التقليدية ليست وليدة الساعة وإنما عادات توارثتها منذ القدم تخصصت كل واحدة حسب عائلتها، مما يجعل من تعلمه إرثا تقليديا، فالأمهات وسط عائلات الحرفيين يعلمن بناتهن تقنيات الحرف اليدوية. من جهتها، أشارت إكرام إلى أن الحرف اليدوية النسوية تتسم بالرقة وبألوانها الجذابة وهي دقيقة الصنع وآية في الجمال، موضحة أن بعض الفنون التقليدية تستدعي عمل المرأة كالطرز، فهو يستدعي عمل أيادي رقيقة تتصف بالصبر والتركيز، كما يتطلب هذا الفن عناية فائقة ومهارة عالية وصبرا من قبل النساء كي يضفي الكثير من التألق والدفء على الأشياء البسيطة. وعلى صعيد آخر، قال الحرفي عبد الباسط بأنه لابد من وضع برنامج خاص يساهم في فتح الآفاق أمام النساء الحرفيات لضمان إدماجهن في الدورة الاقتصادية، مشيرا إلى أن قطاع الصناعة التقليدية قادر على دفع عجلة التنمية إذا ما تم أخذه بعين الاعتبار بالطريقة الصحيحة، من خلال توحيد الجهود بما يخدم مصلحة الجميع. من جهتها، استعرضت مرساوي فراح، حرفية في صناعة الجبة القبائلية، جملة المشاكل والعراقيل التي تعاني منها المرأة الحرفية، لاسيما على مستوى ترويج منتوجاتها، داعية بالخصوص إلى ضرورة العمل على إيجاد حلول جذرية لتجاوز هذه العوائق من أجل تطوير القطاع والارتقاء بجودة منتج الحرفي.