تقاطعت مداخلات المشاركين في الندوة التاريخية التي نظمها أمس المتحف الوطني للمجاهد بمناسبة إحياء اليوم الوطني للدبلوماسية الجزائرية الموافق للثامن أكتوبر من كل عام، بأن أولى انتصارات الدبلوماسية الجزائرية تمثلت في الدعم الذي حصلت عليه القضية الجزائرية في أول تجمع لمنظمة الدول الأفرو آسيوية في مؤتمر باندونغ شهر أفريل 1955. وهو الانتصار الذي ساهم في إخراج القضية الجزائرية من بعدها الإقليمي إلى البعد الدولي بعد أن طالبت الدول المؤيدة للثورة الجزائرية إدراجها في جدول أعمال الدورة العاشرة للجمعية العامة الأممية شهر سبتمبر 1955. وأكد المشاركون من أساتذة جامعيين ومجاهدين أن بعد ذلك واصلت الدبلوماسية الثورية تحقيق المزيد من الانتصارات وإقناع دول العالم بعدالة قضيتها إلى غاية تحقيق الاستقلال. ثم واصلت هذه الدبلوماسية مسيرتها مستفيدة من نضالها الثوري الذي مكنها من لعب أدوار هامة ومشهود لها، إلى يومنا هذا في حل عدة أزمات والدفاع عن مختلف قضايا التحرر والمرافعة عن نظام دولي عادل إلى غاية مرحلة التسعينات حيث حوصرت بسبب الإرهاب. أستاذ التاريخ عامر رخيلة أكد أنه بمجرد مجيئ رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، رفع هذا الطوق وعادت هذه الدبلوماسية لتنشط بقوة من خلال التمسك بمبادئها الرئيسية في مناصرة قضايا التحرر والدفاع عن الشعوب المستعمرة وحل الأزمات الداخلية والخارجية بالطرق السلمية دون التدخل في الشؤون الداخلية للدول. وأضاف أستاذ التاريخ عامر رخيلة تجربة الجزائر في محاربة الإرهاب جعلت القراءة والمقاربة الجزائرية المتعلقة بهذه الظاهرة لا يمكن الاستغناء عنها خاصة وأن الجزائر تمكنت من خلال فهمها لهذه الظاهرة العابرة للأوطان من تجنيب العديد من البلدان الإفريقية وعلى مستوى المغاربي من الدخول في متاهاتها. وقال إن الدبلوماسية هي اليوم دبلوماسية أمنية واقتصادية وحتى ثقافية لأن هناك صراع حضارات وصراع البيئة وملفات عديدة مطروحة على الساحة الدولية تفرض على كل بلد أن يكون لديه أدواته للتفاعل مع هذه المتغيرات. وأرجع الأستاذ رخيلة بالدرجة الأولى نجاح الدبلوماسية الجزائرية إلى تاريخها النضالي وأيضا إلى الواقعية التي تحلت بها وتكييفها مع المتغيرات الحاصلة على الساحة الدولية. وعرّج على نجاح الاجتماع غير رسمي لمنظمة "أوبك" الذي احتضنته الجزائر مؤخرا على هامش عقد منتدى الطاقة وتحول إلى اجتماع استثنائي شكل انطلاقة جديدة لدبلوماسيتنا. وقال إنه يعد في حد ذاته مكسبا اقتصاديا كبير يعود بالخير على مصالح الدول العضوة بعد أن جمع التناقضات الموجودة على مستوى "الأوبك" من خلال محاولة تقريب وجهات النظر بين القطبين الرئيسيين في هذه المنظمة السعودية وإيران. من جانبه، وصف الأستاذ محي الدين عميمور الدبلوماسية بأنها قوة الوجود الخارجي لما يحدث لصالح الدولة بما يجعل لها وجود وأثر دائم في الخارج. أما عميد السفراء المجاهد صالح بالقبي فقد قدم عرضا تاريخيا عن نشأة الدبلوماسية الجزائرية من قبل اندلاع الثورة الجزائرية وخلال الثورة.