باختيار ناخبي اليمين أمس، فيون مرشحهم لموعد رئاسيات أفريل القادم، تكون معالم السباق إلى قصر الرئاسة الفرنسية قد اتضحت بشكل كبير في انتظار معرفة مرشح تيار اليسار التي ستجرى انتخاباتها التمهيدية شهر جانفي من العام 2017. وإذا كانت الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة معروف مرشحها في شخص رئيستها مارين لوبان، فإن الحزب الاشتراكي مازال الغموض يكتنف من سيمثله في استحقاق الربيع المقبل خاصة وأن الرئيس فرانسوا هولاند لم يؤكد إلى حد الآن ما إذا كان سيخوض عهدة أخرى على أمل البقاء في قصر الاليزي أم أنه سيضع حدا لمساره السياسي رغم أن كل المؤشرات توحي بأنه لن يترشح بالنظر إلى تراجع شعبيته حتى في أوساط «عائلته السياسية». وجاءت فضيحة تسريبه لوثائق سرية مصنفة في خانة «سري دفاع»، وهي أعلى درجات السرية بخصوص الوثائق الرسمية وفتح العدالة الفرنسية تحقيقا في ملابسات ذلك بمبرر تهديد الأمن القومي الفرنسي لتؤكد أن هولاند فقد كل حظ في البقاء رئيسا لفرنسا خلال العهدة الرئاسية القادمة. وكانت صحيفة «لوموند» نشرت شهر أوت الماضي وثائق مصنفة في خانة «سري دفاع»، كشفت عن مخطط تفصيلي لشن ضربات جوية ضد القوات النظامية السورية وهو ما فتح الباب واسعا أمام أحزاب اليمين لشن حملة ضد الرئيس هولاند الذي اتهمته بإفشاء معلومات سرية تمس الأمن القومي الفرنسي. ولم تستبعد مصادر فرنسية احتمال إعلان وزيره الأول مانويل فالس ترشحه باسم اليسار الفرنسي، وهو الاحتمال الذي لم ينفه هذا الأخير وقال إنه لا يرى مانعا في خوض السباق الرئاسي ضد فرانسوا هولاند لتفادي انهيار كل اليسار الفرنسي في خارطة سياسية لم يعد الاشتراكيون رقما فاعلا فيها كما كان من قبل. وتوافد ناخبو اليمين المقدر عددهم بأكثر من أربعة ملايين ناخب على مكاتب التصويت بمناسبة الدور الثاني للانتخابات التمهيدية لتيار اليمين لاختيار أحد المرشحين اللذين بقيا في السباق إلى قصر الرئاسة، الوزير الأول الأسبق فرانسوا فيون البالغ من العمر 62 عاما وآلان جوبي البالغ من العمر 72 عاما.وكانت عملية سبر للآراء، نشرت نتيجتها مباشرة بعد المناظرة التلفزيونية التي جرت بينهما الخميس الماضي، أكدت تقدم الوزير الأول للرئيس نيكولا ساركوزي بفارق كبير بعد أن حصل على تأييد 61 بالمائة من عدد المستجوبين مقابل 39 بالمائة فقط بالنسبة للوزير الأول للرئيس الأسبق جاك شيراك، وهي نتيجة أكدت نتائج عمليات مماثلة أنجزت قبل وبعد الدور الأول للانتخابات التمهيدية التي جرت قبل أسبوع من الآن. وحاول آلان جوبي منذ الإعلان عن تلك النتائج المخيبة تقليص الهوة بينه وبين فيون ولكنه لم يتمكن من تحقيق ذلك بعد أن بقي تقدم فيون كبيرا وصعب عليه تخطيه. وكان المرشحان رافعا خلال تلك المناظرة التي تابعها أكثر من ثمانية ملايين فرنسي من أجل إحداث تغييرات جذرية في أساليب وأدوات الأداء السياسي سواء بالنسبة للسياسة الداخلية أو الخارجية، حيث راهن فيون على إصلاحات جذرية قوية راح جوبي يدافع عن إصلاحات سلسة وهادئة من أجل المحافظة على تجانس المجتمع الفرنسي. كما أن فرانسوا فيون دافع عن مقاربة هي أقرب إلى اليمين المتطرف عندما أكد على الثقافة الفرنسية الأصيلة بينما أكد آلان جوبي على التعدد الثقافي للمجتمع الفرنسي في تنكر للآخر وكل ما هو أجنبي.