ينتظر أن تتمخض اليوم عن «الورشة الوطنية للمعالجة البيداغوجية ببسكرة»، عدة توصيات تشكل البديل الأنجع الذي يمكّن من تقديم «حلول تعليمية» يهتدي بها المفتشون والأساتذة في الميدان لعلاج مختلف الاختلالات والظواهر التي تؤثر سلبا على العملية التربوية، والتحصيل العلمي وترمي بظلالها على المجتمع، حضر هذا اللقاء الهام خبراء في التربية ومديرو القطاع بالولايات، ورئيس المجمع الوطني للغة العربية ورئيسا لجنة التربية بالغرفتين البرلمانيتين. وزيرة التربية الوطنية ذكرت خلال افتتاحها أمس، الورشة أن بلادنا التي استطاعت أن ترفع تحدي «التعليم للجميع» أخذت على عاتقها -في إطار تنفيذ إصلاح المنظومة التربوية- تحسين الممارسات البيداغوجية داخل القسم، مشيرة إلى أن مهمة القطاع اليوم لم تعد تقتصر على السماح لأكبر عدد ممكن من الأطفال بالالتحاق بمقاعد الدراسة فحسب، وإنما بلوغ الجودة والإنصاف للجميع ولا يتحقق ذلك حسب الوزيرة في كلمتها الافتتاحية دون مرافقة بيداغوجية للتلاميذ الذين يواجهون صعوبات في التعلّم، مضيفة أن غياب ذلك ينتج الرسوب المدرسي والتسرب اللذين يمكن أن يؤديا لظهور أشكال محتملة للتعبير العنيف ضد الآخرين وضد الذات، ولهذه الأسباب تؤكد المسؤولة فإن المعالجة البيداغوجية تقدم حلولا للتلاميذ الذين يجدون أنفسهم في حالة رسوب مدرسي، وأنها بذلك تعد إحدى الإجراءات لمكافحة حالات العنف المحتملة، وفي هذا الصدد ذكرت الوزيرة أن العنف يعالج في إطار جماعي شامل وهيكلي كل يتحمّل مسؤوليته، مشيرة إلى أن قطاعها الوزاري تكفّل بأخذ حصته من هذه المسؤولية الجماعية التي تشترك فيها عدة قطاعات وهيئات. الوزيرة تطرقت إلى الدور الكبير للصحافة في عملية التنبيه لحالات العنف المدرسي، لكنها دعت وسائل الإعلام إلى عدم خلق جو من الذعر ونشر الخطابات التشاؤمية والسوداوية التي قد تولد القلق عند التلاميذ والأولياء. وذكرت الوزيرة بالأشواط التي قطعتها الوزارة سعيا لوضع القطاع على السكة، قائلة بأنه تم تنظيم ملتقيين جهويين لتقييم نتائج الامتحانات الوطنية لجعل الولايات المتأخرة تلتحق بالولايات الأخرى، وتوج الملتقيان بمشاريع ولائية تم إعدادها من طرف مهنيي القطاع وأهل الاختصاص، ثم قامت الوزارة بعد ذلك بإطلاق دراسة لإحصاء وتحليل الأخطاء المتكررة التي يرتكبها مترشحو الامتحانات الوطنية، وذلك كي يسهل على الأساتذة التكفل بدقة بالصعوبات التي تواجه المتعلمين، خاصة فيما يخص التحكم في التعلّمات الأساسية (لغة عربية، رياضيات، لغة أجنبية)، تلتها مرحلة عرض نتائج البحث في يوم دراسي، مؤكدة أن لقاء اليوم «الورشة» الذي يعتبر المرحلة الأخيرة من المسار العلاجي الذي انطلق في 2015، سيتم خلاله ضبط «بروتوكول عملي» لفائدة المفتشين حتى يتمكنوا من مرافقة الأساتذة وتكوينهم للتكفل الأنجع بصعوبات التعلّم لدى التلميذ، ومن ثم وضع إستراتيجية وطنية للمعالجة البيداغوجية تأخذ في الحسبان الفروق الفردية بين المتعلمين ضمانا لتكافؤ الفرص، حيث تراعى خصوصيات كل تلميذ أو كل مجموعة من التلاميذ. وتابعت الوزيرة مفصلة أن حل مشكل التسرب المدرسي الذي ينتج أساسا عن عدم التكفل بصعوبات التعلّم لدى التلميذ، يقتضي تحديد طبيعة الصعوبات وتصور أدواتٍ للمعالجة البيداغوجية، وتكوين المتدخلين في الفعل التربوي بشكل ملائم، وأن الوزارة في هذا المجال تقول بن غبريط تكفلت بالشرطين الأولين وتقوم حاليا بالتكفل بالشرط الثالث عن طريق تكوين أفواج من المفتشين في مجال البيداغوجيا الفارقية والتربية الإدماجية. نريد أن نقود أكبر عدد من المتعلّمين نحو النجاح عن طريق تعزيز ثقة التلميذ بنفسه على هامش الندوة التي تختم اليوم، بتوصيات تكون بروتوكولا للاهتداء به في استكمال عملية الإصلاح التربوي، ذكرت الوزيرة أن حوكمة القطاع تحتاج إلى عقلنة التسيير والشفافية، وأن عملية المعالجة البيداغوجية ليست سهلة وأن ما تقوم به الوزارة هو رقمنة القطاع بما فيه الجانب البشري الهياكل وسيرورة التمدرس. وأن عملية الإصلاح لا تتم بدون توفير بنك للمعلومات «نعرف من خلاله العدد الفعلي للإطارات العاملة في الميدان»، كما ذكرت أن الصعوبات التي يواجهها التلميذ في الميدان تم تحديدها من خلال التحقيق في تسع ولايات - والعملية مستمرة- وأنه سيتم خلال الورشات تحديد البديل لمعالجة الأخطاء التي هي نتيجة تراكم الصعوبات منذ المرحلة الابتدائية، مما يؤدي إلى الفشل المدرسي في حال عدم الأخذ بعين الاعتبار بهذه الصعوبات ومعالجتها في وقتها، ولم تخف بن غبريط، أنها التقت الخميس الماضي، باحثين جامعيين يشرفون على مخابر للغة العربية، وأنهم أبدوا استعدادهم لمساعدة الوزارة في تكوين المفتشين والأساتذة. أما بشأن التقاعد المسبق لإطارات القطاع فقد اعترفت الوزارة أن العدد بدأ يرتفع منذ 2013، لكن هناك بعض الإطارات المحالة على التقاعد تساعد القطاع بدون مقابل، وهم موجودون في هذه الورشة. المقترحات المتعلقة بامتحان البكالوريا على طاولة الحكومة كما طمأنت الوزيرة تلاميذ المستوى النهائي أنه لا تغيير في نظام امتحان البكالوريا لهذا الموسم، وأن ما تعمل الوزارة على تجسيده هذه المرة هو تحسين المواضيع وجعلها مفهومة في انتظار الموافقة على العمل بالمقترحات الجديدة المتعلقة بالتقييم المستمر وتقليص عدد أيام الامتحانات التي لا تزال موجودة على طاولة مجلس الحكومة، مضيفة بشأن زيادة مراكز الامتحانات لتخفيف المتاعب عن التلاميذ أن هذه العملية تتماشى وفق معطيات عقلانية موضوعية تخص ديوان الامتحانات والمسابقات، وأن هناك مقاييس مضبوطة لاختيار أي مؤسسة كي لتكون مركز إجراء، وأنها ستدرس ما سيقترحه مديرو التربية. للإشارة فقد قامت الوزيرة أمس، بتدشين ثانوية الشهيد سي الحواس، ومعاينة ورشة إنجاز ثانوية بالمنطقة الغربية لمدينة بسكرة، إلى جانب تفقد مرفق لطب العمل، واستمعت خلال الورشة للجلسة الأولى التي ضمت ثلاث مداخلات، منها اثنتان حول مجال اللغة العربية والرياضيات للمستويين الابتدائي والمتوسط، وثالثة حول قاعدة المعطيات للأخطاء ومعالجة الإعلام الآلي التي يشرف عليها المرصد الوطني للتربية والتكوين. كما استمع المشاركون من خبراء ومفتشين وأساتذة في الأطوار الثلاثة خلال الجلسة الثانية لمداخلتين حول استراتيجية المعالجة – التصور العام ومستويات التعديل العلمي، وكذا الاستغلال الرقمي للمعطيات البيداغوجية. بن غبريط تكشف ل « المساء»: إجراءات «نظامية وأمنية» لوضع حد للعنف المدرسي كشفت وزيرة التربية الوطنية، نورية بن غبريط أمس، في تصريح حصري ل«المساء» على هامش الورشة الوطنية للمعالجة البيداغوجية المنعقدة ببسكرة، أن إجراءات قانونية نظامية أمنية يتم التحضير لها للتصدي لظاهرة العنف. وأفادت ممثلة الحكومة في تصريحها، أن عزوف الناجحين في المسابقات الوطنية للتوظيف في قطاع التربية عن الإلتحاق بمناصب عملهم، يمكن تفسيره بأنهم في غنى عن تلك الوظائف، معتبرة أن من يكون في حاجة العمل ينبغي عليه أن يقبل التعيين بمناطق نائية بعيدة عن مقر السكن. وأوضحت في معرض حديثها أن مصطلح البطالة له دلالات كثيرة عندما قالت «إن مسألة البطالة معقدة، وعند الحديث عن هذا الأمر لا يمكن القول إنه لا توجد مناصب أو عروض عمل» بل لأن هناك مناصب بحاجة لمن يشغلها، لأسباب مختلفة حسب مسؤولة قطاع التربية، قد تكون لسبب البعد عن مقر السكن، أو لا تلبي رغبة المعني، مؤكدة أن البطالة ببلادنا تختلف عن باقي بلدان العالم. واسترسلت قائلة «إن الشباب عند تخرجه من الجامعة الجزائرية يفضل البطالة عن العمل، لاسيما إذا لم تلب رغبة وضعها الطالب نصب عينه خلال دراسته الجامعية» وهذا يعني حسبها أن هؤلاء البطالين متكفل بهم من طرف أسرهم، خلافا للبطالة بالبلدان الأخرى التي تلزم البطال القبول بممارسة نشاط معين للحصول على أجر، مؤكدة أن الاحتجاجات التي تنظم من حين لآخر للمطالبة بالعمل ليست دائما في محلها. وقالت إن الورشة المنعقدة ببسكرة، تساعد حتما على إيجاد آليات فعّالة للخروج باستراتيجية متكاملة، تركز على ملاحظة التلاميذ الذين هم في حالة إخفاق مدرسي وفي وضعية فشل، مضيفة بأن هناك من لهم إستعداد فطري لممارسة العنف، وهم الأغلبية الذين فشلوا في مسارهم الدراسي. ومن بين الأولوية للمعالجة البيداغوجية، مرافقة التلميذ لتغطية جانب الضعف في بعض الميادين الدراسية، وتحليل بصفة غير مباشرة ظاهرة العنف، كاشفة عن إجراءات قانونية نظامية أمنية يتم التحضير لها، للتصدي لظاهرة العنف بشكل جذري. نورالدين.ع