الحوار... إنه العصب الحيوي الذي تفتقده الكثير من البيوت الجزائرية في علاقاتها العائلية، رغم أنه الجوهر الأساسي الذي تبنى عليه العلاقات السليمة، حيث يشكل الحوار ملكة القضاء على الأحقاد في النفوس، كما أنه الطريقة المثلى للتواصل الزوجي والأسري، ولغة الحوار الصريحة لا تخون ولا تخدع لأنها بكل بساطة تحمل المعنى والمضمون الصريح بلا لف أو دوران كما يقال. ولعل أكثر ما يميز مظاهر التشرذم الأسري هو اختفاء الحوار الذي تظهر في غيابه أمراض القلوب على غرار الحقد، الكراهية، النفور وعدم الاحترام وضياع العلاقة في مهب الريح والانفصال الروحي أو الطلاق الروحي الذي يسبق الطلاق الفعلي بسنوات ويعجل بحدوثه، والمؤسف أيضا أن يتحول انعدام الحوار إلى "ثقافة" تخنق اللغة التعبيرية بين الزوجين وبين أفراد الأسرة أيضا، فالزوج لا يستطيع التعبير عما يحز في نفسه والزوجة تتخبط وتتألم وترفض الكثير من التصرفات لكنها ترفض الافصاح عنها بلغة حوارية، والابناء يعانون لكن في صمت لأن الحوار ممنوع ولغة التعبير ممنوعة أيضا.. وربما كان السبب قائمة الممنوعات التي يحملها الزوجان في جهاز العرس والتي تصاحب كليهما في الفكر طوال سنوات العمر ليصبح الحوار ذبيحا وتضيع معه العشرة ويصبح الحب الذي جمع القلوب لسنوات في مهب "كان".