دعا مختصون المستهلك إلى اقتناء مدفآت مصنوعة محليا تحترم مقاييس الجودة والنّوعية ومطابقة لشروط السلامة والأمن كونها أكثر ضمانا. وذلك تفاديا للحوادث المميتة التي تتسبب فيها المدفآت المغشوشة المستوردة من الصين تقلد اسم علامات أوروبية والتي تمثل نسبة «تتجاوز 50 بالمائة من مجمل المدفآت الغازية والكهربائية المتداولة في السوق». أكد السيد مترفي شريف، رئيس المصلحة التجارية بمؤسسة «سوناريك» الوطنية للتجهيزات الكهرومنزلية في تصريح ل«المساء» أن أغلب الحوادث التي تتسبب فيها أجهزة التدفئة سببها النوعية الرديئة للمدفآت المغشوشة المستوردة من الدول الأسيوية وخاصة من الصين. مشيرا إلى أن هذه المدفآت مغشوشة وغير مطابقة لشروط الأمن والسلامة.وأضاف السيد مترفي أن هذه المدفآت المغشوشة مقلّدة وتحمل اسم علامات أوروبية معروفة، غير أنها تسوّق بأسعار منخفضة لا تتجاوز 14 ألفا، في حين أن هذه العلامات المعروفة تسوّق منتوجاتها بأسعار جد مرتفعة تتجاوز 300 أورو نظرا لنوعيتها الجيدة. وذكر محدثنا أن المواطن يقع ضحية هذه المنتوجات بسبب أسعارها المنخفضة المغرية في غياب الرقابة. مؤكدا ضرورة تحلّي المواطن بثقافة استهلاكية وعدم اقتناء مدفآت لا تتوفر على شهادات المطابقة التي تمنحها المؤسسة الوطنية للمراقبة التقنية للمنتوجات. وأوضح محدثنا أن بعض تجار السوق السوداء يقومون باقتناء أرخص المنتجات من دول أجنبية تتميز بالنوعية الرديئة وبها أعطاب عديدة تجعل حياة المستهلك في خطر. مضيفا أنه مع تعدد الأنواع المتوفرة في السوق أصبح من الصعب على المستهلك اختيار النوع الصحيح من هذه السلع، وباعتبار المدفأة وسيلة ضرورية خلال فصل الشتاء بات البعض يقتني المنتوجات التي تشتغل بالغاز عشوائيا من دون السؤال عن مدى سلامتها ومطابقتها لمعايير السلامة العامة، خاصة أن بعض الأفراد يجعلون السعر العامل الوحيد في اختياراتهم ويهمشون بذلك الجودة المطلوبة.كما توقف السيد مترفي، عند أهمية اقتناء المنتوجات الوطنية التي تكون موادها الأولية مستوردة من دول أوروبية ومركبة محليا أو مصنوعة محليا كلية لأن المؤسسات الإنتاجية المحلية تخضع لدوريات رقابة صارمة للتوافق ومعايير السلامة المشترطة عالميا، ما يجعلها أكثر ضمانا من المنتجات التي يسجل عليها أنها أوروبية ذات جودة عالية، وفي الحقيقة ما هي إلا مقلَدة ومغشوشة. كما نصح محدثنا باختيار الأنواع التي تحتوي على «كاتاليزور»، وهو الجزء الذي يعمل على تسهيل تهوية الجهاز. «سوناريك» جودة مضمونة لكن كمية الإنتاج محدودة وفي هذا السياق أكد المتحدث باسم مؤسسة «سوناريك» بأن مؤسسته تولي أهمية كبيرة لجانب الأمن والسلامة في صناعة منتوجاتها حماية لحياة المستهلك، مضيفا أن «سوناريك» تنتج يوميا كمية تصل إلى 300 مدفئة، 100 آلة طبخ، و200 مكيف هواء، غير أن هذا العرض يبقى قليلا مقارنة بالطلب المتزايد على العلامة ولا يكفي للاستجابة لحاجيات المواطن الذي يثق في العلامة. وقال محدثنا إن مصنع «سوناريك» وبالرغم من أنه معروف بنوعيته الجيدة وطول مدة صلاحية منتوجاته فإن قدرته الإنتاجية تبقى محدودة ولا تكفي لسد حاجيات السوق الوطنية أو التصدير للخارج. الدولة مطالبة برفع الإنتاج الوطني لمحاربة الغش المستورد وفي هذا السياق دعا السيد حاج الطاهر بولنوار، رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين السلطات العليا إلى اتخاذ قرارات لحماية المنتوج الوطني ودعم المؤسسات الوطنية لتمكينها من رفع قدرتها الإنتاجية للتمكن من تلبية حاجيات السوق الوطنية والتقليل من الاستيراد خاصة فيما يتعلق بالمنتوجات الحساسة كأجهزة التدفئة التي تتسبب في حوادث مميتة. مؤكدا أن الإنتاج الوطني في مجال المدفآت لا يغطي سوى 20 بالمائة من حاجيات السوق، في حين تبقى نسبة 80 بالمائة من هذه الحاجيات مستوردة وأغلبيتها مقلّدة ومغشوشة. وأضاف محدثنا أن أكثر من 50 ٪ من أجهزة التدفئة المتداولة في السوق الجزائرية مغشوشة يتم استيرادها من الصين. مشيرا إلى أن القيمة المالية للمنتوجات الكهرومنزلية المقلّدة التي تمثل المدفآت الجزء الأكبر منها تصل إلى ما يقارب 10 ملايير دينار حسب دراسة قامت بها الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين. كما أشار السيد بولنوار، إلى أهمية توعية المواطن باقتناء منتوجات وطنية لاحترامها لمقاييس السلامة من جهة، وإمكانية تصليحها في حال تعرضها لعطب ما، كون المؤسسات الوطنية تضمن خدمات ما بعد البيع من جهة أخرى.وأشار السيد بولنوار، إلى أن العديد من الأفراد يرتكبون خطأ يتمثل في محاولة تركيب المدفأة بمفردهم دون اللجوء إلى شخص متخصص لتركيبها. مؤكدا أهمية اختيار مسرب الهواء المصنوع من مادة الإينوكس والحديد لأنهما أكثر صلابة وغير قابلين للإعوجاج على عكس تلك المصنوعة من الألمنيوم، التي لا تصمد لفترة طويلة حتى تظهر عليها بعض الثقوب، وبذلك يتسرب أكسيد الكربون المتصاعد من المدفأة والخطير على صحة الفرد، وينتج عنه إصابات واختناقات قد تصل إلى الوفاة. مدفآت تحولت لقنابل أودت بحياة 107 أشخاص ولا يزال مشكل المدافئ يتكرر سنويا مع حلول فصل الشتاء، وذلك بسبب العدد الكبير من السلع التي يتم تهريبها وحجبها عن مجهر الرقابة، وفي هذا السياق سجلت مصالح الحماية المدنية 107 قتلى منذ جانفي 2016 إلى غاية الآن. فيما تمكنت من إنقاذ 1350 شخصا أخرا تعرضوا لاختناقات الغاز المنبعث من المدفآت حسبما أكده الملازم الأول زهير بن أمزار، المكلف بالإعلام بالمديرية العامة للحماية المدنية في اتصال ب«المساء» أمس، والذي لم يستبعد تسبب مدفآت مغشوشة ولا تحترم شروط النوعية وأخرى غير مركبة بطريقة صحيحة ولم تخضع للصيانة في هذه الحوادث. وأمام هذه الوضعية تنصح مصالح الحماية المدنية المواطن بعدم استعمال أجهزة التدفئة بدون ترك تهوية للسماح بخروج الغازات السامة التي تنبعث من المدفآت. موضحة أن التهوية تبقى أفضل وقاية لإنقاذ حياة الإنسان حتى إذا كانت مدفئته مغشوشة ولا تحترم مقاييس النّوعية.