يعتقد رئيس اتحادية الملاكمة نبيل سعيدي، أن الفريق الوطني أكابر لهذا الفرع لم يخيّب آمال الجزائريين في دورة الألعاب الأولمبية الأخيرة، وأن عدم حصوله على أي ميدالية لا يعني أن مستوى هذه الرياضة تراجع في بلادنا. ويقدّم سعيدي في هذا الحوار الذي أجرته معه «المساء»، عدة أدلة، يحاول من خلالها إثبات العكس والدفاع عن العهدة الأخيرة التي قضاها على رأس الهيئة الفيدرالية لهذا الفرع. المساء: هل السيد نبيل سعيدي مستعد لخوض عهدة أولمبية أخرى على رأس اتحادية الملاكمة، أم أن الأمر لم يعد يستهويكم؟ نبيل سعيدي: لا أخفي عنكم أنني أفكر بجد في تقديم ترشحي في الجمعية الانتخابية القادمة، لكن هذه الرغبة في العودة من جديد إلى شؤون الهيئة الفيدرالية، متوقفة أيضا على مطلب القاعدة وأعضاء المكتب الفيدرالي، فهم من يزكونني لعهدة جديدة، قد تقول لي إنك قد تواجه تنافسا كبيرا من مرشحين آخرين، لكن هذا الأمر لا يهمني، لكل مرشح برنامج عمل خاص به يقدمه للقاعدة وأعضاء الجمعية العامة، إلا أنني لم أتخذ القرار النهائي بخصوص ترشحي للعهدة القادمة؛ لأنني أعي جيدا ثقل المسؤولية الملقاة على أي رئيس يضطلع بشؤون الهيئة الفيدرالية، فقد تجده يضحّي حتى بأموره العائلية، وهذا ما حدث لي خلال العهدة الرياضية التي انتهت. المساء: من مجرد تفكيركم في الترشح لعهدة أخرى نفهم أنكم راضون عن حصيلة العهدة التي قضيتها على رأس الاتحادية؟ نبيل سعيدي: أنا مقتنع بإيجابية العهدة التي قضيتها على رأس اتحادية الملاكمة، البعض يقول إنها سلبية، ويربطون ذلك بحصيلة المنتخب الوطني أكابر في دورة الألعاب الأولمبية الأخيرة، لكن ليست هذه هي الحقيقة؛ لأن نجاح أي اتحادية ليس مرتبطا بالضرورة بنجاح الفريق الوطني أكابر. من هؤلاء الذين ينتقدون حصيلتي أطلب تقييم الأهداف والنتائج التي حققتها الملاكمة الجزائرية تحت قيادتي وقيادة مساعديّ في المكتب الفيدرالي والرابطات الولائية والجهوية، فقد نلنا 6 ميداليات ذهبية في بطولة إفريقيا أكابر، المرتبة الخامسة عالميا بالنسبة للإناث كبريات، ميدالية فضية للملاكم فليسي في بطولة العالم و5 ميداليات ذهبية في ألعاب البحر الأبيض المتوسط بتركيا. ويمثل هذا الإنجاز رقما قياسيا في تاريخ مشاركتنا ضمن هذه الألعاب، 5 ميداليات ذهبية في الألعاب الإفريقية بالكونغو الديمقراطية، و3 ميداليات ذهبية في ألعاب الشبيبة. ويجب أن نذكّر الجميع بأن الملاكمة الجزائرية لم تشارك في بطولة العالم منذ حصول الملاكم مجهود على الميدالية الذهبية في ذات البطولة سنة 1995. المساء: لكن الجمهور الرياضي الجزائري يقول إن الفريق الوطني للملاكمة عرف فشلا ذريعا في ألعاب ريو دي جانيرو... نبيل سعيدي: المعروف عن الألعاب الأولمبية أنها تجمع خيرة الرياضيين العالميين، والبروز فيها ليس سهلا على أي رياضي مهما كان مستواه، ولذا فإن مجرد التأهل إلى أطوارها يعد إنجازا كبيرا، لا سيما بالنسبة للملاكمين الذين يمرون عبر تصفيات صعبة للغاية، فما بالك بالمنازلات التي يخوضونها في هذه الألعاب الأولمبية. لست هنا بصدد البحث عن تبرير لتفسير ما حدث لملاكمينا في ريو دي جانيرو، لكني أعتبر أن ما حققناه في تلك الألعاب شيء إيجابي حتى لو كنا نأمل في الحصول على ميداليتين أو ثلاثة. بعض