رفض الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى أمس التعقيب على تصريحات عمار سعداني، قائلا بأنه "ليس معلقا سياسيا ولا رياضيا" حتى يرد على هذه التصريحات، غير أنه ومع الإلحاح الشديد من ممثلي الصحافة الوطنية لحمله على الإدلاء برأيه حول الاتهامات الخطيرة التي كالها غريمه ضد كل من الفريق محمد مدين المدعو "توفيق" وكذا الأمين العام السابق عبد العزيز بلخادم، عبّر أويحيى عن عدم رضاه لل«الخطاب الأخير"، معربا في نفس الوقت عن احترامه وتقديره لشخص بلخادم وثباته على موقفه منه. سعى أويحيى خلال الندوة الصحفية التي نشطها أمس بمقر «الأرندي» ببن عكنون بالعاصمة إلى اجتناب التعليق على التصريحات النارية التي أطلقها الأمين العام للأفلان الأربعاء الماضي ضد كل من الرئيس السابق لمصالح الاستخبارات الفريق محمد مدين المعروف ب«الجنرال توفيق» وكذا الأمين العام السابق للأفلان عبد العزيز بلخادم، والتي اتهمهما فيها «بالعمالة لفرنسا»، وحمل فيها الأول مسؤولية الفتنة والأحداث المأساوية التي عرفتها ولاية غرداية.. إلحاح الصحفيين على أخذ رأيه حول المسائل التي تطرق لها سعداني، دفعه للتعبير عن عدم موافقته لخطاب هذا الأخير، فيما يتعلق بأحداث غرداية التي لازل أويحيى يعتبرها نتيجة «لمؤامرة داخلية وخارجية» قائلا بأنه «لا ينبغي أن ننسى أن وراء شخص في قيادة من قيادات الجيش الوطني الشعبي» آلاف الضباط والجنود الذين يشكلون كلهم هيئة واحدة هي الجيش الجزائري». كما أعلن أويحيى احترامه الكبير وتقديره لشخص الأمين العام السابق للأفلان عبد العزيز بلخادم، الذي شكك سعداني في وطنيته ووطنية عائلته، مؤكدا بأن مشاعره تجاه هذا الأخير «لا تتغير بتغير المواسم». وأبدى الأمين العام ل«الأرندي» رفضه لتجريم «ضباط فرنسا» مذكرا بأن كلا من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة والرئيس الراحل هواري بومدين عملا مع هؤلاء الضباط «وتم بهم بناء جيش قوي»، على حد تعبيره. وإذ حاول التقليل من هول الاتهامات الخطيرة التي أطلقها الأمين العام للأفلان في خرجته المفاجئة، منبها إلى أن «الأمر يتعلق بتصريحات وليس أحداثا» مثلما تصفه بعض وسائل الإعلام، جدد أويحيى بالمناسبة التأكيد على أنه بالرغم من أن شخص الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني «لا يثق بي»، إلا أن الأفلان كحزب يبقى يشكل بالنسبة للتجمع الوطني الديمقراطي «حليفا استراتيجيا». اعتماد سعر مرجعي ب50 دولارا، قرار حكيم بعيدا عن الجو المشحون الذي أحدثته تصريحات سعداني، خاض الأمين العام للأرندي في العديد من المستجدات التي عرفتها الساحة الوطنية، بداية من مشروع قانون المالية لسنة 2017 الذي صادق عليه مجلس الوزراء يوم الثلاثاء الفارط، والذي حظي بمباركة أويحيى الذي رأى في أحكامه، أحكاما مواتية لتسيير المرحلة الصعبة التي تمر بها البلاد على الصعيد الاقتصادي، مثمنا على وجه الخصوص اعتماد الحكومة على سعر مرجعي ب50 دولارا لبرميل النفط والذي اعتبره «قرارا حكيما»، لا سيما مع ما يترتب عنه من تخفيض مستوى العجز في ميزانية الدولة إلى 8 بالمائة. وأشار إلى أن اعتماد هذا السعر المرجعي يجنب الدولة خياران كلاهما صعب: «فإما أن توقف جزءا من نفقاتها العمومية أو تلجأ إلى الاستدانة الخارجية التي ستضعنا في ضائقة مستقبلا». في سياق متصل، حيّا أويحيى قرار مجلس الوزراء الإبقاء على سياسة الدعم الاجتماعي والتضامن الوطني. مشيرا إلى أنه بالإضافة إلى توجيه 23 بالمائة من حجم الميزانية لدعم أسعار المواد واسعة الاستهلاك وكذا السكن والصحة والتعليم، فهناك 1200 مليار دينار مخصصة لقطاعات التربية والتكوين والتعليم العالي وحدها. كما أبرز أهمية الإجراء المرتبط برفع نسبة الضريبة على القيمة المضافة ب2 بالمائة، والذي سيمكن الدولة حسبه من تحصيل ما يقارب 100 مليار دينار. بالمناسبة، ثمن الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي نجاح الاجتماع الاستثنائي لوزراء الطاقة لمنظمة الدول المصدرة للنفط «أوبيب» بالجزائر، والذي بفضله تعرف اليوم أسعار النفط ارتفاعا طفيفا قارب أمس 52 دولارا للبرميل، معتبرا هذه النتائج فأل خير