أجلت السلطات الجزائرية رعايا جزائريين يعملون في مجال النفط بمدينة بور جنتيل ثاني أكبر مدن الغابون رفقة أفراد عائلاتهم؛ على خلفية الأوضاع غير المستقرة في هذا البلد الإفريقي. وأكد بيان لوزارة الخارجية الجزائرية أن السلطات الجزائرية تتابع "عن كثب" وضعية الجالية المقيمة في الغابون؛ على خلفية الأحداث التي تشهدها منذ مساء الأربعاء الأخير، مباشرة بعد الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية التي نُظمت يوم 27 أوت الماضي. وأضاف بيان الخارجية أن مصالح سفارة الجزائر بالعاصمة الغابونية ليبروفيل، "على اتصال دائم مع أعضاء جاليتنا الآخرين المقيمين في هذا البلد"؛ من خلال خلية المتابعة التي تم استحداثها على مستوى الوزارة لمتابعة "تطورات الوضع"، حيث تم اتخاذ كل الإجراءات لضمان حماية كل الرعايا الجزائريين وتقديم المساعدة الضرورية لهم. وانزلق الوضع الأمني في هذه الدولة الإفريقية الصغيرة بشكل مفاجئ؛ على خلفية تنازع الفوز في الانتخابات الرئاسية بين الرئيس علي بونغو أودينبا ومرشح المعارضة جان بينغ. وكان إعلان اللجنة الانتخابية عن إعادة انتخاب الرئيس المنتهية عهدته علي بونغو بنسبة 49,80 بالمائة مقابل 48,23 لمنافسه جان بينغ، بمثابة القطرة التي أفاضت كأس الرفض لدى المعارضة، التي شككت في هذه النتيجة، وأكدت فوز مرشحها في نفس الوقت، الذي طالبت فيه بإعلان النتائج النهائية مكتبا بمكتب، للتأكد من النتيجة النهائية لهذا الاستحقاق. وعاشت مختلف مدن البلاد وخاصة العاصمة ليبروفيل ومدينة بور جونتيل، توترا كبيرا ومواجهات بين أنصار المعارضة وقوات الأمن التي فتحت النار على المتظاهرين؛ مما أدى إلى مقتل شخصين رميا بالرصاص، ليرتفع عدد قتلى المشادات المندلعة منذ مساء الأربعاء، إلى خمسة قتلى؛ في حصيلة تبقى مرشحة للارتفاع في ظل استمرار القبضة بين الرئيس الفائز بعهدة رئاسية علي بونغو أودينبا من سبع سنوات، ووزير خارجيته الأسبق الذي انضم لتيار المعارضة. وزادت حدة التوتر بعد أن رفضت السلطات الغابونية إجراء عملية فرز ثانية لأوراق الناخبين بعد أن شككت المعارضة في صدقية النتائج النهائية، وأكدت أن مرشحها هو الفائز الفعلي في هذه الانتخابات. وشهدت عدة أحياء بالعاصمة ليبروفيل مواجهات بين سكانها المؤيدين لرئيس الدبلوماسية الأسبق، وبين تعزيزات قوات الأمن التي حاصرت هذه الأحياء؛ لمنع اتساع رقعة المواجهات وعمليات النهب التي طالت المحلات ومختلف المراكز التجارية، في نفس الوقت الذي قامت باعتقال أكثر من ألف متظاهر، حسب بيان لوزارة الداخلية. وطالت حملة الاعتقالات عددا من وجوه المعارضة الغابونية من بينهم نائب سابق لرئيس الجمهورية ووزيران سابقان، اقتادتهم قوات الجيش من مقر مداومة مرشح المعارضة جون بينغ. وطالب 27 معارضا ممن تم اعتقالهم، المجموعة الدولية بالقيام بتدخل عاجل لوقف ما أسموه ب "السرقة الانتخابية" والضغط على السلطات الغابونية من أجل إطلاق سراحهم. وتعيش العاصمة الغابونية حالة شلل تام، أغلقت، على إثرها، كل المحلات التجارية أبوابها، مما تسبب في أزمة غذاء حقيقية، زادها تعقيدا توقف كل وسائل النقل؛ مما جعل السكان يفضلون البقاء في منازلهم؛ مخافة تعرضهم لطلقات رصاص طائشة. وفرضت القوات الخاصة التابعة للجيش النظامي منذ اندلاع المواجهات، إجراءات أمنية مشددة أمام مقر القصر الرئاسي؛ لمنع وصول المتظاهرين إليه. ويبدو أن النتائج المعلن عنها بفوز الرئيس علي بونغو، لم تقنع القوى العظمى التي تحركت من جهتها، مطالبة، بطريقة ضمنية، بإعادة فرز أصوات الناخبين والإعلان عن النتائج النهائية في كل مكتب على حدى. وهو الموقف الذي تبنّته الولاياتالمتحدة وفرنسا ودول الاتحاد الأوروبي، وسارعت السلطات الغابونية إلى رفضه؛ بقناعة أنه يتعارض مع قانون الانتخابات المعمول به في البلاد.