كشف اعتراف رئيس الحكومة المغربية المعين الإسلامي عبد الإله بنكيران، بفشله في إيجاد أرضية توافقية لتشكيل حكومة ائتلافية عن عمليات شد وجذب خفيّة بين مختلف الأحزاب المغربية المنضوية تحت قبّة البرلمان المغربي لقبول الانضمام إلى الفريق الوزاري الجديد. وكانت عبارة «انتهى الكلام» التي استعملها بنكيران، في بيان تأكيد فشله في إقناع أحزاب بالانضمام إلى حكومته بمثابة نهاية المهمة التي كلّفه بها الملك محمد السادس، وجعلت هذا الأخير في حيرة من أمره كونها المرة الأولى التي تتعثر فيها مشاورات رئيس حكومة مغربي معين في تشكيل حكومة وطنية. وهي وضعية ستضيق على الملك المغربي هامش المناورة السياسية للخروج من هذا المأزق الذي عمّر طيلة ثلاثة أشهر دون بارقة أمل للخروج منه، خاصة وأن مراهنته على شخصية حزبية أخرى قد تنتهي به إلى نفس تجربة الفشل التي انتهى إليها زعيم حزب العدالة والتنمية، رغم حيازته على الأغلبية في انتخابات السابع أكتوبر الماضي. ورغم أن الملك محمد السادس منح بنكيران رابع فرصة للبقاء على رأس الحكومة المغربية ضمن ثاني تجربة لتولي حزب إسلامي مقاليد الحكومة في المغرب بعد انتخابات سنة 2012، إلا أنه عجز خلال ثلاثة أشهر منذ تعيينه في العاشر أكتوبر الماضي، في إيجاد أحزاب تقبل مشاركته السلطة خلال العهدة القادمة. ويبقى «الفراغ» الدستوري الذي دخله المغرب وحالة الجمود والترقب الذي تعيشه طبقته السياسية عقبة أمام ما يزعم الإعلام المغربي على نعته بالتجربة الديمقراطية «الرائدة» التي ما لبثت أن أبانت على محدوديتها رغم الزخم الإعلامي الذي رافق وصول أول حزب إسلامي إلى سدة السلطة في الرباط. وأخلط تمسك بنكيران، بحقه الدستوري في قيادة الحكومة بالنّظر إلى عدد المقاعد البرلمانية التي فاز بها، حسابات أطراف المعادلة السياسية التي تكرست في المشهد السياسي المغربي طيلة عقود ولكنه بقي إلى حد الآن عاجزا حتى عن إقناع أحزاب صغيرة بالالتحاق بطاقمه. ورغم أن حزب الاستقلال أحد أقدم الأحزاب المغربية أكد قبوله الدخول في حكومة بنكيران بقناعة تغليب المصلحة العامة على المصلحة الشخصية لم يكن كافيا لتمكين سفينة حزب العدالة والتنمية من الوصول إلى بر الأمان من خلال تشكيل حكومة توافقية قاسمها المشترك الانسجام في إدارة الشأن العام المغربي. ومهما كانت خيارات الملك المغربي فإن بنكيران وحزبه سيكونان أكبر خاسرين في حالة الانسداد القائمة من منطلق أن الأحزاب الأخرى لم تر حاجة في الانضمام إلى حكومته اعتمادا على نتائج عهدته السابقة التي يعتبرها عامة المغربيين أنها غمرتهم بوعود سرعان ما اصطدمت بواقع اقتصادي واجتماعي كانا كافيين لتعريتها واستفاق الجميع أربع سنوات من الممارسة السياسية «الإسلامية» على واقع أكثر مرارة.