أبرز الوزير الأول عبد المجيد تبون، أمس، الدور المحوري الذي سيلعبه أعضاء مجلس الأمة في برنامج توسيع الولايات المنتدبة على مستوى مناطق الهضاب العليا، والذي سيتزامن مع ترقية الولايات المنتدبة الجنوبية إلى ولايات كاملة الحقوق قبل نهاية العام، مؤكدا في سياق متصل بأن الحكومة تعتزم في إطار مخطط عملها للمرحلة القادمة توجيه مجهوداتها نحو ترقية التنمية، وتحسين الإطار المعيشي للسكان على مستوى البلديات والقرى النائية والمناطق الحدودية. وأشار السيد تبون، في عرضه لمخطط عمل حكومته بالغرفة العليا للبرلمان، إلى أن الحكومة التي ستعمل على تصويب جهودها وفق أولويات ذات مردود أكبر وأسرع على الاقتصاد الوطني، وانعكاس واضح ومضمون على المستوى المعيشي للمواطن، سترفع التجميد على المشاريع ذات البعد الجواري وتخصص موارد مالية هامة لتنمية البلديات والقرى خاصة على مستوى المناطق الحدودية، فضلا عن الاستعانة بموارد صندوق الجماعات المحلية وتفعيل التضامن بين البلديات. وأبرز تبون في هذا الصدد الدور المحوري الذي سيلعبه أعضاء مجلس الأمة، في دعم هذه الجهود من خلال الإسهام في برنامج توسيع الولايات المنتدبة إلى مناطق الهضاب العليا، في الوقت الذي يرتقب أن تستكمل فيه الحكومة هذا البرنامج بترقية الولايات المنتدبة المستحدثة على مستوى الجنوب إلى ولايات كاملة الحقوق قبل نهاية العام الجاري. وأكد تبون، أن الحكومة ستعمل ضمن مسعى تكريس الوظيفة الاجتماعية للدولة، على الحفاظ على آليات الإدماج الاجتماعي والوفاء بخدمة الفئات الهشة وذوي الحقوق والاحتياجات الخاصة وفئة المتقاعدين، بما فيها الفئات المنتمية للجيش الوطني الشعبي وبعض الأسلاك شبه النظامية، مشيرا إلى استعداد الجهاز التنفيذي ضمن خطته العملية لمباشرة مراجعة عميقة لأساليب تسيير الميزانية العمومية على المستويين المركزي والمحلي، مع وضع ميكانيزمات للمرافقة، وإعادة تحديد الميزانية وفق الأهداف المبرمجة على المستويين القصير والمتوسط، وإرساء قواعد النجاعة في بعث المشاريع ومكافحة التبذير واستحداث موارد تمويل بديلة قصد تنفيذ النموذج الجديد للنمو وبناء اقتصاد تنافسي ومتنوع تكون قاطرته المؤسسة. وذكر الوزير الأول بالمناسبة بمختلف العمليات التي يتضمنها مخطط عمل الحكومة القائم على 5 محاور أساسية تشمل ترقية الديمقراطية والحكم الراشد والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، مع الالتزام بمواصلة مسعى تعزيز دولة القانون وترقية الحريات، وكذا التأكيد على مكانة الجزائر دوليا ودورها في ترقية السّلم والاستقرار عبر العالم، وتعميق محاور مسار إصلاح قطاع العدالة وإصلاح الإدارة ومحاربة البيروقراطية. وتراهن الحكومة من خلال خطة عملها المصادق عليها من قبل نواب المجلس الشعبي الوطني نهاية الأسبوع الماضي، على مواصلة الحفاظ على المكتسبات الاجتماعية وتعزيزها، وإرساء أكبر قدر من الشفافية في النشاط الاقتصادي والتجاري وتحسين مناخ الأعمال، مع منح الجماعات المحلية دورا أساسيا في تنمية الاقتصاد الوطني. وخلال شرحه لهذه المحاور أكد الوزير الأول، أن مخطط حكومته يهدف إلى الحفاظ على انسجام المجتمع وإعادة ترتيب الأولويات حسب المعطيات الظرفية والموضوعية، عبر إعطاء الأولوية لترجمة الأحكام الجديدة للتعديل الدستوري الأخير إلى نصوص قانونية وتنظيمية وإلى تعزيز حقوق المواطنين والحريات وعصرنة الخدمات العمومية. كما سيتم حسب السيد تبون التأكيد على ترسيخ مكونات الهوية الوطنية بكل أبعادها «دعما للوحدة الوطنية وابتعادا عن التعصب والتطرف والتفسخ الثقافي، كما سيسخر جهد خاص لأخلقة الحياة العامة والاستجابة لمطلب شعبي ملح في شفافية كاملة وضمانات أقوى للعدل والمساواة في مختلف ميادين الحياة المجتمعية والسياسية والاقتصادية بالإضافة إلى تكريس حرية التعبير». وشدد تبون، بالمناسبة على حرص الحكومة على ترقية ممارسة دينية وسطية في كنف المرجعية الإسلامية والوطنية، مؤكدا من جانب آخر مواصلة الجيش الوطني الشعبي مهامه الدستورية في الحفاظ على الاستقلال والسيادة الوطنية والدفاع عن سلامة التراب الوطني وأمن الأشخاص والممتلكات، وتأكيد المواقف السيادية في السياسة الخارجية والمساندة للقضايا العادلة وتعزيز الروابط مع الجالية الوطنية المقيمة بالخارج من خلال الحفاظ على حقوقها والتكفل بانشغالاتها. وجدد الوزير الأول التزام حكومته بفتح قنوات الحوار والتشاور مع جميع مكونات النسيج الوطني السياسية والنقابية والأكاديمية والجمعوية، بهدف شرح مسعاها وتحقيق إجماع يسهل بلوغ الأهداف المسطرة في مخطط عملها، مبرزا في هذا الخصوص وعي الحكومة بأن تحقيق الإجماع حول القضايا الوطنية ذات الأهمية سيسهل كثيرا بلوغ الأهداف المسطرة في مخطط عملها الرامي إلى استكمال تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية. كما أشار في نفس الصدد إلى أن الحكومة التي ستعمل على تعزيز الثقة بين الدولة وفئات الشعب لكسب انخراطها في تحقيق هذا المسعى، «ستبتعد عن الجدال العقيم وتركز جهدها الجماعي على إنجاز مهمتها كاملة، مع تقديم استقرار البلاد وانسجام المجتمع على كل الاعتبارات والظروف». وإذ دعا جميع الفعاليات الوطنية إلى العمل مع الجهاز التنفيذي وكل المخلصين من أجل «كتابة صفحة جديدة في مسيرة الأمة الجزائرية»، أعلن السيد تبون، أنه سيتم وضع آليات تفاعلية لمراقبة النشاط الحكومي لتحديد العوائق والصعوبات ومعالجتها بطريقة سريعة وفعّالة، ليختم الوزير الأول عرضه بإبراز تطلع الحكومة باهتمام إلى آراء وملاحظات واقتراحات أعضاء مجلس الأمة في إطار مناقشتهم للمخطط بما يعزز التعاون بين المؤسسة التشريعية والجهاز التنفيذي، ويسهم في دعم مسيرة الوطن على نهج الاستقرار والتنمية والحداثة وتكريس تقاليد الممارسة الديمقراطية.