أكد المشاركون في ندوة تاريخية أمس، حول ذكرى وقف إطلاق النار المصادفة ليوم 19 مارس 1962، أن هذا الحدث التاريخي، يعد تتويجا لمبدأ الانتصارات التي حققها الشعب الجزائري انطلاقا من نوفمبر 1954، موضحين أن فرنسا جلست مرغمة إلى طاولة المفاوضات كآخر ورقة لحفظ ماء وجهها. وأوضح المجاهد والوزير الأسبق محمد كشّود في تدخل له خلال هذه الندوة التاريخية،، نظمت بمدرج الشهيد «محمد بوراس» بالمتحف الوطني للمجاهد بالعاصمة، بمناسبة إحياء الذكرى ال55 لعيد النصر تحت شعار «الوفاء والبناء بالعزة والكرامة»، بحضور شخصيات تاريخية ومجاهدين والأمين العام لجبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس، أنه لابد أن ينظر لهذه المناسبة التاريخية على أساس أنّها وليدة سلسلة من المحطات التاريخية المتتالية في تاريخ الثورة التحريرية انطلاقا من تاريخ تفجير الثورة يوم الفاتح نوفمبر 1954، الذي يعد انتصارا أثمر وقف إطلاق النار بين جبهة التحرير الوطني والجيش الفرنسي. وأضاف كشّود في هذا الاطار، أن الحكومة الفرنسية أبت في بادئ الأمر الدخول في مفاوضات مع الحكومة المؤقتة، باعتبار أن ذلك في نظرها يقزّم من حجمها ومكانتها كأكبر قوة عسكرية في العالم، موضحا أنّها في الأخير أذعنت خاضعة للجلوس ندا للند إلى طاولة المفاوضات مع جبهة التحرير الوطني الناطق باسم الحكومة المؤقتة والممثل الشرعي والوحيد للشعب الجزائري، لاقتناعها بعدم التمكن من جعل الجزائر قطعة تابعة لفرنسا، إلى جانب تشوّه سمعتها وخسارة مصالحها في الداخل والخارج. كما أكّد أستاذ التاريخ عبد الكريم مناصر من جامعة البليدة في مداخلة له في هذه الندوة التي نظمت تحت رعاية وزير المجاهدين الطيّب زيتوني بعنوان «المحطات التاريخية الكبرى المتوجة لاتفاقيات إيفيان»، أن هذه الأخيرة سبقتها عدة لقاءات جرت بين الوفد المفاوض والحكومة الفرنسية بكل من القاهرة وبلغراد وروما في إطار ما يسمى مرحلة جس النبض، مشيرا إلى أن جوهر هذه الاتفاقيات كان ثلاثية الاستقلال ووحدة الشعب والتراب، وهو ما جعل فرنسا تراوغ من أجل تجاهل هذه الشروط وقبلت بها في آخر المطاف. وقال السيد مناصر في هذا الشأن: «إن المبدأ الذي قام عليه التفاوض الجزائري الفرنسي، مستمد من بيان أول نوفمبر 1954، الذي يعد المرجعية التاريخية الأساسية للثورة المسلحة..». وبدوره، أكد المجاهد سعادة مسّوس في مداخلة له في الموضوع تناولت الجانب القانوني للذكرى، أن وقف إطلاق النار المصادف ل19 مارس 1962 مهّد بعد 5 أيام للشروع في اتفاقيات إيفيان من خلال إعداد تقارير وملاحق تخص اجتماعات وفود الطرفين (الجزائري-الفرنسي)، تناولت بالأساس محاور تخص كيفية وشروط إجراء الاستفتاء، وتحديد طبيعة الحملة الانتخابية، إلى جانب محاور تخص الاستشارة ومراقبتها من قبل لجنة وطنية، معتبرا أن سر نجاح هذه المفاوضات بالنسبة للطرف الجزائري، يكمن في رفض إملاءات وشروط الحكومة الفرنسية خاصة المتعلقة بفصل الصحراء مع إبقاء استغلال ميناء وهران وعنابة.