تنظم الدكتورة صباح العياشي رئيسة مخبر التنمية والوقاية من الانحراف والإجرام بجامعة الجزائر "2" ابو القاسم سعد الله، أيام 20، 21 و22 ماي الجاري، فعاليات المؤتمر الدولي حول الإستراتيجية الوقائية لترسيخ ثقافة السلامة المرورية، آليات عملية لتفعيل دور الأسرة والفاعلين الاجتماعيين. يشهد العالم اليوم العديد من الظواهر والآفات التي تهدد أمن وسلامة الإنسان والمجتمع معا، ولعل أبرزها الارتفاع الرهيب لحوادث المرور التي صارت تخطف أرواح الأبرياء في كل دقيقة، ناهيك عما تسببه من إعاقات وتشوهات مستديمة، وخسائر مادية ضخمة تشكل عبئا ثقيلا على عاتق الأسرة والمواطن والدولة ومؤسساتها. تؤكد المنظمة العالمية للصحة والبنك الدولي أن حوادث المرور تقتل حوالي 1.3 مليون شخص سنويا، وتؤدي إلى إعاقة ما بين 20 إلى 50 مليون شخص سنويا، مما يدل على هول الخسائر البشرية. ورغم كل الجهود البشرية والمادية المعتبرة التي تبذلها المؤسسات الرسمية المعنية للحد من استفحال هذه الآفة، فإننا ندق ناقوس الخطر بالنظر إلى الإحصائيات التي تعكس معاناة مختلف الدول، بما فيها الجزائر. وعلى مستوى الترتيب العالمي، تحتل الجزائر المرتبة الرابعة عالميا والأولى مغاربيا وعربيا، مما يتطلب إعادة النظر في طبيعة تشخيص الخلل والاستراتجيات المعتمدة حاليا في مجابهة تنامي حوادث المرور، بالتالي العمل على إيجاد وإرساء آليات عملية لتفعيل دور مختلف الفاعلين، وفي مقدمتهم الأسرة. ما نلاحظه اليوم وجود ثغرات مختلفة تتعلق بطبيعة التنشئة الاجتماعية الخاصة بترسيخ الثقافة المرورية الوقائية، خاصة عند أفراد الأسرة، ثم الفاعلين الاجتماعيين الآخرين، على غرار المدرسة ومؤسسات الإعلام، المؤسسات الدينية (المسجد)، مدارس تعليم السياقة وأمن الطرق بكل معانيه، إلى باقي مؤسسات المجتمع المدني... يستدعي بناء استراتجيات حديثة لترسيخ ثقافة مرورية فعالة تتماشى واهتمامات وانشغالات الدولة والمجتمع معا، بحيث تبدأ من نشر الوعي الوقائي داخل الأسرة أساسا والمدرسة، من خلال تقديم رسائل قوية ومهارات اجتماعية وتوفير خطاب إعلامي يدعم الإستراتجية المرجوة لتحقيق نتائج مرضية، بالموازاة مع توفير الوسائل المادية والأمنية اللازمة. إن "إرهاب الطرق" اليوم انعكس على السلوكات اليومية لأفراد الأسرة، جراء معاناتهم من مشكلات نفسية، اجتماعية، اقتصادية، وصحية أثقلت كاهل الأسرة بأكملها، لأن بناء سلوك الإنسان يبدأ منها، وإذا كانت سليمة من كل الأخطار سلم المجتمع كله، بالتالي يمكننا طرح التساؤلات التالية: كيف يمكن للأسرة ومختلف الفاعلين في المجتمع أن يساهموا في تفعيل التربية المرورية وترسيخ الثقافة المرورية الوقائية لدى مختلف شرائح المجتمع ؟ وما هي الآليات العملية التي يتكامل من خلالها دور الأسرة مع باقي الفاعلين في المجتمع من أجل إنجاح المواطنة وتجسيد الاستراتجيات المعتمدة من طرف الدولة لثقافة مرورية حضارية في مجتمعنا، انطلاقا من الأسرة ؟ وما هي أهم التجارب الدولية للحد من حوادث المرور والوقاية منها. يسعى هذا الملتقى إلى تقديم رؤية متكاملة لاستراتجية وقائية فعالة، ترتكز على بناء سلوك الإنسان وترسيخ ثقافة مرورية حضارية في حياته اليومية، سواء كان سائقا مستعملا للسيارة أو راجلا مستعملا للطريق، وفق قيم حضارية أخلاقية تحترم القانون من خلال ما يلي: تشخيص مشكلات السياقة ونتائجها النفسية والاجتماعية والاقتصادية والصحية على الفرد والمجتمع، وفتح حوار علمي حول دور الأسرة في الوقاية من حوادث المرور بين الباحثين والمتخصصين في كل الميادين (علم الاجتماع، علم النفس، الحقوق...) ومختلف الهيئات الرسمية، وإبراز دور الأسرة والفاعلين الاجتماعين كالمدرسة، مراكز الأمن، هيئات وزارية، الإعلام، المسجد، مدارس تعليم السياقة، المجتمع المدني (جمعيات)، شرطة المرور، الدرك الوطني والحماية المدنية في بناء وترسيخ الثقافة المرورية. التحسيس بضرورة تفعيل الردع القانوني في إطار خصوصية المجتمع، والاستفادة من التجارب الدولية الناجحة في الحد من حوادث المرور والوقاية منها واقتراح آليات عملية متكاملة لبناء استراتيجية فعالة تعمل على الوقاية من حوادث المرور، بهدف مساعدة الأسرة وتفعيل دورها مع مختلف الفاعلين داخل المجتمع.