ملاكمينا واجهوا صعوبات قاسية خلال المنافسة، منهم الملاكم بن شبلة الذي أصيب بكسور على مستوى الضلوع، ورغم شدة الألم واصل المنافسة إلى أن عرف الإقصاء، إضافة إلى الملاكمين فليسي وخليفي، اللذين عانيا كثيرا من انتقادات الصحافة الرياضية الجزائرية التي أخرجتهما من تركيزهما. صراحة لم أكن أنتظر صدور مثل تلك الانتقادات القاسية التي رافقت مشاركتنا في تلك الألعاب، لأنه كان لها الأثر السلبي العميق على معنويات ملاكمينا. المساء: لكن ما هي العوامل الأخرى التي أعاقت مشاركة الملاكمة الجزائرية في تلك الألعاب؟ نبيل سعيدي: هي بطبيعة الحال العوامل المادية، لأن ملاكمينا لا يقبضون مرتّبات شهرية ويستفيدون فقط من بعض العلاوات التي لا تستجيب لمطالبهم. وبالرغم من ذلك فقد حاولوا الدفاع عن الألوان الوطنية بكل ما أوتوا من قوة وعزيمة. ما يؤلمني كثيرا اليوم تلك الفوارق المادية الموجودة بين الرياضيين الدوليين في مختلف الاختصاصات، هل من المعقول أن يتم تفضيل لاعبي منتخب كرة القدم الذي شارك في الألعاب الأولمبية عن ملاكمينا الدوليين في الجانب المادي؟ وماذا أقول عن رياضيي الرياضات الأخرى الذين استفادوا من علاوات وتشجيعات مادية بالرغم من مستواهم التنافسي المتواضع؟ كيف إذن لا تريدون أن لا يغضب الملاكم الدولي الجزائري الذي نال الميداليات في البطولات العالمية وفي شتى المنافسات الدولية وهو يفتقر إلى أدنى المساعدات المادية. هنا تكمن المفارقات العجيبة وغير المنطقية، التي يجب على السلطات الرياضية أن تنظر إليها بإمعان، فمن حق الملاكم أن يطالب اليوم بتدعيمه ماديا، على عكس ما كانت الحال في السابق، مثلا الملاكمان الدوليان السابقان موسى والزاوي انتقلا إلى دورة الألعاب الأولمبية بدون المطالبة بالحصول على مزايا مادية، ورغم ذلك شرّفا الوطن من خلال فوز كل واحد منهما بميدالية، لكن اليوم المفاهيم والعقليات تغيرت لدى كل الرياضيين، الذين يولون أهمية كبيرة للجانب المادي، وهذا من حقهم، لا سيما أولئك الذين يعانون في الجانب الاجتماعي؛ كغياب السكن والعمل. المساء: وهو الأمر الذي أثاره معنا الملاكم الدولي لياس عدادي من ولاية البليدة... نبيل سعيدي: الملاكم عدادي يمر بظروف قاسية في الجانب الاجتماعي، بصفته أبرز الرياضيين في البليدة، كان من الواجب على سلطات هذه الولاية تقديم له يد المساعدة وتخليصه من المشاكل التي يعاني منها؛ كافتقاره للسكن والعمل. نحن في الاتحادية لا نملك الوسائل التي تمكّننا من مساعدة ملاكمينا الدوليين. هناك ملاكمون دوليون آخرون يعانون من نفس المشاكل على غرار بن شبلة، شادي وعبادي، ويعد خليفي الملاكم الدولي الوحيد الذي تحصّل على عقد تمويل من شركة موبيليس. المساء: لكن أين وصلت محاولاتكم لإدماج هؤلاء الملاكمين في منصب مربين رياضيين؟ نبيل سعيدي: اتحاديتنا لم تتخل عن ملاكميها الدوليين، ومساعينا لم تتوقف أبدا من أجل ضمان مستقبلهم المهني. من حق هؤلاء الملاكمين بصفتهم دوليين، أن يدمجوا في سلك المربين الرياضيين، وقضيتهم درسها الوزراء الذين سيروا وزارة الشباب والرياضة وآخرهم الهادي ولد علي، الذي باشرت مصالحه بالتفاوض مع الوظيف العمومي، ضمان إدماج هؤلاء الملاكمين، وقد وعدنا الوزير بحل هذا المشكل في أسرع وقت ممكن.