ينتظر أن تشهد بلدة بني بوفراح الساحلية بمدينة الحسيمة في قلب منطقة الريف في أقصى شمال المغرب، اليوم، تدفق آلاف المغربيين تلبية لنداء «لجان الحراك الشعبي» لتنظيم تجمع ضخم للتعبير عن تذمرهم من أوضاعهم المعيشية والإجراءات الأمنية المفروضة عليهم لمنعهم من مواصلة مسيراتهم الاحتجاجية. ويعتزم المتظاهرون رفع شعار موحد «التنديد بالقمع» الذي تعرض له متظاهرون من طرف قوات الأمن المغربية أول أمس الخميس، حيث كادت أن تخرج مسيرة سلمية في هذه البلدة عن إطارها المطلبي إلى مواجهات دامية مع تعزيزات قوات الشرطة والدرك. وسبق لهذه البلدة الساحلية المعزولة أن شهدت في الرابع من الشهر الجاري، تنظيم مسيرة سلمية شارك فيها مئات المواطنين للمطالبة بتحسين ظروف معيشتهم ولكنهم سرعان ما تفاجأوا بتدخل عنيف لتعزيزات قوات الأمن التي استعملت شتى أساليب القمع لتفريقهم، قبل أن تشن حملة اعتقالات في صفوفهم في محاولة لثنيهم عن مواصلة حراكهم الشعبي ضد سياسات وحيف السلطات المركزية في الرباط. وطالبت لجان الحراك الشعبي في هذه المنطقة التاريخية بمحاكمة مسؤولي الأمن في بلدتي بني بوفراح وبني جميل التابعتين لمدينة الحسيمة، ومن أسمتهم ب«البلطجية» الذين شاركوا في ما أصبح يعرف ب «الخميس الأسود» في منطقة الريف.وتعد هذه المسيرة وطرق تعامل البوليس المغربي معها سوى حلقة في مسلسل المسيرات والاعتصامات التي ما انفك ينظمها سكان مختلف مدن منطقة الريف للمطالبة بتحسين ظروف معيشتهم اليومية من خلال إقامة مشاريع استثمارية واجتماعية الى جانب إزالة مظاهر العسكرة التي تعيشها بسبب التعزيزات الأمنية التي تم إرسالها إلى هذه المنطقة منذ الأحداث التي تلت عملية مقتل صياد السمك المغربي محسن فكري، شهر أكتوبر الماضي. وكانت حادثة مقتل هذا الحوات بأبشع الصور عندما طحنته شاحنة لجمع القمامة وهو يحاول منع إقدام أحد عناصر الشرطة على إتلاف ما جاد عليه البحر من أسماك كان يعتزم بيعها لإعالة أفراد أسرته في مدينة الحسيمة، بمثابة الشرارة الأولى لهذا الحراك الذي يبدو أنه يزداد حدة من أسبوع إلى آخر. ولم تتمكن السلطات المركزية في الرباط من إطفاء ناره رغم قراراتها بإقالة عدد من المسؤولين الأمنيين والإداريين، ليتأكد مع مرور الأسابيع أن الوضع في هذه المنطقة الثائرة لن يتم احتواؤه بمجرد قرارات فوقية بإبعاد مسؤولين محليين خاصة وأن الحكومة المغربية لم تستطع طيلة نصف عام من تلبية مطالب ساكنة هذا الإقليم، وهي مدة استغلها هؤلاء لوضع إطار تنظيمي لهم أصبح يعرف ب«لجان الحراك الشعبي» في منطقة الريف. ويتأكد مع هذه التطورات أن الحراك سيتواصل ولا شيء يوحي أنه سيتوقف بمجرد وعود ما انفك الملك محمد السادس. يقدمها واستعصى تجسيدها على ارض الواقع، إذا سلّمنا بمضمون بيان لجان هذا الحراك أول أمس، والتي أكدت على «تجسيد تضامننا الميداني ووحدتنا في مواجهة تبنّي الحكومة لغة القمع والبلطجة بدل لغة الحوار والاستجابة للمطالب العادلة والمشروعة للسكان». وأمام احتمالات تعفن الوضع في ظل حالة الاحتقان القائمة، حمّل ناصر الزفزافي، أحد الوجوه البارزة في قيادة موجة الاحتجاجات، مسؤولية مباشرة للملك محمد السادس، بصفته رئيسا للدولة في كل ما يتعرض له سكان هذه المنطقة من تضييق أمني بما فيها تسخير «البلطجية» ضد المتظاهرين وحمّله مسؤولية مباشرة في ضمان أمنهم وسلامتهم وحتى خروج الوضع من نطاق التحكم إلى ما هو أسوأ.