على الجزائر، ولفت إلى أن تحقيق ميزانية متوازنة حاليا في الجزائر يتطلب سعر 80 دولارا للبرميل وهذا ما لن يتحقق حسبه قبل 5 أو 10 سنوات. ندعم الصناعة الميكانيكية ورفع سن التقاعد ولسنا أوصياء على الحكومة في نفس السياق، أبدى السيد أويحيى تأييده لموقف وزير الصناعة والمناجم بخصوص قضية الترخيص باستيراد السيارات المستعملة، معتبرا تصريح هذا الأخير الأقرب إلى الصواب من تصريحات زميله في الحزب وفي الحكومة بختي بلعايب، وذلك على اعتبار أن هذا الإجراء «لم ينص عليه مشروع قانون المالية لسنة 2017 بتاتا»، حسب الأمين العام «للأرندي». هذا الأخير الذي رفض التعقيب على التناقض الذي حصل في تصريحات الوزيرين، مشيرا إلى أن الحزب لا يعتبر وصيا على وزرائه في الحكومة والتي تعد سيدة في قراراتها، عبّر عن عدم موافقته للعودة للترخيص باستيراد السيارات المستعملة في المرحلة الراهنة، مبررا ذلك بكون ما تعرفه الصناعة الميكانيكية في الجزائر من تطور خلال العام الجاري، «لا ينبغي عرقلته بإجراء مناقض». دعوة إلى دعم اجتماعي «انتقائي» أويحيى ثمّن مشروع قانون التقاعد الذي تضمن أحكاما تعيد العمل بالسن القانونية المحددة ب60 سنة، مثلما كان عليه الأمر قبل الظروف الاستثنائية التي عرفتها البلاد في 1997، وذكر بأن التجمع الوطني الديمقراطي كان قد أدرج مطلب العودة إلى سن 60 سنة ضمن لوائحه الحزبية. وفيما ذكر بمعاناة الصندوق الوطني للتقاعد من حالة الإفلاس، وما سيترتب عنها من عدم القدرة على دفع منح ومعاشات المتقاعدين في السنوات القليلة القادمة، في حال استمر الوضع على حاله، اعتبر أويحيى بأن كل من يريد الذهاب إلى التقاعد قبل هذا السن القانوني «له مآرب خاصة». في نفس الصدد، جدد أويحيى موقف حزبه الداعم لضرورة اللجوء إلى مراجعة سياسة الدعم الاجتماعي من خلال إقرار نظام الدعم الانتقائي الذي تستفيد منه الفئات المحتاجة دون غيرها، مبرزا ما لهذا الإجراء من مزايا على الشعب وعلى موارد الدولة. وإذ ثمن من جانب آخر «الفلسفة التي تم اعتمادها في وضع مشروع القانون المرتبط بالوظائف السامية التي يشترط لتوليها التمتع بالجنسية الجزائرية دون سواها»، أعرب عن تفاجئه لعدم إدراج وظيفة السفير وكذا المدير العام لشركة «سوناطراك» ضمن هذه الوظائف، بخصوص قضية جماجم الشهداء المقاومين المتواجدة بمتحف الإنسان بباريس، لمح إلى تفضيله إبقائها هناك «على أن تدفن وتنسى»، حتى تبقى حسبه ذاكرة وطنية راسخة، والتاريخ الأسود لفرنسا وجرائمها قائمة مع مرور العصور. ونبه أويحيى إلى أن إثارة الحديث عن هذه القضية من قبل الأطراف الفرنسية، ليس إجراء بريئا وإنما وراءه محاولة تأليب الجزائريين على مسؤوليهم، لاسيما وأن الدولة الجزائرية متكفلة بهذا الملف من خلال وزارة المجاهدين. «الأرندي» يحضر قوائمه الانتخابية في الميدان بخصوص التحضير للانتخابات التشريعية والمحلية القادمة، أكد الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي أن هذا الأخير سيعد قوائمه في الميدان. وأشار في هذا الصدد إلى أنه اجتمع أول أمس مع أمناء المكاتب الولائية وتطرق معهم إلى قضايا عديدة من بينها إعداد قوائم الحزب للموعد الإنتخابي المقبل المقرر تنظيمه في أفريل القادم، حيث حثهم على ضرورة التحضير للقوائم من خلال استشارة المناضلين والمكاتب والمجالس الولائية. وأعلن أويحيى بالمناسبة عن انعقاد دورة جديدة للمجلس الوطني للحزب في ديسمبر المقبل سيتم التطرق خلالها إلى مختلف القضايا التي تهم الحزب ولاسيما ما يتعلق بالتحضير للاستحقاقات، مثمنا بالمناسبة إعلان حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية «أرسيدي» المشاركة في الإنتخابات التشريعية المقبلة، واعتبره قرارا صائبا، داعيا التشكيلات السياسية الأخرى المعتمدة إلى المشاركة في هذه الاستحقاقات، كونها حسبه فعلا ديمقراطيا وحضاريا، تعطي فرصة للشعب لممارسة حقه في الاختيار الديمقراطي. كما أكد في نفس السياق بأن الجزائر ذاهبة إلى انتخابات تشريعية بطمأنينة، لاسيما في ظل الضمانات الجديدة التي جاء بها التعديل الدستوري وقانون الإنتخابات الجديد، معربا عن أمله في أن تكون المعارضة ممثلة في البرلمان.